ملخص تنفيذي

بدأت إسرائيل بتشديد القيود على تنقل الفلسطينيين من وإلى الأراضي الفلسطينية منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، حيث أُلغي ما كان يسمى بـ "تصريح الخروج العام" الذي كان يمكن للفلسطينيين من خلاله التنقل بين قطاع غزة والضفة الغربية وإسرائيل. في الانتفاضة الثانية عام 2000، بات الفلسطينيون بحاجة إلى موافقة وتصاريح إسرائيلية للسفر والتنقل. لكن خلال العقد الماضي تحديدًا، شددت إسرائيل تلك الإجراءات بشكل غير مسبوق، حيث باتت عملية حصول الأفراد على تصاريح تسمح لهم بالتنقل والسفر تتطلب إجراءات بيروقراطية طويلة قد تمتد لأسابيع أو أشهر، وقد تنتهي في أحيان كثيرة بالرفض.

يواجه الصحافيون الفلسطينيون قيودًا أكثر تشديدًا بشكل خاص، ويصدر بحق العشرات منهم قرارات بالمنع من السفر والتنقل على خلفيات تتعلق بعملهم. تزداد تلك القيود وأعداد القرارات الصادرة بحق الصحافيين الفلسطينيين خلال وبعد أحداث سياسية أو أمنية محددة، لكنها تصدر كذلك عقب نشر الصحافيين تقارير صحافية أو صورًا أو مقاطع مصورة عبر الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي يوثقون فيها انتهاكات إسرائيلية معينة أو ينتقدون فيها السياسات الإسرائيلية.

خلال عام 2021 وحده، وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان 16 شكوى لصحافيين فلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، قالوا إن السلطات الإسرائيلية منعتهم من السفر خارج البلاد أو قيدت حقهم في حرية التنقل والحركة داخل الأراضي الفلسطينية. في الوقت ذاته، تشير البيانات التي جمعها الأورومتوسطي إلى أن أعداد الصحافيين الفلسطينيين الممنوعين من السفر عقابًا لهم على عملهم تقدر بالعشرات.

ولا تقتصر قيود السلطات الإسرائيلية على الصحافيين الفلسطينيين داخل الأراضي الفلسطينية بمنعهم من السفر خارجها، حيث يُمكن أن يواجه الصحافيون بعد سفرهم إلى الخارج قيودًا على حقهم بالعودة أو قرارات بالمنع من الدخول إلى الأراضي الفلسطينية بشكل كامل.

وثق الأورومتوسطي حالات قام فيها جهاز المخابرات الإسرائيلي وجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) بابتزاز ومساومة صحافيين فلسطينيين على حقهم في حرية التنقل والحركة، حيث قال عدد من الصحافيين الذين أجرى الأورومتوسطي مقابلات معهم إن الضباط الإسرائيليين قالوا لهم إنه يمكن أن يُزال عنهم قرار المنع من السفر في حالة واحدة فقط؛ وهي التعاون معهم في تقديم معلومات أمنية عن الفلسطينيين أو العمل لصالح إسرائيل. في حالات أخرى، وعد الضباط الإسرائيليون الصحافيين بمنحهم الحق في القدرة على السفر إذا ما تخلوا عن عملهم الصحافي أو توقفوا عن العمل لصالح جهات إعلامية وصحافية معينة.

بناءً على البيانات والحالات التي وثقها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يتبين أن السلطات الإسرائيلية تفرض قيودًا غير قانونية وغير مبررة على تنقل وسفر الصحافيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية، وتعاقبهم على عملهم الصحافي بما يتعارض مع مسؤولياتها.

بموجب التزامات إسرائيل كسلطة قائمة بالاحتلال، ينبغي على السلطات الإسرائيلية الالتزام بمنح الصحافيين الفلسطينيين الحق في حرية الحركة والتنقل من وإلى الأراضي الفلسطينية وداخل المدن دون عرقلة أو قيود. وفي حال وجود حالات استثنائية تستدعي فرض قيود أمنية محددة، يجب على السلطات الإسرائيلية دراستها بشكل فردي والتعامل معها في ضوء أحكام القانون الدولي.

