جنيف - أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ من تصعيد القوات الروسية والسورية هجماتها الجوية والمدفعية على منطقة إدلب، والتي بلغت ذروتها اليوم باستهداف واسع لمدن وقرى جبل الزاوية، ما أسفر عن مقتل عدد من المدنيين.
وقال المرصد الأورومتوسطي ومقره جنيف في بيانٍ صحفيٍ الخميس، إن القوات الروسية والسورية نفذت قصفا جويًا ومدفعيًا متزامنًا استهدف عدة بلدات وقرى في جبل الزاوية جنوب إدلب، ما أدّى إلى مقتل 5 مدنيين على الأقل بينهم طفل وامرأة وإصابة آخرين، بالإضافة إلى مقتل عدد من قادة هيئة "تحرير الشام"، وهي الفصيل المسلح الأكبر نفوذًا في منطقة إدلب.
الهجمات الأخيرة تهدد بشكل كبير استمرار اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب الذي توصلت إليه تركيا وروسيا قبل أكثر من عام
أنس جرجاوي، مسؤول العمليات في المرصد الأورومتوسطي
وحصل المرصد الأورومتوسطي على أسماء بعض القتلى جراء القصف الصاروخي؛ وهم محمد عبد الحميد العاصي، ووليد صبحي العاصي، وعبد الله عبد القادر العاصي ووليد سميح هرموش، في حين أن (4) قتلى ما يزالون مجهولي الهوية.
ووثق الأورومتوسطي إفادة (ح.ن)، وهو أحد سكان بلدة إبلين التي شملها القصف، حيث قال: "في حوالي الساعة العاشرة صباحًا، سمعنا أصوات انفجارات قوية هزت البلدة، سبقها تحليق كثيف للطيران الحربي. كل شيء حدث فجأة، فلم تكن هناك أي اشتباكات أو عمليات عسكرية قبل الانفجارات. هرعت مع مجموعة من الأشخاص نحو إحدى المناطق التي طالها القصف لنجد 4 جثث متفحمة داخل مركبة محترقة، بالإضافة إلى بعض الإصابات التي نقلتها فرق الدفاع المدني إلى المستشفيات فور وصولها المكان".
وتلقى المرصد الأورومتوسطي تقارير بنزوح عشرات العائلات من المنطقة بفعل عمليات القصف الكثيفة، مشيراً إلى أن النزوح يتزامن مع عودة الأهالي لجني محاصيلهم الزراعية التي يعتمدون عليها لتأمين معيشتهم.
ولفت إلى أنّ محافظة إدلب وأريافها لا تحتمل موجات نزوح جديدة، إذ ما يزال آلاف المدنيين في حالة نزوح بفعل العمليات العسكرية السابقة في المنطقة، خصوصًا في ظل انعدام الأمن في مناطقهم الأصلية، وعدم وجود أفق قريب لإعادة إعمار ما خسروه خلال العمليات السابقة.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على ضرورة مراعاة القوات الروسية والسورية مبادئ القانون الدولي الإنساني في عملياتهما، وبالتحديد مبدأي التمييز والتناسب، إذ لا يمكن التغاضي عن إمكانية وقوع خسائر مدنية لدى استهداف مقاتلين أو منشآت عسكرية، وينبغي الالتفات بشكل خاص إلى تجنب استهداف المدنيين والمنشآت المدنية في العمليات العسكرية.
ووفق متابعة الأورومتوسطي، شملت حملة القصف العنيفة كذلك قرى وبلدات كفر عويد، وقوقفين، والموزرة، والكندة والحلوبة، بالإضافة إلى محيط قرية مجدليا بريف إدلب الجنوبي، فضلاً عن القصف المدفعي الذي تركز على قرى سفوهن، والبارة، وقرية سان.
ومنذ بداية العام الحالي، استجابت فرق الدفاع المدني لأكثر من (420) هجوماً، شُنّت من قبل القوات الروسية والسورية، ما تسبب بمقتل ما لا يقل عن (53) مدنياً، بينهم (10) أطفال و(9) نساء، وإصابة نحو (136) مدنياً.
وخلال الأسبوع الحالي، شهدت بلدات وقرى جبل الزاوية ارتفاعًا كبيرًا في عمليات القصف الجوي والمدفعي، حيث أسفرت تلك العمليات عن مقتل 12 شخصًا وإصابة أكثر من 20 آخرين.
وحذّر مسؤول العمليات في المرصد الأورومتوسطي "أنس جرجاوي" من تصعيد القوات الروسية والسورية هجماتها ضد المناطق المدنية في منطقة إدلب، لافتًا إلى ضرورة احتواء التصعيد قبل أن ينزلق إلى مستويات خطيرة وصعبة".
وأضاف "جرجاوي" أنّ الهجمات الأخيرة تهدد بشكل كبير استمرار اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب الذي توصلت إليه تركيا وروسيا قبل أكثر من عام، معبرًا عن قلقه البالغ من تبعات ذلك على الوضع الإنساني المتردي أصلًا لدى مئات آلاف المدنيين الذي يسكنون المنطقة.
ودعا المرصد الأورومتوسطي القوات الروسية والسورية إلى وقف هجماتها فورًا على المناطق السكنية في إدلب وأريافها، واحترام وقف إطلاق النار في المنطقة، والتخلي عن سياسة استهداف المدنيين وتدمير المنشآت المدنية.
وحث الأورومتوسطي المجتمع الدولي على التحرك العاجل لوضع حد للهجمات العشوائية على مناطق مدنية لا تتوفر فيها أي ميزة عسكرية، وفتح تحقيق عاجل في عمليات القتل المروعة التي ترتكبها القوات الروسية والسورية، والعمل على محاسبة جميع المتورطين في تلك الهجمات غير المبررة.