جنيف - حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليوم من تزايد أعداد وفيات طالبي اللجوء الذين تأويهم وزارة الداخلية البريطانية، فيما تستمر الحكومة بانتهاج سياسة تهدف إلى تحديد تواجدهم في البلاد بدلاً من توفير بيئة أكثر أمانًا لهم لتجنيبهم معاناة مركبة.

وقال الأورومتوسطي في بيان له اليوم الخميس إنه منذ أبريل/نيسان 2016 توفي (95) شخصًا في أماكن مخصصة لإيواء طالبي اللجوء في المملكة المتحدة، وهو ما يقرب من ضعف العدد الذي أعلنت عنه الحكومة مؤخرًا، ما أثار شكوكًا بأن وزارة الداخلية حاولت إخفاء العدد الحقيقي للوفيات.

   الطريقة التي يتم بها إيواء طالبي اللجوء ومعاملتهم، سواء في الحياة أو بعد الوفاة، هي تجسيد لهوية المملكة المتحدة كدولة.   

ميكيلا بولييزي، باحثة شؤون الهجرة واللجوء في المرصد الأورومتوسطي

وأشار الأورومتوسطي إلى أنه وخلال العامين الماضيين -مع بداية جائحة كورونا وقرار وزارة الداخلية دفع الآلاف من طالبي اللجوء إلى الفنادق والثكنات العسكرية- كان هناك ارتفاعًا حادًا في عدد الوفيات في أماكن الإيواء الخاصة باللجوء، حيث قفز عدد الوفيات من (4) في عام 2019 إلى (36) في عام 2020 - بزيادة تبلغ 9 أضعاف - فيما وصل عدد الوفيات إلى (33) شخصًا آخرًا في الأشهر الثمانية الأولى فقط من عام 2021، ما يعني أنه منذ بداية عام 2020 وحتى أغسطس/آب 2021، توفي (69) شخصًا تحت أعين وزارة الداخلية.

وقال الأورومتوسطي إن مفتشي وزارة الداخلية وجدوا أن 83٪ من ممتلكات الوزارة التي تؤوي طالبي اللجوء بها عيوب وأن 40٪ منها غير صالح للسكن.

وقال الأورومتوسطي إنه بدلًا من توفير بيئة آمنة خلال جائحة فيروس كورونا، كانت أشكال الإقامة المؤقتة هذه غير آمنة ومكتظة وغالبًا ما تشبه ظروف الاحتجاز، مثل ثكنة "نابيير" في كينت وثكنة "بينالي" في بيمبروكشاير، التي قررت المحكمة العليا مؤخرًا بأنها "غير ملائمة وغير آمنة".

وأضاف الأورومتوسطي أن عدد طالبي اللجوء الذين يعيشون في فنادق خاصة لإيوائهم استمر في الارتفاع من (1,200) شخص في مارس/آذار 2020 إلى ما يقرب من (8,700) في نهاية فبراير/شباط 2021، منتشرين في أكثر من (90) فندقًا في جميع أنحاء البلاد.

وشدد الأورومتوسطي على أن التقصير في منح طالبي اللجوء مستوىً معيشيًا لائقًا كان بعلم الرأي العام في المملكة المتحدة لكنه أثار مخاوف جديدة في الآونة الأخيرة.

وكانت وزارة الداخلية قدمت إجابات متناقضة لاستفسارات منفصلة قدمها كل من المجلس الاسكتلندي للاجئين و"ليبرتي انفستيا جيتس" على حدة بشأن عدد الوفيات في أماكن إقامة اللجوء.

فوفقًا، لما حصلت عليه "ليبرتي انفست جايتس" من خلال طلبات حرية المعلومات (أسئلة يوجهها الجمهور للسلطات البريطانية عبر بوابة إلكترونية خاصة)، كان هناك (69) حالة وفاة، بينما كان العدد (51) وفقًا للمعلومات التي حصل عليها المجلس الاسكتلندي للاجئين بنفس الطريقة قبل 3 أشهر فقط. على سبيل المثال، لم تُدرج في البيانات المقدمة للمجلس معلومات متعلقة بمواطن سلفادوري يبلغ من العمر 77 عامًا توفي في مستشفى في مايو/أيار 2020 بعد 10 أيام من مرضه في فندق اللجوء الخاص به، ولكنها أُدرجت في البيانات المقدمة لـ "ليبرتي انفستيا جيتس" بعد أشهر.

وبرر متحدث باسم الحكومة التناقض بقوله إنه يعزى لاختلاف تفسير كل من الطلبين، حيث أن أحد أعضاء المجلس أراد معرفة عدد الوفيات التي حدثت داخل أماكن إقامة اللجوء وليس خارجها، مثل المستشفيات، قائلًا إن الاستفسارات جاءت من "منظمات مختلفة، تسأل عن معلومات مختلفة، ولذلك كانت الردود مختلفة".

وقال الأورومتوسطي إن كلا طلبي حرية المعلومات استفسرا عن وفيات الأشخاص الذين تم إيوائهم بموجب 4 أقسام من قانون الهجرة واللجوء لعام 1999.

وقالت باحثة شؤون اللجوء والهجرة في الأورومتوسطي، "ميكيلا بولييزي"، إن "احتمال أن يكون التناقض ناتجًا عن قرار متعمد من وزارة الداخلية لخفض عدد الوفيات هو أمر أكثر خطورة من أن يمر مرور الكرام على أنه مجرد سوء تفسير".

وأضافت، "لا يمكننا أن ندرك الحجم الحقيقي لهذه المأساة، ولا أن نكون قادرين على منع المزيد من الوفيات، بدون بيانات شفافة".

وقالت الباحثة إن "الطريقة التي يتم بها إيواء طالبي اللجوء ومعاملتهم، سواء في الحياة أو بعد الوفاة، هي تجسيد لهوية المملكة المتحدة كدولة. فقرار حبس طالبي اللجوء في الفنادق البعيدة والثكنات العسكرية لسنوات، معزولين عن جميع المرافق الاجتماعية، دون الاهتمام باحتياجاتهم الجسدية والعقلية ودون الاستماع لهم، يعكس ويعزز الوصم المستمر الذي يواجهونه حاليًا بسبب سياسات الحكومة البريطانية".

ودعا الأورومتوسطي المملكة المتحدة إلى بدء تحقيق مستقل وشفاف في وفيات طالبي اللجوء التي تحدث بهذا المعدل المثير للقلق تحت أعين وزارة الداخلية ونشر بيانات سنوية ومفصلة وشاملة عن الوفيات التي تحدث في أماكن إقامة اللجوء الخاصة بها.

وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات باحترام وضمان حق طالبي اللجوء في الحصول على مستوى معيشي لائق، بما في ذلك السكن اللائق، والتمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية، وفقًا للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966 والذي وقعت عليه المملكة المتحدة.

ودعا الأورومتوسطي الحكومة إلى احترام حق طالبي اللجوء واللاجئين في المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بسكنهم، والتي تؤثر على حياتهم على المستويين الوطني والمجتمعي.