أدى عدم الاستقرار السياسي والأمني في كثير من دول الشرق الأوسط، وبشكلٍ خاص الصراع الدائر في سوريا منذ سبع سنوات، إلى ارتفاع كبير في أعداد طالبي اللجوء الفارين لطلب الحماية في القارة الأوروبية، وهو ما أسفر عن حالة طوارئ أطلقت عليها العديد من الجهات الأوروبية عام 2015 مسمى "أزمة اللجوء"، وشكّلت هذه الأزمة تحدياً واختباراً حقيقياً لمعايير حقوق الإنسان التي تقوم عليها الدول الأوروبية، ومن بينها سويسرا.
تعتبر سويسرا استقبال الأشخاص المضطهدين لأسباب سياسية أو دينية أو عرقية دليلاً على عراقة التقاليد الإنسانية السويسرية، فقد استقبلت الآلاف الأشخاص من مناطق نزاع مختلفة، مثل دول البلقان، والشرق الأوسط وإفريقيا. ولكن رغم ذلك، لا تُعد سويسرا وجهة محببة للاجئين، ويعود السبب في ذلك إلى إجراءات اللجوء المطّولة التي تنتهجها الحكومة السويسرية، والمتمثلة بالبيروقراطية المعقّدة. بالإضافة إلى تعقيد ظروف إيواء طالبي اللجوء وإدارة شؤونهم، ومن ثم القيود التي تفرضها على حاملي بعض أنواع الإقامات الإنسانية التي تمنحها، مثل أصحاب الحمايات المؤقتة.
ويشير العدد القليل من الأطفال غير المصحوبين الذين تستقبلهم سويسرا، والذي بلغ في العام 2017 ما مجموعه 733 طفلاً فقط (من مجموع 31 ألف طفل غير مصحوب وصل أوروبا ذات العام)، إلى أنها لا تعد وجهة مفضلة لهؤلاء الأطفال. ورغم قلة هذا العدد من الأطفال في سويسرا، إلا إن ظروف استقبالهم والتعامل مع طلباتهم كان متابيناً بشدّة بين الكانتونات (البلديات) السويسرية، وهو ما وضع سويسرا -الحاضنة لكبرى منظمات حقوق الإنسان، بما فيهم الأمم المتحدة- في اختبارٍ صعب.
في هذا التقرير، يهدف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى دراسة أوضاع طالبي اللجوء من الأطفال غير المصحوبين، وتحديداً القادمين من الشرق الأوسط، إلى سويسرا، والسياسات التي تنتهجها الحكومة في دراسة طلباتهم، والوقوف عند الصعوبات التي يواجهونها كأطفال وكطالبي لجوء بمفردهم في البلاد. وذلك بهدف تقديم توصيات للحكومة السويسرية لتحسين سياساتها تجاه هؤلاء الأطفال بما يتوافق مع اتفاقية حقوق الطفل والمبادئ الدولية في التعامل مع اللاجئين وطالبي اللجوء