جنيف- قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تقريرٍ أصدره اليوم الثلاثاء، إثر مرور عام كامل على أزمة الخليج وقطع العلاقات، إن الأزمة الخليجية والإجراءات التي اتخذتها دول المقاطعة تجاه قطر كشفت عن حالة من المهانة للكرامة الإنسانية، وتسببت بانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، كان المدنيون هم ضحاياها الأساسيون.

 

   حكومات البلدان الأربعة لم تأخذ بعين الاعتبار الأعراف الدولية والصكوك القانونية التي من شأنها تنظيم العلاقات بين البلاد   

وأوضح الأورومتوسطي أنّ حكومات البلدان الأربعة (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر)، لم تأخذ بعين الاعتبار الأعراف الدولية والصكوك القانونية التي من شأنها تنظيم العلاقات بين البلاد، حيث مثلت إجراءاتها نوعا من التدابير الفردية القسرية التي استهدفت وأثرت بشكل مباشر على حقوق المدنيين سواء من المواطنين القطريين، أو من مواطني الدول المقاطِعة نفسها ممن كانوا يقيمون في قطر، فضلاً عن العمال الأجانب المقيمين في قطر بشكل عام.

ولفت تقرير الأورومتوسطي وفق شهادات وإفادات تم جمعها إلى أنّ الأزمة ألقت بظلال خطيرة على آلاف العائلات والأفراد، وانتهكت حريات التعبير والرأي، وتشتتت مئات الأسر، بجانب الآثار الجسيمة التي لحقت بالاقتصاد والملكيات الخاصة وحقوق التعليم والعمل والرعاية الصحية والتنقل وأداء الشعائر الدينية.

وكانت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر قد أعلنت في الخامس من يونيو 2017، عن قرار جماعي بوقف جميع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، مع حظر كل العلاقات التجارية، وإغلاق الطرق بين هذه البلاد وقطر وحظر كل الرحلات، كما أمرت مواطنيها بمغادرة قطر على الفور، وقررت طرد جميع المواطنين القطريين المقيمين أو الوافدين إلى أي من البلدان الأربعة خلال 14 يوماً منذ الإعلان عن القرار. ورأى المرصد الأورومتوسطي أن القرار لم يراع حقوق المواطنين والمقيمين سواء في قطر أو في أحد البلدان الأربعة وتسبب بآثار مدمرة.

وحول حالة حقوق الإنسان بعد عام من الأزمة الخليجية، أشار المرصد الحقوقي إلى أنه تم تقديم أكثر من (2705) شكوى تتعلق بالانتهاكات التي وقعت على المدنيين منذ بداية الأزمة وحتى نهاية مايو 2018، وقد تم تقديم حوالي 646 شكوى للجنة الوطنية القطرية الخاصة بحقوق الإنسان تتعلق بتفكيك الأسر. وقدّر المرصد الأورومتوسطي عدد العائلات التي تشتتت بفعل الأزمة إلى ما يزيد على 6,474 عائلة بعضها بشكل مؤقت وأخرى بشكل دائم.

وفيما يتعلق بتأثير الحصار على حق الأفراد في التعليم، قال الأورومتوسطي إن الانتهاكات طالت القطريين وغير القطريين على حد سواء، حيث صدرت الأوامر إلى الطلاب القطريين المنتسبين لجامعات في الدول الأربعة إلى مغادرة هذه الدول والعودة فورًا إلى قطر، وتسبب ذلك في ضرر لـ 3251 طالب وفقًا لإحصائية وزارة التربية والتعليم القطرية.

وعلى الجانب الصحي، تم توثيق حوالي 37 انتهاكاً للحق في الصحة، تضمن منع قطريين يتلقون العلاج في أحد مستشفيات دول المقاطَعة من الاستمرار في علاجهم أو إجراء عمليات طبية عاجلة بالإضافة إلى عرقلة تلقي مواطني دول المقاطَعة علاجهم في المستشفيات القطرية.