منهجية التقرير

يوثق هذا التقرير القيود التي تفرضها إسرائيل على الصحافيين الفلسطينيين فيما يتعلق بحقهم في حرية التنقل والحركة والسفر، وأثر ذلك على حقوقهم الأخرى الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، كما يوثق حالات وإفادات لصحافيين فلسطينيين ممنوعين من السفر على خلفية عملهم.

أجرى فريق المرصد الأورومتوسطي في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية مقابلات مع صحافيين فلسطينيين قالوا إنهم مُنعوا من السفر أو فُرضت قيود على حقهم في حرية التنقل والحركة داخل الأراضي الفلسطينية. وافق أغلب الصحافيين الذين أًجريت مقابلات معهم نشر مقابلاتهم وبياناتهم، فيما طلب بعضهم عدم نشر أسمائهم أو بيانات وتفاصيل شخصية متعلقة بحالات منعهم من السفر؛ خوفًا من الملاحقة الإسرائيلية ورغبةً باستكمال إجراءاتهم القانونية بشكل سلس ضد قرارات المنع بالسفر.

إلى جانب المقابلات الشخصية مع صحافيين، أجرى الأورومتوسطي تقديرات بناءً على البيانات التي قدمها الصحافيون الممنوعون من السفر وزملائهم، وتوصل من خلالها إلى أن أعداد الصحافيين الذين تفرض إسرائيل عليهم قيودًا على حريات التنقل والحركة في الأراضي الفلسطينية تقدر بالعشرات.

مقدمة

طوال عقود، عاقبت إسرائيل شريحة واسعة من الفلسطينيين – بمن في ذلك نشطاء وصحافيون- على خلفيات تتعلق بالحق في حرية التعبير عن الرأي والنشاط الصحافي والإعلامي. وتتنوع القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على الصحافيين تحديدًا ما بين الاعتقال والملاحقة والحبس والاستهداف المباشر والاقتحامات والتحقيقات وإتلاف المعدات الإعلامية وغيرها. في الأعوام الأخيرة، بدأ عدد متزايد من الصحافيين العاملين في الأراضي الفلسطينية يواجهون قيودًا مختلفة تمس بشكل مباشر حقهم في حرية الحركة والتنقل، حيث باتوا يُمنعون من الانتقال إلى مدن أخرى داخل الأراضي الفلسطينية، ويُحرمون من الحصول على تصاريح تسمح لهم بالسفر خارج البلاد على خلفيات تتعلق بعملهم الصحافي.

ورغم ضمان القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، إلى جانب اتفاقيات أوسلو التي وقعتها إسرائيل مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1995 لحق الفلسطينيين في حرية الحركة والتنقل، إلا أن إسرائيل أخلت بالمبادئ التي نصت عليها تلك القوانين والاتفاقيات في مئات الحالات في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.

بدأت إسرائيل تفرض قيودًا على حرية تنقل وحركة الفلسطينيين من وإلى الأراضي الفلسطينية منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وحرب الخليج عام 1991، ومن ثم الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000. لكن تلك القيود وصلت إلى مراحل غير مسبوقة خلال العقد الماضي.

منذ بداية العام الجاري، وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عشرات الحالات لصحافيين فلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، منعتهم السلطات الإسرائيلية من الوصول إلى أماكن معينة داخل الأراضي الفلسطينية، أو رفضت منحهم تصاريح تسمح لهم بالسفر خارج البلاد، فيما تشير التقديرات إلى وجود عشرات آخرين ممنوعين من الحق في السفر. جميع الصحافيين الذين أجرى الأورومتوسطي مقابلات معهم يعتقدون أن قرارات المنع والتضييق على الحركة جاءت عقابًا لهم على عملهم في مجال الصحافة والإعلام، خاصة عقب تغطيتهم لأحداث معينة أو تعبيرهم عن رأيهم تجاه السياسات الإسرائيلية عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو الإعلام.

