جنيف- حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من اتساع ظاهرة التنمر على خلفية انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وأنها تمتد وتتخذ أسوأ أشكالها حينما تندمج مع العنصرية والجهل، لتُعتبر دول أو شعوب بأكملها مصدرًا للفيروس أو تُسمى باسمه.
وقال الأورومتوسطي -مقره جنيف- في تقرير له، إنّ مئات مشاهد العنصرية طفت على السطح وباتت مؤذية أكثر من الفيروس ذاته؛ كونها تفصح عن سلوكيات وسياسات طويلة الأمد قد تمتد حتى لما بعد اختفاء الفيروس.
العمال المهاجرين هم الأكثر عرضة للعنصرية، حيث يقع عدد كبير منهم ضحية لسياسات الدول التي يعملون بها، والتي تميل إلى تهميشهم في معظم الأحيان، أو إلى تنمر المواطنين الذين ينظرون لهم كـ "فيروس" أو كدخلاء
وأشار إلى أنه في وقت يفترض أن تُبذل فيه كل الجهود لمكافحة الفيروس ووقف تفشيه، ودعم المصابين ومساعدتهم، فإن آلاف الأشخاص -بتشجيع من حكوماتهم أحيانًا- مارسوا سلوكيات سلبية عديدة في مقدمتها التنمر والكراهية والعنصرية ضد مصابي وحتى ضد المشتبه بإصابتهم، وكذلك ضد حاملي الجنسية الآسيوية.
وأبرز أنه بمجرد الإعلان عن إصابة الأفراد بفيروس كورونا، يتم في كثير من الأحيان تجريد الحالات من إنسانيتها وتحويلها إلى مصدر للخطر المؤكد، فيتم تداول أسماء المصابين بالكامل وتفاصيل العائلة ويصبح الأشخاص وعائلاتهم على امتدادها من المحظورات.
ولفت إلى أن ميل النشطاء وبعض المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي لوصم المصابين سواء بشكلٍ مقصودٍ أو غير مقصود، ساهم كذلك في تعميق وتطبيع الحالة بشكلٍ مخيفٍ وخطير، ليصبح المصاب بكورونا أو المشتبه بإصابته، أشبه بمجرم أو متهم.
وسلّط تقرير المرصد الأورومتوسطي الضوء على سياسات الدول المتبعة تجاه التنمر وتناول مظاهر التنمر والعنصرية المرافقة لجائحة كورونا بما في ذلك استعراض حالات وأبرز التعليقات فضلا عن ظاهرة التنمر الإلكتروني والعنصرية والسخرية من الصينيين.
وتناول التقرير انتهاكات حقوق العاملين بفعل حالة الطوارئ التي تشهدها معظم الدول حول العالم، ورصد نماذج لذلك في دول مثل فرنسا والأردن والإمارات وقطر وإسرائيل.
وخلص تقرير الأورومتوسطي إلى أن سياسات كثير من الدول التي لا تفعّل أدوات القانون ضد حالات التنمر والتمييز العنصري، إلى جانب الخطابات العنصرية التي تصدر عن مسؤولين سياسيين، التي شجعت تنامي العنصرية ضد الآسيويين بشكلٍ عام، والصينيين على وجه التحديد، وحاملي الفيروس وعائلاتهم.
ورأى الأورومتوسطي من خلال التقرير وجود خلل في التوعية بالفيروس وطبيعته، وتهويل ظروف الإصابة به، وأنّ حالة التنمر وإثارة الكراهية ضد المصابين أو المشتبه بإصابتهم من المرجح أن تدفعهم إلى عدم التبليغ عن ظهور أعراض الفيروس عليهم، ما يزيد من احتمالية تفشي الوباء.
وذكر أن فيروس كورونا كشف عن ممارسات خطيرة تعكس وجود حالة من عدم التفريق بين حرية الرأي والتعبير، والتنمر اللفظي الذي يتضمن الإساءة والمس وانتهاك خصوصية وحرية الآخرين.
وأشار التقرير إلى أنّ العمال المهاجرين هم الأكثر عرضة للعنصرية، حيث يقع عدد كبير منهم ضحية لسياسات الدول التي يعملون بها، والتي تميل إلى تهميشهم في معظم الأحيان، أو إلى تنمر المواطنين الذين ينظرون لهم كـ "فيروس" أو كدخلاء.
وشدد تقرير الأورومتوسطي على أنّ مكافحة ظاهرة التنمر يستلزم من الدول كافة بذل جهود أكبر من جهودها الخجولة في الوقت الحالي، وينبغي عليها إيلاء محاربة التنمر أهمية قصوى لما يترتب عليه من نتائج خطيرة وقاسية على المجتمع، أبرزها تفكك المجتمعات والجنوح نحو العنف والعدوانية والزيادة في معدلات الانتحار.
وحث بهذا الصدد على تكثيف حملات التوعية لتنبيه المجتمعات من مخاطر التنمّر في جميع صوره وأشكاله، وعدم الاعتماد الكلي على الجمعيات الأهلية غير الحكومية وجمعيات المجتمع المدني للاضطلاع بهذا بدلًا السلطات الرسمية المختصة.
ودعا إلى التركيز على شمول ظاهرة التنمّر لجميع شرائح المجتمع، وبالتالي يجب أن تتعدى الإجراءات المتخذة لمكافحتها المدارس والأطفال كي تشمل أيضًا باقي الفئات عبر خلق وعي جماعي عن المخاطر الناتجة عن ظاهرة التنمّر.
وأكد تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان على ضرورة تكثيف الدول لجهودها من أجل سنّ قوانين خاصة مع عقوبات عصرية رادعة لمكافحة التنمّر وللإحاطة بجميع صوره وأشكاله كي تستطيع مكافحتها بشكل أمثل.
التقرير كاملًا هنــا