جنيف- نظم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومؤسسة GIWEH اليوم الثلاثاء ندوة على هامش الدورة 37 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، لمناقشة أوضاع المدنيين في ظل النزاعات المسلحة وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
وفي كلمةٍ حول انتهاكات حقوق المدنيين عبر سياسة القتل العشوائي وعدم التمييز في اليمن، بيّن مسؤول قسم المناصرة في الأورومتوسطي "يوسف الجمل"، أنّ آلاف اليمنيين -أغلبهم من المدنيين- قتلوا على يد مختلف الأطراف المتحاربة في اليمن.
رواندا، سربرينتيسا، كوسوفو، والأزمة المستمرة في فلسطين، جميعها حالات تثبت فشل الفيتو في حماية السكان المدنيين
سارة بريتشيت، المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي
وأوضح "الجمل" أنه ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، فإن 56% من القتلى في اليمن قضوا في غارات للتحالف العربي، الذي يتكون بشكل رئيس من قوات سعودية وإماراتية، والذي بدأ حملته العسكرية على اليمن في العام 2015.
وكانت عدد من المنظمات الحقوقية قد وثقت في عام 2017، مقتل نحو 600 مدني يمني، بينهم 100 طفل و59 امرأة، في 80 غارة نفذتها مقاتلات التحالف العربي.
وأكد الجمل خلال كلمته أنّ ميليشيات الحوثي وصالح تتحمل كذلك المسؤولية عن قتل وإخفاء مئات المدنيين اليمنيين، مشيرًا إلى أن أمن واقتصاد اليمن وصل إلى مستويات حرجة بعد أكثر من 3 سنوات على بدء الحرب.
وطالب "الجمل" المجتمع الدولي بتوفير الحماية للمدنيين اليمنيين في الحرب الدائرة من خلال الضغط على التحالف العربي والمسلحين لوقف استهداف المدنيين، داعيًا المنظمات والهيئات الدولية لإدانة الهجمات التي تستهدف أرواح الأبرياء في اليمن.
وقال مسؤول قسم المناصرة في الأورومتوسطي :"ينبغي على كل الأطراف غي اليمن، سواء القوات السعودية والإماراتية عبر عملياتها ضمن التحالف العربي، أم مسلحي الحوثي وصالح من الناحية الثانية، التوقف الفوري عن استهداف المدنيين وتحييدهم عن آلام حربٍ لا شأن لهم فيها".
من جهتها، ناقشت "سارة بريتشيت"، المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي، الأثر السلبي لسوء استخدام حق النقض (الفيتو) على المدنيين وتصاعد الإرهاب في سوريا.
واستعرضت "بريتشيت" حالات أدى فيها سوء استخدام ميزة الفيتو من قبل الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن إلى فشل حماية السكان المدنيين وحفظ الأمن والسلم الدوليين، لا سيما في كل من رواندا، سربرينتيسا، كوسوفو، وأزمة الاحتلال طويل الأمد في فلسطين، وأخيراً في سوريا.
وأوضحت "بريتشت" أن الأورومتوسطي عمل على إعداد دراسة متكاملة ستصدر قريباً، رصدت الانعكاس السلبي لسوء استخدام الفيتو في مجلس الأمن على المدنيين في سوريا، وهو ما أفرز نتائج عكسية أدت إلى تنامي ظاهرة الإرهاب بسبب اليأس وضعف الإيمان بالعدالة الدولية. مشيرة إلى أنه ومنذ بدء الأزمة السورية، تم استخدام الفيديو ضد 9 قرارات من أصل 15 قرارًا هدفت إلى وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان.
وتناولت الباحثة في المرصد الأورومتوسطي، "غادة الريان"، في كلمتها خلال الندوة أثر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 12 عامًا، على الاقتصاد المعيشي وتنامي البطالة بين الغزيين، والتي وصلت نسبتها بين اللاجئين في غزة إلى ما يزيد على 47%.
وجددت "الريان" تأكيد المرصد على أن غزة فعليا لم تعد مكاناً صالحا للعيش في ظل حالة الإغلاق المستمر، مشددة على ضرورة عمل المجتمع الدولي لرفع الحصار عن القطاع، و إنهاء عزلة الفلسطينيين. وتحدثت الريان عن أثر الانقسام الفلسطيني وتقليص ساعات الكهرباء ورفض التحويلات الطبية للمرضى في قطاع غزة، على تفاقم الأوضاع السيئة أصلا للمدنيين.
وأوصت الريان بتدخل دولي وإقليمي مؤثر و غير منحاز لضمان إنهاء الحصار والاحتلال الإسرائيلي ككل، والتوصل إلى حل يوفر الأمن الدائم للسكان وفق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
أما الباحث والمختص في شؤون الشرق الأوسط، أحمد القريشي، فتحدث عن انتهاكات منظومة العدالة في العراق وأثر ذلك على الاستقرار والسلم المجتمعي، وفصل الحديث عن معاناة العائلات والأسر التي تم إجلاؤها من المناطق التي كانت تحت سيطرة ما يسمى بالدولة الإسلامية وعن الظروف التي يحتجز فيها ذوو العائلات وفي بعض الأحيان يخفون قسرًا أو يحتجزون بعيدًا عن عائلاتهم، مما يضطر هذه العائلات للسفر مسافات كبيرة من أجل الوصول إلى ذويهم ومحاولة زيارتهم.
وأدان "القريشي" الانتهاكات الناجمة عن إدماج الميليشيات العراقية في عمليات الجيش العراقي، مبينًا أن العائلات التي تم إجلاؤها منها ما هو سنيّ، ومسيحيّ وكرديّ، في إشارة إلى أن الانتهاكات لا تقتصر على فئة بعينها.
وأدلى الحضور بمداخلات في نهاية الندوة حول الوضع في الشرق الأوسط وسبل تجنيب المدنيين ويلات النزاعات الدائرة، فيما أجمع المتحدثون على ضرورة أن تقوم الأمم المتحدة بدور أكثر فعالية. وأكدوا على أن التدخل العسكري في الشرق الأوسط عادة ما كان يفضي إلى تعميق الأزمات، مطالبين بمقاربة مختلفة تركز على مصالح المدنيين أكثر من تركيزها على مصالح الدول أو الحكومات.