خلفية قانونية

منذ صياغة الوثائق الأولى المتعلقة بحقوق الإنسان، بدءًا من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، تعد ممارسة حرية التنقل شرطًا مسبقًا للتمتع بالعديد من الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وحقًا مكفولًا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في عدة مواضع؛ بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، إلى جانب تعليق اللجنة الدولية للصليب الأحمر على المادة (27) من اتفاقية جنيف حول حرية التنقل.

في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، أكدت اتفاقيات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1995 على ضرورة احترام وإعمال هذا الحق، حيث نصت على أنه "بدون الانتقاص من صلاحيات ومسؤوليات الأمن لإسرائيل طبقًا لهذا الاتفاق، فإن حركة الناس والمركبات والبضائع في الضفة الغربية بين المدن والقرى ومخيمات اللاجئين سوف تكون حرة واعتيادية ولن تخضع لنقاط التفتيش أو حواجز الطرق."

ويسمح القانون الدولي في بعض الحالات بفرض قيود محدودة على حريات الحركة والتنقل في حالات الضرورة القصوى حصرًا، فيما يجب أن تكون هذه القيود متناسبة ولا تنطوي عليها إجراءات تمييزية أو تترتب عليها انتهاكات أخرى تطال شريحة واسعة من المدنيين ممن لا يشكلون خطرًا أمنيًا على الأفراد أو الجماعات. لكن الحالات التي تبين فيها فرض السلطات الإسرائيلية قيودًا على الفلسطينيين كانت في الغالبية العظمى منها غير متناسبة وتمييزية، في حين مورست تلك القيود كإجراء عقابي لهم على خلفيات تتعلق بالحق في حرية الرأي والتعبير.

وكسلطة كقائمة بالاحتلال، تتحمل إسرائيل مسؤوليات بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك المادة 2 (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والذي صادقت عليه إسرائيل عام 1991، وتنص على أن ضمان جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في العهد دون " تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب."، والمادة (26) من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، والذي يحظر الحرمان من الحقوق لأسباب تتعلق بالرأي السياسي أو غير السياسي وغير ذلك.

القيود المفروضة على التنقل والحركة

بعد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1967، وفي الأعوام القليلة التي تبعت تلك الفترة، كان تنقل الأفراد يتم بلا قيودٍ تقريبًا، حيث استمر الفلسطينيون بالتحرك داخل الأراضي الفلسطينية وإسرائيل بشكل سلس مقارنة بالحال اليوم. لكن هذا الواقع تغير تدريجيًا منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى وما تبعها من أحداث، وحرب الخليج عام 1991. شددت إسرائيل تلك القيود عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، حيث بدأت بفرض إجراءات تُحتم على الأفراد التقدم بطلب تصاريح دخول وخروج بين المدن. فرضت إسرائيل قيودًا متباينة على الحركة كانت تشتد تدريجيًا بمرور الأعوام وتطور الحالة السياسية. لكن في الأعوام الأخيرة تحديدًا، شددت إسرائيل تلك القيود بشكل كبير، بحيث باتت قدرة الفلسطينيين على السفر خاضعة للإرادة أو "المزاج" الإسرائيلي في كثير من الأحيان، الأمر الذي جعل العديد من الفلسطينيين يعتبرون أنفسهم "محظوظين" إذا ما حصلوا على تصاريح بالسفر، فيما يُمنع آخرون من التنقل تعسفيًا ويُتركون دون تفسير للمنع.

وتخضع الأراضي الفلسطينية للإدارة الإسرائيلية بالكامل، بحيث تقسم إسرائيل تلك المناطق إلى ثلاثة أقسام رئيسية؛ الضفة الغربية الخاضعة للحكم العسكري والمقسمة إلى أجزاء صغيرة بفعل مئات الحواجز والعوائق، وقطاع غزة الذي يخضع لحصار إسرائيلي فُرض عام 2006 وشُدد عام 2007، إلى جانب القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل إليها.

تفرض إسرائيل على المناطق الثلاث سياسة الفصل الكامل، بحيث يُمنع الفلسطينيون من أي منطقة منها الانتقال إلى الأخرى دون إذن مسبق وتصريح إسرائيلي يُمكن أن تمتد إجراءات الحصول عليه لأيام أو أشهر.

