جنيف- قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنه يتابع بقلق كبير اتساع ظاهرة العنف المنظم ضد المسلمين بأوروبا، خصوصاً أنها بدأت تأخذ منحى خطيراً عبر تحول الجريمة ضد المسلمين إلى جريمة منظمة تقف خلفها مجموعات وهيئات تغذي الكراهية وتدفع الأموال لتشجيع ممارسة الجرائم ضد المسلمين بأوروبا، معتبرا ذلك "تراجعاً مخيفاً ستكون له آثار كارثية على السلم المجتمعي بأوروبا إن لم تتخذ الحكومات موقفاً حاسماً وموحداً إزاء هذه الجرائم"

 

   على الشرطة البريطانية التصرف بشكل حاسم مع الجهات التي تقف خلف حملات التحريض على استهداف المسلمين في البلاد   

وحذر الأورومتوسطي في بيان صحفي اليوم الأحد من وقوع جرائم كراهية ضد المسلمين المقيمين في بريطانيا، عقب قيام جهة مجهولة بنشر رسائل تحريضية في مناطق مختلفة من العاصمة البريطانية لندن تدعو لمعاقبة المسلمين وإلحاق الأذى بهم، مؤكدًا أن مثل هذه الدعوات من شأنها أن تشجع على ارتكاب المزيد من أعمال العنف ضد المسلمين المقيمين في تلك المناطق.

وقال الأورومتوسطي -يتخذ من جنيف مقرًا رئيسًا له- إن الرسائل والتي حملت عنوان "يوم معاقبة المسلمين"، مليئة بالتحريض المباشر ضد المسلمين، حيث تعهدت الجهة القائمة على نشر هذه الرسائل بتقديم جوائز قيّمة لكل شخص يرتكب أي ممارسة عنصرية تستهدف المسلمين، سواء كانت لفظية أو جسدية.

وبين المرصد أن هذه الرسائل تم إلقاؤها أمام المساجد وخارج المؤسسات والأماكن العامة، إضافة إلى تلقي مئات الأشخاص وبشكل عشوائي رسائل إلكترونية تدعو لمهاجمة المسلمين في كل مكان والاعتداء عليهم، وقد حددت الجهة المرسلة موعد 3 نيسان/إبريل للقيام بذلك.

وأوضح المرصد الحقوقي أن الجهة المسؤولة أوردت في رسائلها الممارسات المطلوب ارتكابها ضد المسلمين، ورصدت مقابل كل ممارسة نقاط تمثل مكافأة ممنوحة لفاعلها، حيث رصدت 25 نقطة كمكافأة مقابل تجريد المرأة المسلمة من حجابها، ورصدت 50 نقطة لمن يلقي على مسلم مواد حارقة (مادة الأسيد)، في حين يحصل على 1000 نقطة من يقوم بحرق أو تفجير مسجد.

وأشار الأورومتوسطي إلى أن مركزي شرطة "ميتروبوليتان" و "برافدفورد" في العاصمة البريطانية لندن ذكرا أنهما تلقيا العديد من البلاغات من أشخاص تفيد باستلامهم رسائل تدعو إلى التحريض والعنف ضد المسلمين، مطالبًا الشرطة البريطانية باتخاذ موقف حازم تجاه الأشخاص القائمين على تلك الممارسات، خاصة وأنهم حددوا عنوانًا لتلقي الاستفسارات، الأمر الذي يعني إمكانية تحديد الجهة القائمة على نشر الرسائل وملاحقتها.

وأشار الأورومتوسطي أن جرائم الكراهية ضد المسلمين تصاعدت بشكل غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة في بريطانيا وأوروبا بشكل عام، حيث سجلت مدينة لندن العام الماضي (2017) ارتفاعًا ملحوظًا في عدد هذه الجرائم بنسبة 40%، في حين أعلنت وزارة الداخلية الألمانية أن عدد الجرائم الموجهة ضد المسلمين ومساجدهم في ذات العام بلغت حوالي 950 هجومًا.

وفي السياق نفسه، ذكر الأورومتوسطي أن أحد الأشخاص التابعين للحزب اليميني الداعي إلى العنصرية والتحريض على العنف ضد المهاجرين في مدينة "فلورنسا" بإيطاليا قام قبل أقل من أسبوع بإطلاق 6 طلقات نارية على بائع سنغالي متجول يبلغ من العمر (54 عامًا) وأرداه قتيلًا على الفور، وتأتي هذه الحادثة بعد حوالي شهر واحد من قيام شاب ينتمي أيضًا لذات الحزب في مدينة "ماتشيراتا" الإيطالية بإطلاق النار على 6 أجانب من أصول أفريقية.

وعبّر المرصد الدولي عن بالغ قلقه إزاء الأوضاع التي يعيشها المسلمون في أوروبا والذين يشكلون قرابة 4.9% من إجمالي عدد السكان، حيث باتوا تحت تهديد ما يعرف بـ "الإسلاموفوبيا" وذلك من خلال بث وإذاعة الخوف والكراهية من الإسلام والمسلمين، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الممارسات من شأنه أن يخلق مناخًا من الخوف ويُخشى أن يدخل في دائرة لا تنتهي من الفعل ورد الفعل.

وطالب المرصد الأورومتوسطي الاتحاد الأوروبي بضرورة اتخاذ موقف موحد وصارم تجاه هذه الممارسات، وبذل المزيد من الجهود اللازمة لاحترام حقوق المهاجرين ومعتقداتهم الدينية وعدم التعرض لهم بالأذى أو التحريض، فضلًا عن تجريم هذه الممارسات والداعين إليها وتقديم مرتكبيها للعدالة.