جنيف – أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان صحفي الأربعاء خطاب الحكومة البريطانية المعادي للمهاجرين واصفًا إياه بالخطير للغاية، وذلك في الوقت الذي تشهد المملكة ارتفاعًا حادًا في الهجمات العنصرية ضد طالبي اللجوء.
وقال المرصد الحقوقي الدولي ومقرّه جنيف، إنّ الخطاب المتفشي المناهض للمهاجرين قد يؤدي إلى تفاقم أو إشعال أو زيادة هذا العنف المدان والمراوغة ضد الفئات الضعيفة أصلًا، داعيًا حكومة المملكة إلى تغيير رسالتها تجاه طالبي اللجوء على الفور وبذل جهود كافية لوضع حد لمثل هذه الهجمات العنصرية.
عندما لا يشعر الأشخاص الذين يفرون من الفظائع ويطلبون الحماية بالأمان في البلد المضيف، فإن الحكومة تتحمل بالتأكيد الجزء الأكبر من اللوم.
ميشيلا بولييزي، مساعد شؤون الهجرة واللجوء في الأورومتوسطي
وأشار الأورومتوسطي أنّ البيانات التي تغطي الفترة من 1 يناير/كانون الثاني 2020 حتى 13 يوليو/تموز 2021 تقدم قائمة من الأحداث المروعة التي حدثت في أماكن إقامة طالبي اللجوء التي تموّلها الدولة، بما في ذلك تهديدات بالاغتصاب وانتهاكات لفظية وجسدية، مثل رمي الحجارة والزجاجات وإطلاق الألعاب النارية عبر البوابة وإلقاء البيض ومحاولة صدم لاجئ بسيارة.
وفي العام الماضي، دخلت مجموعة من أنصار حركة "بريطانيا أولًا" اليمينية المتطرفة فنادق تستخدمها وزارة الداخلية لإيواء طالبي اللجوء وبدأوا في قرع أبواب غرف النوم وترهيب طالبي اللجوء، فيما قال متحدث باسم شرطة غرب ميرسيا حول الحادث إن "الأفراد قد غادروا المبنى قبل وصول الشرطة ولم يتم الإبلاغ عن أي جرائم جنائية."
وقال الأورومتوسطي إنّ سلامة طالبي اللجوء في المملكة المتحدة قد ساءت هذا العام، حيث تضاعف عدد الحوادث العنصرية المسجلة في أماكن الإقامة التي توفرها الدولة ثلاث مرات، من 13 حادثة في عام 2020 بأكمله إلى 40 حتى الآن في عام 2021، وفي الوقت نفسه، ازداد استخدام الفنادق والثكنات العسكرية كإقامة مؤسسية بشكل حاد منذ مارس 2020، بعد بداية جائحة كورونا.
وذكر الأورومتوسطي أنّ عدة حوادث وقعت في ثكنات نابير، حكمت عليها المحكمة العليا في المملكة المتحدة في 3 يونيو/حزيران بأنها "غير ملائمة وغير آمنة"، فيما وصلت وزارة الداخلية بلاغات عن أربعة حوادث هناك بين سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول من العام 2020، و12 حادثًا في عام 2021، ولكن نشطاء داعمين لحقوق المهاجرين قالوا إنّ هذا الرقم أقل من الواقع بشكل كبير جدًا.
وأبلغ رجل يمني عن حادثتين تورط فيهما متظاهرين من اليمين المتطرف في مقر إقامته بفندق وفرته وزارة الداخلية بالقرب من لندن، وقال: "كانوا يقودون سياراتهم حول الفندق ويسجلوا مقطع فيديو لنا. كانوا يهينوننا ويسبوننا ويصرخون بأشياء مثل "اخرجوا من بلدنا، لماذا تأكلون طعامنا، ابتعدوا عنا، أنتم غرباء هنا". كنا خائفين للغاية من الخروج من الفندق وشعرنا أنه سجن كان علينا البقاء فيه".