في الضفة الغربية، يُمنع حاملو بطاقات الهوية الفلسطينية من الدخول إلى القدس الشرقية وإسرائيل دون تصاريح إسرائيلية تسمح لهم بالمرور، وعادة ما يصعب الحصول على تلك التصاريح التي تمتد إجراءات استخراجها مددًا طويلة قد تنتهي بالرفض.

إلى جانب ذلك، يحول جدار الفصل الإسرائيلي الذي بدأت إسرائيل عملية بنائه عام 2002 دون تمتع السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية بحقهم في حرية التنقل والحركة، حيث يمر نحو 85% من الجدار في الضفة الغربية.

وبالرغم من كون حرية التنقل والحركة تعد حقًا إنسانيًا مكفولًا، إلا أن السياسة التي تتبعها إسرائيل في عدم سماح مرور الفلسطينيين عبر المدن وخارج الأراضي الفلسطينية سوى بتصريح منها يجعل من هذا الحق امتيازًا يُمنح بشكل فردي لأشخاص دون غيرهم، ويسمح لها بالتالي بإساءة استخدام سلطاتها.

في قطاع غزة، يشكل معبر "إيرز" الذي تديره إسرائيل شمالي القطاع أحد معبرين وحيدين -إلى جانب معبر رفح مع مصر- يُستخدمان لتنقل الأفراد من وإلى القطاع. لكن الغالبية العظمى من سكان القطاع يُمنعون من المرور عبره، حيث يُستخدم لحالات محددة ومقيدة تمامًا، مثل المرضى الذي يحتاجون لعمليات جراحية أو علاجات طارئة غير متوفر في القطاع، إلى جانب عدد محدود من التُجار ذوي التصاريح المسبقة، والطلاب الذين يتمكن عدد منهم من الحصول على تصاريح للمرور عبر المعبر بهدف الدراسة في الخارج ضمن عمليات بيروقراطية تستمر لأسابيع أو أشهر، وتنتهي في كثير من الأحيان بالرفض غير المبرر.

تبرر السلطات الإسرائيلية سياستها بفرض القيود على التنقل بين قطاع غزة وغيره من المناطق الفلسطينية أو إسرائيل بأن مسؤوليتها تجاه القطاع تقتصر على السماح للحالات الإنسانية الطارئة بالعبور فقط، كون تنقل الأفراد بين غزة وغيرها من المناطق يشكل خطرًا على أمنها. لكن السلطات الإسرائيلية تتبنى تلك السياسة بشكل غير متناسب دون إجراء تقييم فردي للحالات التي ترغب بالدخول أو الخروج من القطاع.

أما في الضفة الغربية، فتتحكم إسرائيل في جميع المعابر، وتفرض حواجز عدة تقسم المناطق إلى أجزاء صغيرة، حيث بلغ عدد الحواجز العسكرية حتى آخر مسح أجري عام 2019 بحسب منظمة بتسيلم الإسرائيلية نحو 108 حواجز[1]، ضمن 705[2] عوائق دائمة تشمل بوابات الطرق والسواتر والجدران الترابية وغيرها، إلى جانب البوابات الحديدية التي تنصبها على مداخل أغلب القرى، بحيث يجد الأفراد أنفسهم بحاجة دائمة للموافقة الإسرائيلية للعبور من مدينة إلى مدينة أو من منطقة إلى أخرى. ولا تقسم تلك الحواجز مناطق الضفة الغربية إلى كانتونات صغيرة وحسب، بل تشكل أيضًا خطرًا حقيقيًا على حياة الفلسطينيين في كثير من الحالات، حيث باتت حوادث القتل الميداني التي نفذتها القوات الإسرائيلية تشكل تهديدًا للفلسطينيين، خاصة وأنها نفذت عشرات المرات خلال الأعوام الأخيرة لمجرد الاشتباه في ارتكابهم أية مخالفات، حتى باتت تُعرف بما يسمى "مصائد الموت[3]."

