جنيف- قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ على الإدارة الذاتية الكردية وقف انتهاكاتها الجسيمة لحرية الصحافة وتدخلاتها غير المبررة بعمل الصحفيين في مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا.

وأكد المرصد الأورومتوسطي ومقرّه جنيف في بيان صحفي، أنّ وقف الإدارة الذاتية التي تعمل تحت سلطة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، صحفيين عن العمل بشكل تعسفي يمسّ بحرية الصحافة، ويستهدف على ما يبدو فرض إملاءات تتناقض وأبسط قواعد حرية الإعلام.

   تقييد الإدارة الذاتية للعمل الصحفي وإخضاعه لمحدّدات وضوابط تعسفية يحدّ من قدرة الصحفيين على ممارسة عملهم بشكل مستقل، ويعرّض العاملين في المجال الصحفي إلى خطر الاعتقال أو الإخفاء، ويكرّس سياسة "الرواية الواحدة" التي تسعى لفرضها في مناطق سيطرتها هناك   

أنس جرجاوي، المدير الإقليمي للأورومتوسطي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

وأشار بهذا الصدد إلى قرار مكتب الإعلام في الإدارة الذاتية وقف عمل مراسلة فضائية "روداو" "فيفيان فتاح" عن العمل مدة 60 يومًا بتهمة "إهانة دم الشهداء" بسبب عدم إطلاقها صفة "شهداء" على قتلى القوات.

وقال المدير الإقليمي للأورومتوسطي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنس جرجاوي إنّ لدى الإدارة الذاتية سجّل ممتد في انتهاكات حقوق الإنسان، إذ تتنكر في إجراءاتها وقراراتها لأدنى الضوابط القانونية أو الأخلاقية، وتتعدى على الحقوق الجماعية والفردية للسكان المدنيين في مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا.

وأضاف جرجاوي أنّ تقييد الإدارة الذاتية للعمل الصحفي وإخضاعه لمحدّدات وضوابط تعسفية يحدّ من قدرة الصحفيين على ممارسة عملهم بشكل مستقل، ويعرّض العاملين في المجال الصحفي إلى خطر الاعتقال أو الإخفاء، ويكرّس سياسة "الرواية الواحدة" التي تسعى لفرضها في مناطق سيطرتها هناك.

وأعرب المرصد الأورومتوسطي عن دعمه لبيان فضائية "روداو" -تبثّ من إقليم كردستان العراق- الذي أدانت فيه القرار المذكور، واعتبرته مخالفًا لكل فهم حقيقي للعمل الإعلامي وضدّ مبادئ حرية العمل الإعلامي، وأن ما ورد في تقارير المراسل المستهدفة بعيد عن أي مقصد سياسي.

والشهر الماضي أوقف مكتب الإعلام في الإدارة الذاتية الصحفيين ناز السيد وبدرخان علي، وعزا ذلك "إلى ارتكابهما مجموعةً من المخالفات المسيئة إلى الإعلام"، بحسب ما جاء في التعميم. وأسند قرار إيقاف الصحفيين عن العمل إلى ما اعتبرها "القوانين الناظمة للعمل الإعلامي في مناطق شمال وشرق سوريا"، كالنظام الداخلي لمكتب الإعلام، ومواثيق الشرف الصحافي وميثاق التفاهم للإدارة الذاتية.

ولفت المرصد الحقوقي الدولي إلى أنه على الرغم من إقرار الإدارة الذاتية عام 2016 قانونًا للإعلام ليكون نافذًا ومصدر ضبط للعمل الإعلامي في مناطقها، فلا تزال تتعرض للانتقادات من قبل الإعلاميين لجهة عدم تطبيقه فضلًا عن تدخلها المتكرر في المحتوي الإعلامي المقدم من مناطق نفوذها.

وشدّد على أنّ ممارسات الإدارة الذاتية تنتهك بشكل واضح المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنص على أنّ "لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود".

وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان برفع سلطة المكتب الإعلامي للإدارة الذاتية عن عمل الصحفيين، باعتبار أن أي سلطة في غياب أي إجراءات قضائية هي سلطة لا تستقيم مع معايير الإعلام الحر، وتفسح المجال أمام الانتهاكات الحكومية، فضلا عن أن المعايير الدولية ذات الصلة تسمح بالقيود القائمة على المحتوى فقط في ظروف ضيقة للغاية، مثل حالات التشهير ضد أفراد أو خطاب يهدد الأمن القومي.

خلفية

أُنشئت الإدارة الذاتية الكردية في مناطق شمال شرقي سوريا، إذ تسيطر على المنطقة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي أُسست في مدينة القامشلي في 10 تشرين أول/أكتوبر 2015 وكان الهدف المعلن لها هو محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" بدعم مباشر من التحالف الدولي. بحسب توثيق الأورومتوسطي ومنظمات حقوقية أخرى، تتورط "قسد" بانتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان في مناطق سيطرتها في سوريا، تشمل القتل والاخفاء القسري والتعذيب والتغيير الديموغرافي.