وأضاف: "لقد فررنا من بلدان فيها الكثير من التعذيب والاضطهاد وشعرنا بالأمان عندما وصلنا إلى هنا. لكن عندما رأينا هذا النوع من الهجوم العنصري، شعرنا أننا لسنا محميين".
وقالت ميشيلا بولييزي باحثة شؤون الهجرة في الأورومتوسطي: "عندما لا يشعر الأشخاص الذين يفرون من الفظائع ويطلبون الحماية بالأمان في البلد المضيف، فإن الحكومة تتحمل بالتأكيد الجزء الأكبر من اللوم. إن تجاهل هذه الأحداث أو التعامل معها على أنها مجرد 70 حادثة فردية بدلاً من نمط منهجي عنصري مروع يتجاهل الدور المتفشي للدعاية الحكومية المناهضة للمهاجرين، ويؤجج مزيدًا من التمييز ضد طالبي اللجوء ويطبع العنف ضد المهاجرين".
وأضافت بولييزي، "عندما تتحدث عن المهاجرين على أنهم غزاة مزعجون، عندما تطلق عليهم اسم "غير شرعيين"، عندما تحبسهم في ثكنات خلف الأسلاك الشائكة والأسوار العالية كسجناء، فمن المحتمل أن لا يتعاطف معهم الكثير من الناس، والبعض يجرّدهم من إنسانيتهم، وبالتأكيد قد يشعر البعض بالشرعية لإيذائهم."
واطلع الأورومتوسطي على أحد أقوال الشهود من الطعون القانونية التي قدمها طالبو اللجوء، وفيه أنّ بعض القوميين المتطرفين طلبوا شراء أجهزة طاردة للطيور من متجر الأدوات الزراعية لتقليد صوت إطلاق النار وترويع طالبي اللجوء الذين يتم استضافتهم في المنطقة.
وفي حادثة أخرى قبل بضعة أيام فقط، في 7 أغسطس/آب، حمّلت حركة "بريطانيا أولاً" مقطع فيديو تعلن فيه أنّ عددًا من أعضائها قد انتحلوا هوية صحفيين لاستهداف وتخويف طالبي اللجوء في الفنادق في مدينة هال.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية: "من غير المقبول لأي شخص في سكن اللجوء أن يتعرض لحوادث عدائية أو عنصرية ونحن نضمن إجراء تحقيق شامل في كل حادث. نحن نعمل عن كثب مع مجموعة من المنظمات لضمان تقديم الدعم والمساعدة الفوريين للأشخاص الذين يعيشون في مكان الإقامة، وإذا لزم الأمر، يجب تصعيد الأمر والتواصل مع الجهات المخولة بإنفاذ القانون. ومع ذلك، فإن هذا النهج ينتظر ظهور المشكلة، أي أن يتعرض شخص أو مجموعة أشخاص للأذى أو الخوف قبل التدخل، بدلاً من منع هكذا حوادث من الأساس".
وقال الأورومتوسطي إنّ الثكنات المهجورة والمتداعية والشبيهة بأماكن الاحتجاز غير مناسبة على الإطلاق للسكن طويل الأجل ويجب تجنبها، خاصة مع ضحايا التعذيب أو النزاعات المسلحة أو الاتجار بالبشر، مشيرًا إلى أن قرار استضافة طالبي اللجوء في ظروف مماثلة بدوافع سياسية يعتبر إصرار على تعريض حياة المهاجرين للخطر لتثبيط وصولهم أو رغبتهم في البقاء.
ودعا الأورومتوسطي حكومة المملكة المتحدة إلى التوقف عن اللعب بأرواح الفئات الضعيفة من أجل المصالح السياسية والتوقف عن إجبار الأشخاص المستضعفين على العيش في ظروف مزرية وشبيهة بالسجون لأنها تغذي القطيعة والعداء والعنف والعنصرية.
وطالب الحكومة بإيواء جميع طالبي اللجوء في منازل آمنة وصحية داخل المجتمع لتشجيع اندماجهم وضمان سلامتهم الجسدية والنفسية ومنع حدوث مثل هذه الانتهاكات العنصرية.