في مدينة القدس تتحكم إسرائيل في حركة الأفراد بين المناطق المختلفة من خلال الحواجز العسكرية، وبالطبع فإنها تفرض أيضًا قيودًا على التنقل والسفر في العديد من الحالات.

وفي الغالبية العظمى من الحالات، فإن القيود الإسرائيلية المشددة المفروضة على حركة الفلسطينيين تبقى غير مبررة وتتجاوز بشكل كبير الحد المناسب للإجراءات الهادفة إلى حفظ الأمن.

القيود المفروضة على الصحافيين

واجه الصحافيون العاملون في الأراضي الفلسطينية منذ عقود تحديات وانتهاكات مختلفة، تمثل معظمها في الاستهداف المباشر والاعتقال والترهيب وإتلاف المعدات وغيرها. لكن خلال الأعوام الأخيرة، تصاعد شكل آخر من الانتهاكات ضدهم بشكل غير معلن، حيث بدأ عدد متزايد من الصحافيين يجدون أنفسهم ممنوعين من السفر أو التنقل دون مبرر أو تفسير، في سياسة على ما يبدو أنها تُمارس بشكل عقابي بسبب عملهم.

خلال عام 2021 وحده، وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان 16 شكوى لصحافيين فلسطينيين قالوا إن السلطات الإسرائيلية قيدت حقهم في حرية التنقل والحركة داخل المدن أو رفضت منحهم تصاريح للسفر خارج البلاد على خلفية عملهم في تغطية الأحداث الجارية في الأراضي الفلسطينية أو الحديث عن الانتهاكات الإسرائيلية، فيما تشير المعلومات التي جمعها الأورومتوسطي إلى أن العدد الإجمالي للصحافيين الممنوعين من السفر خارج الأراضي الفلسطينية يقدر بالعشرات.

في قطاع غزة، حتى في حالات الصحافيين غير الممنوعين من السفر أو الخروج عبر معبر إيرز الذي تتحكم به إسرائيل، فإن الغالبية الساحقة من الصحافيين يمتنعون عن محاولة تقديم تصاريح للخروج من القطاع عبر معبر إيرز، لمعرفتهم المسبقة بالإجراءات الطويلة والمعقدة للحصول على التصاريح، والتي تنتهي في معظم الحالات بالرفض، إضافة إلى عدم شمولهم في الفئات التي يُسمح لها بالوصول إلى الضفة الغربية أو القدس الشرقية، حيث لا توجد آلية مخصصة للصحافيين للتقديم من خلالها للحصول على تصاريح.

وتشمل القيود الإسرائيلية المفروضة على الحق في التنقل -إلى جانب الحرمان من السفر خارج البلاد- قرارات إبعاد الصحافيين عن مناطق وأحياء معينة في الأراضي الفلسطينية لمنعهم من تغطية الأحداث فيها. على سبيل المثال، في شهر مايو الماضي (2021)، اعتقلت السلطات الإسرائيلية المراسلة الصحافية "زينة الحلواني" والمصور الصحافي "وهبي مكية" في مدينة القدس خلال تغطيتهما الأحداث في حي الشيخ جراح المهدد بالإخلاء، حيث مُنع الصحافيان من الوصول إلى الحي، بعد أن فُرض عليهما الحبس المنزلي وغرامة مالية والإبعاد لمدة شهر عن الحي. وفي 5 يونيو 2021، اعتقلت القوات الإسرائيلية الصحافية "جيفارا البديري"، مراسلة قناة الجزيرة الفضائية، خلال تغطيتها للأحداث في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، ثم أفرجت عنها بعد عدة ساعات مع فرض حظر عليها من الوصول أو الدخول إلى الحي لمدة 15 يومًا.

وحتى في الحالات التي لا يكون فيها الصحافيون ممنوعون من التنقل، فإنه يجري عليهم ما يجري على بقية سكان الأراضي الفلسطينية، حيث تعترضهم معابر ينتظرون أيامًا أو أسابيع للحصول على تصاريح لعبورها، وتستوقفهم حواجز عسكرية يُضطرون للتوقف عندها لأوقات متباينة يتعرضون خلالها للتفتيش والاستجواب والتوقيف و قصيرالأمد أحيانًا.