من ناحية أخرى، أدى قطع العلاقات الاقتصادية بين الدول إلى نقص في وصول الأدوية إلى قطر، بما في ذلك الأدوية الأساسية. وووفقاً لمفوضية حقوق الإنسان فإن حوالي 60% من الإمدادات الدوائية القطرية كانت قادمة من شركات مقرها في بلدان المقاطَعة.

ومثلت القيود التي فرضتها كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين على حق مواطنيها في حرية الرأي والتعبير تجاه الأزمة الخليجية انتهاكًا للمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وللمادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

وذكر الأورومتوسطي في تقريره أنّ الأزمة الخليجية تسببت أيضًا في انتهاك حقوق العمالة غير الخليجية، والتي تشكل ما يقارب ثلث سكان قطر، بالإضافة إلى انتهاك حق حرية ممارسة الشعائر الدينية، حيث لم تستثن المملكة السعودية الراغبين في أداء شعائر الحج أو العمرة من القيود التعسفية على حق التنقل إلا استثناء، وبلغت مجمل الشكاوى المتعلقة بحقوق أداء الشعائر الدينية والمقدمة إلى السلطات أكثر من 165 شكوى منذ بداية الأزمة.

وقال الأورومتوسطي في تقريره إنّ سلطات البلدان الأربعة حرمت مواطنيها من إمكانية تجديد جوازاتهم أو تسجيل مواليدهم وذلك بإغلاق سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية في البلاد وتهديد من يخالف أوامرها في مغادرة قطر.

 

   على البلدان المقاطِعة ضرورة ضمان احترام حقوق الإنسان قبل اتخاذ أية تدابير وضرورة تحييد المدنيين من جميع الجنسيات من التعرض لآثار هذه التدابير   

ساندرا أوين، الباحثة في قسم السياسات في الأورومتوسطي

وحول الانتهاكات المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والملكية، فقد نتج عن إجلاء المواطنين القطربين من البلدان الأربعة تعطيل مصالحهم الاقتصادية وحرمانهم من الوصول إلى ملكياتهم الخاصة، حيث أن معظم المواطنين الذين تم إجبارهم على العودة إلى قطر، لم يتمكنوا من الوصول إلى شركاتهم وأنشطتهم المختلفة منذ ذلك الحين، وقد بلغت مجموع الشكاوى التي تتعلق بحقوق الملكية الخاصة في تلك الدول إلى السلطات القطرية أكثر من 1234 شكوى. 

وقالت ساندرا أوين، الباحثة في قسم السياسات في الأورومتوسطي، إن على البلدان المقاطِعة ضرورة ضمان احترام حقوق الإنسان قبل اتخاذ أية تدابير وضرورة تحييد المدنيين من جميع الجنسيات من التعرض لآثار هذه التدابير، والامتناع عن السياسات التعسفية تجاه المواطنين وضمان احترام حرياتهم وحقوقهم.

وقالت أوين إن الدول المقاطِعة مطالبة اليوم وبعد أن تبينت الآثار الكارثية للإجراءات التي اتخذتها على المدنيين برفع سياساتها العقابية المفروضة على المواطنين القطريين ومواطنيها المقيمين في قطر ومنحهم الحق في تجديد أوراقهم الثبوتية دون التعرض لأية مساءلة قانونية، إلى جانب إعادة لم شمل العائلات المفككة جراء السياسات التعسفية. 

وحث المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي والأمم المتحدة على ضرورة تشكيل بعثة وساطة دولية وإرسالها إلى المنطقة من أجل ضمان حل سريع للأزمة التي مر عليها عام كامل، إلى جانب الضغط على البلدان المقاطعة لقطر من أجل تسريع وقف الإجراءات التي مست بالمدنيين وتعويضهم تعويضاً عادلاً عن الأضرار الجسيمة المادية والمعنوية والاجتماعية التي تسبب بها عام من الأزمة. 

تحميل التقرير