جنيف- قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنه يتابع بقلق بالغ إخضاع السلطات الألمانية ثلاثة نشطاء من حركة المقاطعة العالمية للحكومة الإسرائيلية وبضائع المستوطنات (المعروفة باسم BDS) للمحاكمة بموجب دعوى جنائية قضائية قدمتها ضدهم مؤسسة ألمانيا إسرائيل "اللوبي الإسرائيلي في ألمانيا"، وجامعة "هوبولت" في برلين.

واعتبر المرصد الحقوقي الدولي -الذي يتخذ من جنيف مقرًا له- في بيان صحفي مساء السبت، محاكمة النشطاء الثلاثة بمثابة "تعدٍ على حق النشطاء في التعبير والاحتجاج السلمي".

وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطات الألمانية بضرورة ضمان إجراءات المحاكمة العادلة للنشطاء الثلاثة، حيث تم تأجيل النطق ليوم 11 مارس الجاري، وضرورة التزام الحياد تجاه القضايا المتعلقة بإسرائيل.

وفي مقابلة أجراها فريق الأورومتوسطي مع الناشط الفلسطيني في حركة المقاطعة "ماجد أبو سلامة"، قال إنه وزميليه اليهوديين، "روني باركان"، و"ستافيت سيناي"، يحاكمون بتهمة التعدي على ندوة انعقدت في جامعة "هومبولت" في ألمانيا في حزيران/يونيو عام 2017، كانت تتحدث فيها عضو الكنيست الإسرائيلي، ومسؤولة اللجنة التي شكلت ضد "حركة المقاطعة" بشكل خاص وحركات التضامن الفلسطيني بالعالم بشكل عام، "أليزا لاف"، والتي شاركت أيضًا في إقرار الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة عام 2014، وحاولت من خلال الندوة تبرئة ساحة "إسرائيل" من الانتهاكات المروعة التي رافقت ذلك الهجوم.

وأوضح "أبو سلامة" أنه وزملاءه النشطاء رفضوا الحديث عن الاتهامات التي وجهت ضدهم وضد "حركة المقاطعة" خلال جلسة المحاكمة التي عقدت في 4 آذار/مارس الجاري، موضحاً أنهم تعرضوا لحملة تشهير واسعة، واتهموا بمعاداة السامية.

وأفاد بأنهم معنيون فقط بكشف الممارسات الإسرائيلية المستمرة ضد الفلسطينيين، وخاصة ما حدث خلال الهجوم العسكري على غزة عام 2014، وما يحدث مع قمع ل"مسيرات العودة" الشعبية على الحدود الشرقية لقطاع غزة قرب السياج الأمني، فضلاً عن مقاومة الأبارتايد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.

ولفت الناشط الفلسطيني إلى حالة الخوف الشديد في أوروبا، خاصة مع تصاعد قوة الأحزاب العنصرية اليمينية الداعمة لإسرائيل ومحاولاتهم المستمرة لإسكات أصواتهم، معتبرًا ذلك انتهاكًا صريحًا لحقوقهم السياسية، وحقهم في التعبير عن الرأي بما في ذلك مقاطعة أي كيان أو سلطة أو دولة أو مؤسسة استعمارية أيًا كانت.

من جهته، دعا رئيس مجلس أمناء المرصد الأورومتوسطي "ريتشارد فولك" إلى مساندة قضية النشطاء الثلاثة، مشددًا على وجوب إعادة ألمانيا إلى مسارها في محاربة الظلم.

وقال "فولك": "أعتقد أنه من الضروري لألمانيا كقوة أخلاقية في عالم ما بعد الهولوكوست أن تنهي سياسة تجاهل رؤية وسماع أية موقف يمس بصورة إسرائيل، وأن تفهم أنّ العبرة الحقيقية من الهولوكوست كانت إنهاء الظلم التعسفي من شعبٍ لآخر".

ورأى "فولك" المقرر السابق للأمم المتحدة معني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، أنّ "إعادة إنتاج جرائم الماضي هو وقوع في فخ إجرام الماضي نفسه، ومحاربة الظلم هو السبيل لإعادة التمكين".

من جهته قال الناشط اليهودي، "ستافيت سيناي"، في مقابلة مع فريق الأورومتوسطي: "تجريم النشطاء ممارسة شائعة في ألمانيا، مما يدلل على أن أجندة الديمقراطية والإنسانية ليست سوى واجهة"، موضحاً أنهم سيستخدمون امتيازات نسبية لقلب الطاولة ومحاكمة إسرائيل، نيابة عن الذين لم يتمكنوا من فعل ذلك.

فيما قال الناشط اليهودي، "روني باركان": "إنّ قضية المحكمة المتخذة بحقنا، جاءت لتُظهر فقط مدى سهولة الضغط على ألمانيا من قبل الإسرائيليين والذين يسعون إلى كبح أي نقاش حول الجرائم الإسرائيلية ضد الإنسانية، وتظهر أيضاً ما تكنه السلطات الألمانية  من قلة احترام للحقوق الأساسية مثل حرية التعبير والتنظيم السياسي".

وأوضح "باركان" أنه تعرض للاعتراض والقمع والاعتقال مرات عديدة؛ بسبب حديثه عن الجرائم الإسرائيلية، مؤكداً أن تلك التحديات تجعل عملهم في "حركة المقاطعة" أكثر أهمية وفعالية من ذي قبل.

وقال المرصد الأورومتوسطي إن "حركة المقاطعة"، بغض النظر عن الموافقة على ما تدعو إليه من عدمه، إلا أنها حركة سلمية عالمية تمارس نشاطاتها في عدة دول، خصوصاً في أوروبا وأمريكا.

وأكد المرصد الحقوقي الدولية على أنه "من غير المعقول وغير المنطقي أن تُصنف إسرائيل دائمًا أنها على حق، والطرف الآخر على باطل. يجب أن تأخذ العدالة مجراها في هذه القضايا ويُفسح المجال للضحايا للتعبير عن الانتهاكات التي تعرضوا لها في كل محفل".

وطالب السلطات الألمانية بضرورة توفير بيئة آمنة لنشطاء حقوق الإنسان على اختلاف توجهّاتهم، والتوقف عن انتهاك حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان، والتركيز على محاسبة ومسائلة منتهكي حقوق المدنيين العُزل في الأراضي الفلسطينية وغيرها من مناطق الصراع، بدلًا من ملاحقة النشطاء السلميين.