ولا تقتصر القيود الإسرائيلية على منع الصحافيين الفلسطينيين من مغادرة الأراضي الفلسطينية، حيث تصدر في بعض الحالات قرارات بمنع عودتهم إلى بلادهم بعد سفرهم إلى الخارج. في شهر سبتمبر/أيلول 2017، أوقفت السلطات الإسرائيلية الصحافي "طلال أبو رحمة"، وهو مصور مشهد قتل جنود إسرائيليين الطفل الفلسطيني "محمد الدرة" في غزة عام 2000. هددت القوات الإسرائيلية الصحافي خلال عبوره جسر الكرامة للتوجه إلى الأردن لتلقي العلاج، فيما أُبلغ لاحقًا بوضعه تحت الفحص الأمني وعدم السماح له بالعودة إلى الأراضي الفلسطينية.

بالرغم من أن الصحافيين الفلسطينيين يواجهون النسبة الأكبر من الانتهاكات المتعلقة بالحرمان من الحق بالتنقل والسفر والوصول إلى المناطق الفلسطينية المختلفة، إلا أن عددًا من الصحافيين الأجانب كذلك تعرضوا لأساليب مختلفة من العقاب على خلفية عملهم في الأراضي الفلسطينية.

للدخول والخروج من وإلى قطاع غزة، يترتب على الصحافيين أصحاب الجوازات الأجنبية (غير الفلسطينية أو الإسرائيلية) اتباع سلسلة من الإجراءات للتنسيق مع السلطات الإسرائيلية، بما في ذلك المكتب الإعلامي لمنسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية ونقابة الصحافيين الإسرائيليين الحكومية لتقديم طلب بالدخول إلى القطاع، واستصدار بطاقات نقابة الصحافيين الحكومية الإسرائيلية وإظهارها للسلطات القائمة على معبر إيرز للسماح لهم بالدخول والخروج.

غالبًا ما تفرض إسرائيل حظرًا على الصحافيين الأجانب بشكل جماعي من الدخول إلى قطاع غزة خلال الهجمات والعمليات العسكرية في القطاع. لكن في حالات أخرى، يواجه بعض الصحافيين الأجانب قرارات بالمنع من الدخول إلى قطاع غزة، فيما يصدر بحق آخرين حظر يمتد حتى 10 أعوام، لأسباب تتعلق بعملهم الصحافي.

طرق إبلاغ الصحافيين بمنعهم من السفر

لا يتم عادة إعلام الصحافيين بقرار منعهم من السفر بشكل رسمي أو قانوني في وقت صدوره، حيث لا يعلم الصحافي بأنه ممنوع من السفر أو التنقل إلا عند وصوله إلى المعبر أو محاولته استصدار تصريح بالخروج. وبحسب المعلومات التي جمعها المرصد الأورومتوسطي من صحافيين فلسطينيين مُنعوا من السفر، فإن الغالبية العظمى منهم علموا بقرار المنع بخمس طرق رئيسية:

  1. عند تقديم طلبات تصاريح بالسفر والتنقل: لا يعلم الصحافيون في هذه الحالة بصدور قرار يمنعهم من التنقل والسفر إلا حين يقدمون طلبًا للسلطات الإسرائيلية بإصدار تصاريح تسمح لهم بالخروج من الأراضي الفلسطينية. بعد تقديمه الطلب، يُمكن أن ينتظر الصحافي لفترات تمتد بين 4 أسابيع إلى أشهر تنتهي عادة بالرفض أو عدم الرد. وعادة ما يواجه الصحافيون في قطاع غزة هذه الظروف بشكل أكبر، حيث لا يمكنهم التوجه إلى معبر "إيرز" (المعبر الوحيد لحركة الأفراد بين غزة والضفة الغربية وإسرائيل) إلا بعد استصدار تصريح بالخروج من القطاع. وحين لا يحصلون على رد واضح بالسماح أو الرفض، يحاول الصحافيون معرفة سبب التأخر في الرد، فيحصلون عادة على تفسير بأنهم ما يزالون "تحت الفحص الأمني"، والذي قد يستمر لأشهر دون جواب.

