جنيف- ندّد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليوم بقمع الجيش والأمن اللبناني للاحتجاجات الشعبية في عدة مناطق في البلاد على خلفية التدهور الاقتصادي والأزمة المالية.

وتابع المرصد الأورومتوسطي الذي يتخذ من جنيف مقرًا له في بيان صحفي، بقلق بالغ استخدام القوى الأمنية والجيش اللبناني القوة المميتة في قمع الاحتجاجات الشعبية خلال الأيام الماضية، وذلك باستخدام الرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيّل للدموع.

   خروج اللبنانيين للمطالبة بحقوقهم في ظل خطر جائحة كورونا يدلل على مدى سوء الأوضاع الاقتصادية التي تعصف بهم   

أنس جرجاوي، المدير الإقليمي للأورومتوسطي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

وبيّن أنّ استخدام الجيش للقوة المميتة أدى إلى مقتل الشاب فوّاز فؤاد السمّان (26 عامًا) وهو أب لطفلة لم تكمل عامها الأول بعد وقد أصيب بطلق ناري في فخذه، قبل أن يدخل في غيبوبة، علمًا أنه القتيل السابع منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في البلاد في 17 تشرين أول/أكتوبر 2019.

ووثق المرصد الأورومتوسطي إفادات حول إصابة عدد من المحتجين نتيجة استخدام الرصاص الحي والمطاطي بصورة مخالفة للقانون والأعراف الدولية ذات العلاقة، وتعرّض البعض الآخر إلى الضرب العنيف بالعصي وأعقاب البنادق ما أسفر عن إصابة أكثر من 30 متظاهرًا، بينهم أطفال، بالإضافة إلى اعتقال أكثر من عشرة متظاهرين آخرين. كما سجّل إصابة عدد من المتظاهرين -في مدينة طرابلس شمالي البلاد- في الجزء العلوي من الجسد ومن مسافة قريبة جدًا جراء الاستعمال المفرط للقوة بشكل غير مبرر بما يخالف القوانين والأعراف الدولية ذات العلاقة.

وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطات اللبنانية بفتح تحقيق عاجل قضائي وشفّاف ومستقل حول ملابسات الأحداث الأخيرة وفي مقدمتها مقتل الشاب السمّان ومعاقبة الفاعلين وفقاً للقانون، خاصة بعد عدم تسليم ذوي الضحية تقرير الطب الشرعي الذي يثبت أسباب الوفاة حسب ما أفادت عائلة الضحية للأورومتوسطي.

وقال المدير الإقليمي للأورومتوسطي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنس جرجاوي إنّ إحداث المتظاهرين لأعمال شغب وإتلاف بعض الممتلكات العامة والخاصة لا يبرّر بأي حال من الأحوال استخدام القوة المميتة ضدهم والاعتداء على حقوقهم المقدسة وفي مقدمتها الحق في الحياة.

وأضاف جرجاوي أنّ خروج اللبنانيين للمطالبة بحقوقهم في ظل خطر جائحة كورونا يدلل على مدى سوء الأوضاع الاقتصادية التي تعصف بهم، مبينًا أنّ تحرّك الناس في ظل هذه الظروف الحرجة يجب أن يدفع الحكومة إلى تنفيذ خطط دعم ومساعدة عاجلة بدلًا من قمع التظاهرات وإسكات المحتجين.

وشدد على وجوب التزام السلطات اللبنانية باحترام الحق في التجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير وفق ما ينص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والدستور اللبناني الذين يكفلون حماية حرية التعبير والحق في التظاهر.

وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات اللبنانية بالالتزام بالمبادئ الأساسية المتعلقة باستخدام القوة والأسلحة النارية التي تنص على "أن أي استخدام للقوة من قبل قوى إنفاذ القانون يجب أن يكون متناسباً، وینبغي تصعیده فقط في حالة عدم فعالیة التدابیر الأخرى لمعالجة تھدید حقیقي وعدم قدرتھا على تحقیق النتیجة المرجوة".

كما طالبها باتخاذ كافة التدابير والإجراءات الممكنة لضمان سلامة المتظاهرين واحترام حقهم في حرية التظاهر والتعبير عن آرائهم وتمكين المعتقلين على خلفة الاحتجاجات الشعبية من لقاء ذويهم ومحاميهم وإطلاق سراحهم فوراً.

 

خلفية

 يشهد لبنان منذ أكتوبر 2019 أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ الحرب الأهلية (1975-1990)، وقد تفاقمت مع فرض تدابير العزل لمحاولة احتواء تفشي فيروس كورونا المستجدّ.

ويشكو المتظاهرون من الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الاستهلاكية وخسارة قدرتهم الشرائية مع تدهور قيمة الليرة. ويشكو كثيرون من عدم قدرتهم على تأمين لقمة عيشهم خصوصاً خلال شهر رمضان.

وشهدت عدة مدن في لبنان لا سيما طرابلس وصيدا (شمالي وجنوبي البلاد) احتجاجات على تردّي الأوضاع الاقتصادية والإجراءات المالية التعسفية من قبل مصرف لبنان والمصارف اللبنانية عبر فرض قيود غير قانونية على الودائع بالدولار الأميركي لناحية السحب والتحويل إلى الخارج، وتدهور الليرة اللبنانية ووصول سعر صرفها مقابل الدولار الأميركي إلى مستويات قياسية لم تشهدها البلاد من قبل حيث تخطى الأربعة آلاف ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد.