جنيف_ قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليوم إنّ اعتلاء قناصة من الشرطة وأفراد الأمن العراقي أسطح مبانٍ حكومية وأبنية عامة واتخاذها مواقعَ لإطلاق النيران صوب المحتجين أثناء تجمعهم بشكل سلمي يمثل انتهاكًا خطيرًا لميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية، ويعد ضمن إطار الجرائم ضد الإنسانية.

   يتوجب على السلطات العراقية كبح جماح جميع قوات الأمن، وأمرها بالتوقف عن مهاجمة المحتجين السلميين، والتحقيق بسرعة وفاعلية من أجل محاسبة كل من أمر بعمليات القنص ومن نفّذها   

عمر عبدالله، باحث لدى الأورومتوسطي

 

وأوضح المرصد الأورومتوسطي ومقرّه جنيف في بيان أنّه رصد عمليات قنص استهدفت محتجّين وتسببت بمقتل بعضهم وإصابة آخرين بجراح بالغة في ثلاثة مواقع في العاصمة بغداد ومواقع أخرى في عدد من المحافظات العراقية الجنوبية.

ووفق شهادات جمعها المرصد الأورومتوسطي فإن قنّاصة اعتلوا أسطح بنايات الضريبة العامة في ساحة الخلّاني والسفارة الإيرانية وفندق منصور ميليا ومحكمة المجلس الأعلى في الرصافة، وجميعها في بغداد، إضافة إلى اعتلاء مسلحين من الشرطة عمارة الوقف المطلة على ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية.

وكانت محتجون أفادوا للأورومتوسطي خلال الأيام الأولى للاحتجاجات بأنّ رصاصات قاتلة اخترقت الجزء العلوي لحوالي ثمانية متظاهرين في ساحة الحرية وعلى على جسر قريب يؤدي إلى المنطقة الخضراء، التي تضم السفارة الأمريكية ومقار حكومية.

حسب حصيلة أعدّها المرصد الأورومتوسطي استنادًا إلى مصادر حقوقية وطبية فإن حوالي 30 ضحية من المحتجين سقطوا بنيران القناصة في بغداد وعدد من المحافظات جنوبي البلاد.

وكانت مقاطع مصورة اطَّلع عليها الأورومتوسطي، أظهرت عمليات إطلاق نار كثيف من أفراد بالأمن العراقي ضد آلاف المحتجين في العاصمة بغداد، وأخرى لعمليات قنص على ما يبدو أنّها منسقة واستهدفت محتجين في محافظات جنوبي العراق.

وأطلق محتجون في إحدى المقاطع المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي نداءات استغاثة جراء النيران الكثيفة التي استهدفتهم وأسقطت عددًا من القتلى وعشرات الجرحى بصفوفهم خلال احتجاجهم قرب ساحة الحرية وسط بغداد.

وقال الباحث لدى الأورومتوسطي عمر عبد الله إنه يتوجب على السلطات العراقية كبح جماح جميع قوات الأمن، وأمرها بالتوقف عن مهاجمة المحتجين السلميين، والتحقيق بسرعة وفاعلية من أجل محاسبة كل من أمر بعمليات القنص ومن نفّذها، وتحديد الجهات التي يتبعونها وتقديمهم إلى القضاء ومحاسبتهم وفق مقتضيات القانون العراقي وأعراف القانون الدولي".

وأضاف "عبد الله" أنّ عشرات المحتجين ممن لقوا حتفهم خلال التظاهرات في العاصمة بغداد والمحافظات الجنوبية خلال الأيام الماضية لم يشكلوا خطرًا وشيكًا يهدّد آخرين بالقتل أو الإصابة الخطيرة عند إطلاق النيران عليهم، كما لم يشاركوا بشكل مباشر في أعمال عدائية.

ووفق توثيق مفوضية حقوق الإنسان العراقية، وصل عدد ضحايا الاحتجاجات المتواصلة في أرجاء العراق منذ يوم الثلاثاء الماضي إلى 93 قتيلًا، في حين بلغ عدد الجرحى 3978 شخصًا، وارتفع المعتقلين على خلفية الاحتجاجات المتواصلة إلى 567 شخصًا، أفرج عن 355 منهم، في حين لا يزال مصير العشرات منهم غير معلوم.

وتتواصل الاحتجاجات في مختلف أنحاء العراق لليوم الخامس على التوالي، وهي أول التحركات المطلبية التي تواجهها الحكومة الحالية التي تتم عامها الأول في السلطة في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الحالي.

ويردد المحتجون هتافات تندد بعمليات القتل التي استهدفتهم، وأخرى ضد الفساد المستشري في البلاد، وثالثة ضد ما وصفوها "الطبقة الحاكمة".

ويحتل العراق المرتبة 12 في لائحة الدول الأكثر فسادًا في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أنّ ممارسات الشرطة والأمن العراقي تنتهك قواعد القانون الدولي والاتفاقيات الخاصة التي توفر الحماية الخاصة للمدنيين، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف، لا سيما المادة الثالثة المشتركة بين الاتفاقيات الأربعة، والتي تطالب بمعاملة إنسانية لجميع الأشخاص وعدم التمييز ضدهم أو تعريضهم للأذى، وتحرم على وجه التحديد القتل, والتشويه, والتعذيب, والمعاملة القاسية, واللاإنسانية, والمهينة, واحتجاز الرهائن, والمحاكمة غير العادلة.

وشدّد المرصد الحقوقي الدولي على أن ممارسات بعض الأجهزة الأمنية في استهداف المدنيين بشكل مباشر سواء من خلال القناصة أو عبر قواتها الراجلة تمثل انتهاكًا خطيرًا لميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تدخل تلك الممارسات ضمن إطار الجرائم ضد الإنسانية والتي توجب معها تحريك المساءلة الجنائية الدولية للأفراد الذين ارتكبوا تلك الجرائم إضافة للقيادات العسكرية التي أمرت بإطلاق النار على المتظاهرين.

وأشار الأورومتوسطي إلى أن المبادئ الأساسية لاستخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة، توجب على المكلفين بإنفاذ القانون تقليل الإصابات والخسائر إلى أقل حد ممكن والحفاظ على حياة الإنسان، مؤكدةً تجريم الاستخدام العمدي للأسلحة القاتلة إلا عندما لا يمكن تجنبه بأي وسيلة وفي سبيل الحفاظ على الحياة فقط.