قالت الصحافية "م.ا" (يحتفظ الأورومتوسطي باسمها وبياناتها)، والتي قوبلت جميع طلباتها بالسفر من قطاع غزة خلال الأعوام الماضية بالرفض أو عدم الرد: "فوجئت بالمرة الأولى التي تلقيت فيها رفضًا لمنحي تصريحًا بالخروج من غزة بهدف السفر إلى الخارج في رحلة عمل. اعتقدت حينها أن ذلك جاء بسبب الأوضاع السياسية العامة والتشديدات الإسرائيلية المفروضة على الحركة من وإلى غزة. لكنني قدمت بعدها عدة تصاريح أخرى قوبلت جميعها بعدم الرد، ما عدا آخر طلب تقدمت به لمرافقة أحد أفراد عائلتي للعلاج في القدس، حيث وصلتني رسالة بالسماح للمريض بالعبور، أما أنا فكان الرد بأنني ما زلت "تحت الفحص."

وتعتقد الصحافية أن المنع من السفر جاء كعقاب لها على نشرها تقارير ومنشورات تغطي فيها الأحداث الجارية في القطاع، بما في ذلك الهجمات العسكرية واستهداف المدنيين.

"قبل بدء عملي كصحافية، حصلت على تصريح بالدخول إلى الضفة الغربية، لكن بعد فترة من عملي في هذا المجال، بدأت أتلقى ردودًا بالرفض"

  1. الإدارة المدنية: بينما لا تعلم الغالبية العظمى من الصحافيين بمنعهم من السفر إلا عند توجههم إلى المعابر، تُمكِّن الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية الفلسطينيين من فحص ما إذا كان مسموحًا لهم بالسفر أم لا قبل توجههم إلى المعابر. لكن معظم الفلسطينيين لا يعرفون بتلك الإمكانية، وبالتالي فإن عددًا قليلًا منهم يتوجهون للإدارة المدنية قبل تجهيز أنفسهم للسفر. في عدد من الحالات، وبعد تقديمهم طلبًا للفحص، يُطلب من الصحافيين التوجه لإجراء مقابلة في الإدارة المدنية، وحينها يتم إعلامهم بقرار منعهم من السفر.
  2.  عند التوجه للمعابر: في الوقت الذي تمنع فيه إسرائيل الفلسطينيين من السفر عبر مطار "بن غوريون" أو عبر موانئها، يبقى للفلسطينيين خيارًا واحدًا في الخروج من الأراضي الفلسطينية إلى الأردن عبر جسر "اللنبي" شرقي أريحا، ومنها الطيران إلى الخارج. تسيطر إسرائيل على المعبر وتمنح الإذن للفلسطينيين، بمن فيهم الصحافيون بالخروج منه أو تعيدهم إلى الضفة الغربية بأمر منع من السفر. في هذه الحالة، لا يعلم الصحافيون بقرار المنع إلا بعد توجههم إلى المعابر للخروج من الأراضي الفلسطينية، حيث يبقون على غير دراية بأية قرارات أو إجراءات استثنائية اتخذت بحقهم حتى يوم السفر. يُبلغ الصحافيون في هذه الحالة شفهيًا بأنه لن يُسمح لهم بالمرور، فيما يمكن أن يحصلوا أحيانًا على تفاصيل إضافية حول صدور قرار بمنعهم من السفر في وقت سابق.

