جنيف- أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ إزاء احتجاز السلطات الإسبانية مئات المهاجرين وطالبي اللجوء من جنسيات مختلفة - بينهم نساء وأطفال- وصلوا إلى مدينة مليلة الإسبانية برًا انطلاقًا من الأراضي المغربية، وهو ما يخالف حقوقهم كطالبي لجوء، ويعرضهم لانتهاكات مستمرة.
الأوضاع الإنسانية البائسة لهؤلاء المهاجرين تستدعي إيلاء الجانب الإنساني أولوية أكبر
وبيّن الأورومتوسطي أنّ المهاجرين وطالبي اللجوء وصلوا إلى "مليلة" بطريقة غير نظامية، هربًا من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة في بلدانهم، موضحًا أنهم يعيشون "بلا أدنى مقومات للحياة".
وكان عدد من المحتجزين قد أصدروا نداء استغاثة لتمكينهم من الخروج من مراكز الاحتجاز، التي يتواجدون فيها في ظروف احتجاز لا إنسانية، حيث يقيمون في خيام بلاستيكية، في ظل ظروف جوية ومعيشية غاية في السوء، إضافة إلى انعدام أدنى متطلبات الحياة في ظل الاكتظاظ الشديد.
واطلع الأورومتوسطي على إفادات بعض طالبي اللجوء المحتجزين في داخل أحد المراكز، حيث أفادوا بانعدام الظروف المناسبة للعيش الكريم، وأوضحوا أنّ الخيم البلاستيكية التي يعيشون فيها أدّت إلى تعقيد ظروفهم المعيشية خاصة في فصل الشتاء، مع غياب لوسائل التدفئة، ما يتسبب بضرر مباشر على صحة الأطفال وخاصة حديثي الولادة.
ووفقًا للإفادات، اشتكى طالبو اللجوء من الاكتظاظ الكبير، وانعدام الخصوصية للأفراد والعائلات، حيث يفترض أن يستوعب المركز 500 شخص كحد أقصى، في حين يتعدى العدد الفعلي للمهاجرين وطالبي اللجوء داخل المركز 2000 شخص.
وأوضح المحتجون خلال ندائهم أنّ وقفاتهم الاحتجاجية لم تلق تجاوبًا حتى اللحظة من أي جهةٍ كانت، وبينوا أنهم يسعون للعمل بسلام ويطلبون الحرية والعدالة الاجتماعية. وطالبوا بتمكينهم من حقهم في التنقل والحياة، مشدّدين على عدم رغبتهم في العودة إلى بلدانهم في الوقت الراهن بسبب ما تعانيه من ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة.
ومنذ أواخر يناير/كانون الثاني الماضي بدأ أكثر من 200 مهاجر تونسي إضرابًا مفتوحًا عن الطعام احتجاجًا على ظروفهم المعيشية الصعبة ولمطالبة السلطات الإسبانية بالإسراع في البت في ملفات لجوئهم والسماح لهم بمواصلة طريقهم إلى البر الإسباني ومنه إلى أوروبا، إلا أيًا من مطالبهم تلك لم ينُظر فيها حتى اليوم.
ووفقًا للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فإن تلك الإجراءات العقابية تستهدف بشكل خاص المهاجرين التونسيين غير النظاميين، والذين لا يمثلون إلا 3.8% من جملة الواصلين بطريقة غير نظامية إلى إسبانيا سنة 2019.
وأوضح الأورومتوسطي أنّ أعداد المهاجرين وطالبي اللجوء الذين وصلوا إلى إسبانيا برًا وبحرًا خلال العام الماضي بلغ نحو 32 ألف و500 مهاجر، نصفهم من دول المغرب العربي، فيما يتوزع بقيتهم على دول غينيا ومالي وكوديفوار وسوريا وفلسطين.
وشدد الأورومتوسطي على أنّ الأوضاع الإنسانية البائسة لهؤلاء المهاجرين تستدعي إيلاء الجانب الإنساني أولوية أكبر.
وأكد المرصد الحقوقي على ضرورة التزام السلطات الإسبانية بمبدأ عدم الإعادة القسرية للمهاجرين باعتباره مبدأً عرفيًا في القانون الدولي، والذي يقضي بعدم جواز طرد اللاجئين بأي صورة إلى حدود البلدان التي تكون حياتهم فيها وحريتهم مهددتين بالخطر.
ودعا الأورومتوسطي السلطات الإسبانية إلى وقف احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء، وتأمين أوضاع إنسانية لهم إلى حين البت في طلباتهم كطالبي لجوء أو إعطائهم الفرصة للوصول إلى أوروبا.