جنيف- قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ قرار السلطات التركية في اسطنبول و9 محافظات حدودية أخرى والقاضي بوقف تسجيل اللاجئين القادمين من سوريا تمهيداً لإعادتهم قسرياً إلى سوريا يمكن أن يؤدي إلى تزايد أعداد الغرقى من طالبي اللجوء والذين سيسعون إلى الخروج من تركيا إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.

 

   حادثة الغرق هذه لن تكون الأخيرة إن استمرت السلطات التركية بالمضي قدما في هذا القرار   

وأعرب الأورومتوسطي عن أسفه الشديد وقلقه البالغ من القرار، وأضاف: "بالرغم من أن تركيا تعاملت بسخاء مع أزمة اللجوء خلال السنوات الماضية عبر استقبال ما يزيد على ثلاثة ملايين طالب لجوء من سوريا، إلا أن هذا القرار اليوم مع ما تشهده سوريا من عمليات عسكرية مستمرة يعني إغلاق الباب في وجه الضحايا"، محذراً من الارتفاع المحتمل لحوادث غرق اللاجئين، ولافتًا إلى حادثة غرق قارب يحمل قرابة 150 مهاجراً بعد يومين فقط من قرار السلطات التركية.

وفي تفاصيل الحادثة، أوضح الأورومتوسطي أنّ قارباً يقل ما يزيد على 150 مهاجراً -بينهم سوريون وفلسطينيون- انطلق من تركيا نحو قبرص، كان قد غرق يوم الأربعاء 18 يوليو/تموز 2018، ما أدى إلى مصرع 19 شخصاً واختفاء 26 آخرين، في حين تمكنت قوات خفر السواحل التركية والقبرصية من إنقاذ 106 شخص، بينهم حالات حرجة للغاية.   

وبيّن الأورومتوسطي أنّ قرار السلطات التركية وقف تسجيل اللاجئين القادمين من سوريا، يعني أن اللاجئين الجدد الموجودين في تركيا لن يتمكنوا من استصدار تصاريح إقامة أو تنقل أو الحصول على أية رعاية أو خدمات، سواء حكومية أو غير حكومية، وسيكون وجودهم في البلاد غير شرعي، ما يجعلهم عرضة للاعتقال من قبل السلطات التركية ويسمح بإعادتهم قسرياً إلى سوريا. 

وحذر الأورومتوسطي من أن حادثة الغرق هذه لن تكون الأخيرة إن استمرت السلطات التركية بالمضي قدما في هذا القرار، مؤكداً على أن استقبال تركيا حوالي 3.6 مليون لاجئ سوري منذ بداية الأزمة لا يعفيها الآن من مسؤولياتها اتجاه هؤلاء اللاجئين الفارين من الموت.

وقالت "ميرا بشارة" الباحثة في المرصد الأورومتوسطي: "إن اختيار المحافظات الحدودية تحديداً لفرض هذا القانون يعني أنّ أي لاجئ سوري يتمكن من عبور الحدود إلى تركيا أمامه ثلاثة خيارات فقط، إما العودة إلى سوريا، أو البقاء بشكل غير قانوني داخل هذه المحافظة الحدودية، أو الاستعانة بالمهربيين للانتقال إلى محافظات أخرى في تركيا ثم الهرب عبر البحر إلى أوروبا".

وذكر الأورومتوسطي أنّ كافة هذه الخيارات خطيرة ولاإنسانية وتمثل انتهاكاً جسيماً لحقوق اللاجئين وفقاً للقانون الدولي العرفي وبالأخص مبدأ عدم الإعادة القسرية.  

وأكد المرصد الدولي على المسؤولية التي تتحملها تركيا تجاه اللاجئين، كبلد ثالث آمن، وفقاً لاتفاقها مع الاتحاد الأوروبي عام 2016، لافتاً إلى ضرورة أن يقف الاتحاد الأوروبي ضد هذه الإجراءات، فضلا عن مسؤوليته في حمل مسؤولية اللاجئين بدلا من أن يكون هدف أوروبا الوحيد هو التخلص من عبء هؤلاء دون الاكتراث بمصيرهم بعد ذلك.  

وفي سياق متصل، لفت المرصد الحقوقي إلى حادثة مقتل الطفل "زين الدين زيبق" في 23 يونيو/حزيران الماضي، برصاص قوات الجندرما (فرع من القوات المسلحة التركية) أثناء محاولته وعائلته تخطي الحدود السورية-التركية.

يذكر أنّ تركيا كانت قد أغلقت حدودها أمام اللاجئين الهاربين من سوريا منذ أواخر العام 2015، وقامت قوات حرس الحدود التركية في العديد من الحالات بإطلاق النار على من حاول تخطي الحدود، مما أدى إلى إصابة ومقتل العشرات من اللاجئين خلال الأعوام الثلاثة الماضية. 

ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات التركية للوقوف عند مسؤولياتها تجاه اللاجئين الفارين من سوريا، وذلك بفتح حدودها والسماح لهم بالدخول وطلب اللجوء وتسجيلهم بشكل قانوني في البلاد وتقديم الرعاية اللازمة لهم وفقاً للمعايير الإنسانية والدولية.

وحمّل الأورومتوسطي المجتمع الدولي عموما، ولا سيما الدول الغنية، المسؤولية عن توقف دول الجوار السوري عن استقبال اللاجئين وطالبي اللجوء إثر التقاعس الدولي عن حمل المسؤولية الجماعية للاجئين من سوريا والتفريط في تقديم الدعم المستمر لدول الجوار التي قامت باستقبال الملايين منهم خلال السنوات الماضية، كالأردن ولبنان وتركيا.