جنيف- طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليوم مجلس الأمن باتخاذ جميع التدابير اللازمة من أجل ضمان محاكمة الجهات المتورطة بالهجوم الجوي على مركز لاحتجاز المهاجرين في ليبيا، مع ظهور أدلة جديدة تشير إلى تورط طائرة حربية تابعة لدولة أجنبية بشن ذلك الهجوم المروع.

وقال المرصد الأورومتوسطي -ومقره جنيف- في بيان له اليوم الخميس إنّه ينبغي على مجلس الأمن دعوة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق فوري، والعمل الجاد من أجل تحديد هوية الدولة المتورطة في تنفيذ ذلك الهجوم الشنيع كون أن تلك الممارسات تدخل ضمن إطار جرائم الحرب التي تحرّك المسئولية الجنائية الدولية بحق مرتكبيها.  

   استمرار صمت المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن -بوصفه الضامن الأول لوقف أي انتهاك يهدد حياة الأفراد- يشكّل سببًا مهما لاستمرار قوات "حفتر" والدول الداعمة لها بانتهاكاتها ضد المدنيين والمهاجرين.   

محمد عماد, الباحث القانوني لدى المرصد الأورومتوسطي


وكان تقرير أعدته الأمم المتحدة في ختام تحقيق سري خلص إلى أن طائرة حربية تابعة لدولة أجنبية شنت هجوماً صاروخياً على مركز احتجاز المهاجرين في ضاحية تاجوراء شرق طرابلس، بحسب ما ذكر موقع "بي بي سي" عربي يوم أمس الأربعاء.

ونقلت "بي بي سي"، ومقرها لندن، عن مصدر وصفته بالعليم بالتحقيق قوله: إنّ الأدلة بالتحقيق ركّزت على تورط دولة الإمارات العربية المتحدة التي لم تعلّق على الموضوع رغم مخاطبتها رسميا.

ووثّق المرصد الأورومتوسطي منذ 4 نيسان/أبريل غارات جوية لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر وداعميه أسفرت عن مقتل 1200 ليبي وإصابة نحو 3 آلاف آخرين، ونزوح نحو 140 ألف مدني، إضافة إلى تدمير مئات المنازل والمنشآت المدنية.

وقال الباحث القانوني لدى المرصد الأورومتوسطي "محمد عماد" إنّ المدعي العام مطالب وبشكل عاجل بالبدء بالتحقيق الجنائي في الحادثة، والسعي بشكل دؤوب من أجل تقديم المتورطين إلى المحاكمة، لأنّ الهجوم يرقى بوضوح إلى مستوى جريمة حرب، إذ طال على حين غرة أبرياء آمنين أجبرتهم ظروفهم القاسية والمأساوية أن يكونوا في ذلك المأوى، خصوصًا أنّ بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا زودّت طرفي النزاع بإحداثيات مركز المهاجرين كي يتجنبا استهدافه".

وكانت حكومة الوفاق الوطني -المعترف بها دوليًا- صرّحت في ذلك الوقت أنّ الهجوم الذي استهدف مركز إيواء المهاجرين شنته طائرة حربية تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، في حين نفت قوات حفتر مسؤوليتها عن استهداف المركز رغم إعلانها في البداية عن "قصف هدف عسكري مشروع".

وجاء في تقرير بي بي سي أنّه في وقت الهجوم ووفقا لمصدر سري، شوهد عدد لا يعرف من طائرات الهجوم الأرضي من طراز ميراج 2000-9 تستخدم قاعدتي الخادم والجفرة الجويتين، مشيرًا إلى أن الإمارات ومصر تمتلكان عدداً كبيراً من طائرات ميراج الحربية.

ووفق الأمم المتحدة أنشأت دولة الإمارات في عام 2017 قاعدة الخادم الجوية شرقي ليبيا، ووفرت الدعم الجوي لقوات حفتر، وعملت على إعداد بنية تحتية في القاعدة تضم أنواع مختلفة من الطائرات العسكرية بينها طائرات بدون طيار هجومية.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ استمرار صمت المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن -بوصفه الضامن الأول لوقف أي انتهاك يهدد حياة الأفراد- يشكّل سببًا مهما لاستمرار قوات "حفتر" والدول الداعمة لها بانتهاكاتها ضد المدنيين والمهاجرين.

وأبرز المرصد الحقوقي الدولي الحاجة الملّحة للتركيز بشكل أكثر فاعلية على العدالة والمساءلة في ليبيا لمنع مزيد من الجرائم، في ظل استمرار الهجمات المروعة والتي غالباً ما يدفع المدنيون حياتهم ثمنا خصوصاً في طرابلس التي يقطنها أكثر من مليون نسمة.

وحثّ المرصد الأورومتوسطي في نهاية بيانه الأمم المتحدة والأطراف الدولية الفاعلة إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة من أجل ضمان محاكمة الدولة الاجنبية المتورطة بالهجوم الجوي المروع الذي أسفر عن مقتل 46 مهاجراً وإصابة 130 آخرين يوم 3 يوليو/ تموز الماضي.