جنيف - أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ترحيل السلطات الكويتية وافدًا أردنيًا على خلفية مشاركته في وقفة احتجاجية نظمها مواطنون كويتيون ضد الإجراءات الحكومية التي تجبر المواطنين والمقيمين على تلقي لقاح فيروس كورونا (كوفيد-19).

وقال المرصد الأورومتوسطي ومقرّه جنيف في بيانٍ صحفيٍ اليوم، إن "عبد الله محمد جبارة"، (25 عامًا)، مواطن أردني يقيم في الكويت، شارك في وقفة احتجاجية نظّمها كويتيون في ساحة الإرادة بالعاصمة الكويت في 20 يونيو/حزيران الماضي، بسبب القرارات التي أصدرها مجلس الوزراء والمتمثلة بفرض قيود على حركة الأشخاص الذين لم يتلقوا لقاح كورونا، ويشمل ذلك منعهم من السفر، أو دخول الأماكن العامة والتجمعات؛ مثل المطاعم والأندية ومراكز التسوق وغيرها. 

   حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون.   

المادة (36) من الدستور الكويتي المحلي

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ "جبارة" أبدى احتجاجه على هذه القيود، وعلى ضرورة إبراز شهادة التطعيم من أجل التجول في الأماكن العامة، وصرّح لوسائل الإعلام التي كانت تتواجد لتغطية الاحتجاج متسائلًا: "كيف لإنسانٍ حر أن يرضى أن يتم التحكم بتحركاته وأن يمنع من دخوله لأي مكانٍ عام إلا بعد إبراز شهادة التطعيم". وقال "سواء أكنت متلقٍ للمطعوم أو غير متلقٍ له كيف ترضى بأن يتم التحكم في تحركاتك؟ لقد مررنا بتجارب صعبة ومررنا بحروب ولكن لم نشاهد مثل هذا من قبل. إنها تفرقة غريبة بين الناس وغير مقبولة".

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّه بعد هذه التصريحات أصدرت السلطات الكويتية قرارًا بإبعاد "جبارة" ورحّلته يوم الأحد الماضي 4 يوليو/تموز إلى الأردن، استنادًا إلى التعليمات الصادرة عن وزير الداخلية الكويتي "ثامر العلي" والقاضية بإبعاد أي مقيم في الكويت من الوافدين الذين يمارسون سلوكاً يمس المصلحة العامة والأمن والآداب العامة.

وتقضي تعليمات وزير الداخلية "بالضبط والإبعاد الفوري لأي مقيم يشارك في تجمعات في ساحة الإرادة أو غيرها ويتدخل في الشؤون الداخلية للكويت".

وقال المرصد الأورومتوسطي إنّ إبعاد المواطن الأردني ينبّه من جديد إلى خطورة السياسيات والتوجيهات التمييزية التي تتبعها السلطات الكويتية ضد الوافدين، بحيث تمنعهم من ممارسة حقوقهم الإنسانية البسيطة، ومن أبرزها حقهم في التعبير، وخصوصًا في سياسات تمسهم بشكل مباشر كمقيمين على الأراضي الكويتية.

وبيّن أنّ إبعاد "جبارة" يثبت مرة أخرى اتساع الفجوة بين السياسات الرسمية الكويتية والمعايير الإنسانية فيما يتعلق بمعاملة الوافدين، إذ لا تسمح الدولة للمقيمين بممارسة حقوق طبيعية كالتعبير عن الرأي، وتغلّظ عقوبة هذه الممارسات لتصل إلى حد الإبعاد من البلاد.

ووفقًا لبيانٍ متداول اطلع عليه الأورومتوسطي قال والد الشاب جبارة "إنّ عبد الله كان يمر من موقع الاعتصام ولم يقصد المشاركة فيه، وأن نجله لم يكن يخطط للحديث عبر وسائل الإعلام، وأنّ تصريحاته لم تحمل الإساءة لأحد، فهو كان يقصد الحديث عن اللقاح بصفة عامة حيث أنّ الأمر يحدث في معظم دول العالم".

وبحسب أرقام إدارة الإحصاء الكويتية، سجّل العام الماضي والثلث الأول من العام الحالي، مغادرة 472 ألف عامل وافد من الكويت، بسبب ظروف الإغلاق وتراجع حركة الاقتصاد الناجمة عن التفشي الواسع لفيروس كورونا في البلاد.

وأكّد الأورومتوسطي أنّ السلطات الكويتية ملزمة بتطبيق مواد الدستور المحلي دون أي تمييز، إذ نصت المادة (36) منه على أنّ "حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون". كما أكدت على ذلك المادة (19) من العهد الدولي للحقوق المدنية السياسية والتي نصت على: "1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة. 2. لكل إنسان حق في حرية التعبير..".

ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات الكويتية إلى التراجع عن قرار ترحيل المواطن الأردني "عبد الله جبارة"، ووقف قرارات الإبعاد بحق الوافدين على خلفية الرأي والتعبير، والعدول عن التوجيهات التمييزية التي تحرمهم من ممارسة مجموعة من حقوقهم الأساسية.

وحث المرصد الأورومتوسطي السلطات الكويتية على إعادة النظر في سياسات إبعاد الوافدين، والتي لا تخضع لرقابة الجهات القضائية بشكلٍ فعال، والتأكّد من مراعاة معايير حقوق الإنسان في القضايا التي تخص الوافدين، بما في ذلك تقديم الضرورة الإنسانية على العقاب والإبعاد.