قد نغفل نحن الصحفيون عن صحتنا وسلامتنا عندما نكون في الخطوط الأمامية ننقل الأحداث أو نغطي الأخبار العاجلة، سواء كان ذلك في خضم تفشي جائحة الفيروس التاجي المستجد (كوفيد-19) أو في أوقات الحرب أو حتى في الأيام العادية، فنحتاج إلى تذكير بعضنا البعض بالعناية بأنفسنا نحن أيضاً.

شاركتُ في برنامج حواري قبل يومين في إذاعة وتلفزيون سويسري في زيوريخ عادة ما يتم بثه مباشرة بحضور جمهور من (200) شخصا.

بُث البرنامج من استديوهات مجهزة ببخاخات مضادة للبكتيريا وأقنعة للوجه وميكروفونات ذات العصا الطويلة بدلاً من الميكروفونات الصغيرة ذات المشبك، ونحن الضيوف جالسون على بعد مترين من بعضنا البعض.

وبينما يُعفى الصحفيون في معظم البلدان من الحجر، حوّل بعضهم غرف الأخبار لغرف المعيشة الخاصة بهم.

على سبيل المثال، قامت مذيعة السي إن إن كريستيان أمانبور بتجهيز استوديو كامل للبث المباشر في منزلها، حيث كتبت على حسابها الخاص على إنستغرام: "لم يتحتم عليّ البث من المنزل من قبل! ولكننا نأخذ مسألة التباعد الاجتماعي على محمل الجد، وسنستمر في إيصال الحقائق دون خوف أو محاباة".

إلا أن العديد من العاملين في الإعلام لا يجدون أنفسهم في رحاب مناطق الراحة الخاصة بهم في منازلهم، بل معرضين لخطر العدوى من خلال السفر والمقابلات والمواقع التي يعملون فيها.

كتعبير عن مخاوفه إزاء سلامة الصحفيين في خضم تفشي جائحة فايروس كورونا، قال مساعد المدير العام لليونسكو للاتصالات والمعلومات معز شكشوك: "إن دور الصحفيين في إعلام الجمهور خلال الأزمة الحالية محوري للغاية"، مؤكدا أن العمل الصحفي يمكن أن ينقذ الأرواح في حالة الطوارئ الحالية.

لا يمكن المبالغة في أهمية الصحافة الدقيقة والموثوقة في هذه الأوقات غير المسبوقة، إذ يلعب الصحفيون دوراً بالغ الأهمية لإبقاء الجمهور على إطلاعٍ على الوباء وجهود السلطات لمكافحته.

تنص المعايير الدولية لحرية الصحافة وحرية التعبير على أن الحكومات مطالبة بضمان سلامة الصحفيين خلال تغطية الأزمة.

ولكن كيف ينبغي لشركات الإعلام نفسها حماية موظفيها في الميدان؟

الصحة البدنية والنفسية والعقلية يجب أن تكون دائمًا على رأس الأولويات، من أجل ذلك، تحتاج المؤسسات الإعلامية إلى التأكد من تدريب صحفييها على الأخذ بالاحتياطات الصحية وتجهيزهم بالمواد الواقية.

وأصدرت لجنة حماية الصحفيين – مقرها نيويورك – مبادئ توجيهية واستشارية لسلامة الصحفيين الذين يغطون تفشي كوفيد-19 (يمكن العثور عليها هنا) بما في ذلك الاستعدادات قبل التكليف بالمهمة، ونصائح لتجنب الإصابة في المناطق المتضررة، وتخطيط السفر، وتحذيرات ما بعد التكليف بالمهمة.

وتحث اللجنة شركات الإعلام على التشاور مع الخبراء الطبيين حول المخاطر الصحية والنظر في الآثار النفسية المحتملة، وأن تضع في اعتبارها الهجمات العنصرية ضد بعض الجنسيات عند توكيل الموظفين بتغطية أحداث انتشار الفايروس.

دعونا لا ننسى أيضًا الأمن الرقمي: فقد تعرض العديد من الصحفيين بسبب تغطيتهم لتفشي المرض لمضايقات عبر الإنترنت وهجمات التصيد الاحتيالي (يقوم المحتالون بمحاولة للحصول على معلومات حساسة لأسباب ضارة من خلال التنكر ككيان جدير بالثقة في اتصال الكتروني). وتكون شركات الإعلام مسؤولة في مثل هذه الحوادث عن حماية موظفيها ومصادرها والموظفين المستقلين العاملين لصالحها.

في المقابل، على الصحفيين عدم التسرع في النقر على أي رابط، وأن يكونوا أكثر يقظةً للأخبار المزيفة والأكاذيب، وأن يكونوا على وعي بالمعلومات الخاطئة التي تروج لها الدولة، وأن يتنبهوا للمخاطر التي يشكلها الإبلاغ عن – أو من – البلدان ذات الأنظمة الاستبدادية.

وكما قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في مؤتمر ميونيخ الأمني في 15 شباط/فبراير المضي "نحن لا نكافح وباء المرض فحسب، بل نكافح وباءً من معلومات المغلوطة".

أعلنت منظمة الصحة العالمية بعد ذلك في 11 آذار/مارس أن المرض جائحة عالمية، واستمر عدد الحالات عالمياً بالارتفاع منذ ذلك الحين.

الخلاصة أن المنظمات الإعلامية لديها دورها أيضاً في كسب المعركة ضد كلٍ من جائحة الفايروس التاجي وجائحة المعلومات المغلوطة.

 

مصادر للصحفيين:

منظمة الصحة العالمية

مركز موارد جونز هوبكنز لمتابعة فايروس كورونا

مصدر مفيد للصحفيين الذين يغطون المواقف الصادمة

وكالة فرانس برس