جنيف- قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ على الحكومة الأردنية الالتزام بمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية لحقوق الإنسان في التعامل مع العمال خلال جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19).
الحكومة الأردنية مسؤولة عن تحمّل تبعات جائحة كورونا وخاصة الاقتصادية منها من خلال إعداد خطط واضحة لإعانة الشركات والأفراد المتضررين من الإغلاق وعدم السماح بانهيار المصالح الاقتصادية أو اتخاذ أرباب العمل ظروف جائحة كورونا للتعدي على حقوق العاملين
وأعرب المرصد الأورومتوسطي ومقرّه جنيف في بيان صحفي، عن قلقه من تأثير سلسلة قرارات أخيرة لأوامر قانون الدفاع الساري في الأردن على العمال في البلاد بحيث تشكل خطرًا يمس أمنهم المعيشي، وتقوض بشكل مباشر حقوقهم المكفولة بالقوانين والمواثيق الدولية ذات العلاقة.
وأشار بهذا الصدد إلى صدور بلاغ حكومي في 31 أيار/مايو 2020 تضمّن إتاحة المجال لصاحب العمل بإنهاء خدمات عاملين في المنشأة التي يديرها، واقتصار الحق في تقديم شكوى بذلك على العمال الأردنيين دون الأجانب.
ولفت إلى أنّ البلاغ الحكومي أتاح لأصحاب المنشآت المس برواتب العمال دون اعتبار إنساني، بحيث تضمن الإبقاء على خصم 30 في المائة من أجور العاملين من رواتب شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو، كما ألغى حصول صاحب العمل على موافقة لخصم 50 في المائة من رواتب العاملين غير المكلّفين بعمل لديه.
كما سمح البلاغ لصاحب العمل تخفيض أجر العامل الشهري بنسبة تصل إلى 60 بالمئة، وبما لا يقل أجر العامل بعد التخفيض عن 150 دينارًا شهريًا، ودون اشتراط موافقة وزارة العمل أو العامل.
فضلًا عن ذلك تضمن البلاغ ما يجيز لصاحب العمل تكليف العامل الذي لا يتطلب منه القيام بعمل في مقر المنشأة أو عن بعد القيام بأعمال من منزله (عن بعد) وبحد أقصى أربع ساعات يوميًا، ولا يستحق العامل عن هذا العمل من المنزل أجرًا إضافيًا لما حدده البلاغ.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أنّ خطورة البلاغ الحكومي المذكور تأتي في إمكانية استغلاله من قبل الشركات وأصحاب المنشآت لإصدار قرارات فصل تعسفية على نطاق واسع والخصم من رواتبهم دون اعتبار قانوني وبغض النظر عن مدى تضررها من أزمة جائحة كورونا.
وذكر أنه تم رصد مئات الانتهاكات ضد عمال خاصة في منشآت القطاع الخاص، فمنهم من لم يستلم راتبه منذ شهرين، وشركات استغلت أوامر الدفاع الصادرة عن الحكومة وأوقفت رواتب العاملين، وأخرى خفضتها بنسبة 30% و50%، فيما تم فصل أعداد كبيرة من العمال بحجة تداعيات جائحة كورونا.
وشدد المرصد الحقوقي الدولي على ضرورة إعادة الحكومة الأردنية النظر في قراراتها وعدم السماح بالتعسف بحقوق العمال بموجب التزاماتها بـ"العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية لا سيما المادة السابعة من العهد التي أكدت إلزام الدولة بتوفير شروط عمل عادلة ومرضية للعمال، كما أبرزت مسؤولية الدولة في توفير ظروف العيش الكريم للعامل ولأسرته، إضافة إلى ضمان وجود العامل في ظروف بيئة عمل صحية. وبناء على هذه الاتفاقية وغيرها، فإنّ السلطات الأردنية ملزمة بإلغاء قرارها الأخير المجحف بحق العمال لسمو الاتفاقيات الدولية على القوانين الداخلية مع التأكيد على أن حالة الطوارئ التي تمر بها الأردن وغيرها من الدول لا تعطيها الحق في التغول على حقوق العمال والإمعان في انتهاك مكتسباتهم القانونية تحت أي مبرر.
ونبّه إلى مسؤولية الحكومة الأردنية في تحمّل تبعات جائحة كورونا وخاصة الاقتصادية منها من خلال إعداد خطط واضحة لإعانة الشركات والأفراد المتضررين من الإغلاق، وعدم السماح بانهيار المصالح الاقتصادية، أو اتخاذ أرباب العمل ظروف جائحة كورونا للتعدي على حقوق العاملين المكفولة محليًا ودوليًا.
وأكّد أن الأردن ملزم بالوفاء بتعهداته إزاء اتفاقية حماية الأجور الدولية الموقعة عام 1949 وتنص على ضرورة دفع الأجور دوريًا، وأن تتخذ الحكومات تدابير لتوسيع إعانات البطالة لتشمل العمال الذين يواجهون مشكلة فقدان الكسب بفعل البطالة الجزئية خاصة في حالات الخفض المؤقت في ساعات العمل وتوقف الكسب أو نقصه بسبب وقف مؤقت للعمل.
وجدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الدعوة إلى ضرورة مراجعة الحمايات الاجتماعية للعاملين في الأردن في ظل أن تغطية المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ونظامي التقاعد المدني والعسكري لا تشمل أكثر من 60% من القوى العاملة في الأردن البالغ عددها ما يقارب 2.6 مليون عامل، حسب تقديرات رسمية.
خلفية
تظهر الأرقام الرسمية لمستويات الفقر المطلق في الأردن اقترابه من 635 دولاراً شهرياً للأسرة المعيارية المكونة مما يقارب 4.8 أفراد، كما أن ما يقارب ثلثي العاملين في الأردن (66.1%) بحسب أرقام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، يحصلون على رواتب شهرية تبلغ 700 دولار وما دون. ولم يتم تعديل الحد الأدنى للأجور على الرغم من صدور قرار برفعه إلى 367 دولاراً، إلا أنه جرى وقف تنفيذ القرار حتى بداية العام المقبل 2021.