قال الصحافي "راضي أحمد كرامة" (32 عامًا)، من الخليل جنوبي الضفة الغربية، للأورومتوسطي: "في يناير 2020، توجهت أنا وزوجتي وطفلتي وجدان التي كانت تبلغ من العمر حينها عامين إلى الجسر (جسر اللنبي على الحدود الأردنية مع الضفة الغربية)، وكان برفقتنا شقيقة زوجتي وزوجها وأطفالها قاصدين مدينة العقبة الأردنية لقضاء رحلة ترفيهية. لدى وصولنا الجسر، طلبت مني الموظفة الإسرائيلية الجلوس والانتظار قليلًا، ولكنّ المدة تجاوز الساعتين. بعد ذلك تم إبلاغي شفهيًا بمنعي من السفر، وتم تسليمي ورقة من مكتب المخابرات لمقابلة جهاز المخابرات بعد يومين." حاول راضي السفر مرتين مُنع فيهما من المرور.

كذلك، اعتقلت السلطات الإسرائيلية الصحافي وعضو نقابة الصحافيين الفلسطينيين "عمر نزال" في 23 أبريل/نيسان 2016 خلال محاولته العبور من الضفة الغربية إلى الأردن من خلال معبر الكرامة للسفر والمشاركة ضمن وفد لنقابة الصحافيين الفلسطينيين في مؤتمر الاتحاد الأوروبي للصحافيين في البوسنة. مددت المحاكم الإسرائيلية اعتقال الصحافي إداريًا ثلاث مرات دون توجيه تهم له، ثم أفرجت السلطات الإسرائيلية عنه بعد 11 شهرًا من الاعتقال.

  1.  عند العودة من الخارج: في هذه الحالة، يُسمح للصحافي بالخروج من الأراضي الفلسطينية بشكل طبيعي، وغالبًا ما يكون هدفه بالسفر المشاركة في نشاط أو مؤتمر خارج البلاد. لدى عودته من الخارج، غالبًا ما يتم اعتقاله وحبسه و/أو التحقيق معه لفترة طويلة حول ما فعله خارج البلاد، قبل إبلاغه بأن السلطات الإسرائيلية قررت منعه من السفر من تاريخه فصاعدًا.

في إفادة للأورومتوسطي، قال الصحافي "ليث باسم جعارنة" (25 عامًا) من طولكرم في شمالي غربي الضفة الغربية: " أثناء عودتي من إسطنبول عقب مشاركتي في مؤتمر أقيم في نوفمبر 2018 بشأن القضية الفلسطينية، تم اعتقالي لدى السلطات الإسرائيلية والتحقيق معي لمدة 43 يومًا في مركز تحقيق بيتح تكفا. كان التحقيق موجهًا نحو خروجي ومشاركتي في ذلك المؤتمر، ومن ثم تم إبلاغي بمنع السفر بشكل رسمي، وأخبروني أني ممنوع من السفر منذ الاعتقال الذي قبله (2017)، ولكن سمحوا لي بالخروج للتأكد من عملي خارج البلاد، حيث قال لي ضابط المخابرات: أنت ممنوع من السفر منذ اعتقال 2017، ولكن سمحنا لك بالسفر بعد مشاورات أمنية بس عشان نشوف شو بدك تعمل برا. أبلغوني بشكل شفوي بمنعي من السفر فور انتهاء التحقيق، ومن ثم تم إبلاغي بالمنع من خلال المحامي بعد الحكم بحبسي 10 شهور، ومن ثم بمقابلة ضابط المنطقة الذي أبلغني بوضوح "تغلبش حالك وتوصل الجسر مش حتمرق منه."

  1. في مقابلة جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك): يتم استدعاء الصحافيين في بعض الأحيان لمقابلة جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، وهناك، يتم إبلاغهم بأنهم ممنوعون من السفر. قال الصحافي "م.ع." الذي يقطن في إحدى قرى رام الله للمرصد الأورومتوسطي إن السلطات الإسرائيلية أرسلت له ورقة استدعاء لمقابلة جهاز الأمن العام، ليجري الجهاز تحقيقًا معه ويخبره بقرار منعه من السفر.

بشكل عام، تجرى عمليات إصدار قرارات بالمنع من السفر ضد الصحافيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطيني وفقًا لقرارات إدارية تصدرها السلطات الإسرائيلية، بما في ذلك جهاز المخابرات، دون اتباع إجراءات قانونية أو قضائية، ودون إعلام الصحافيين بالقرار وقت صدوره أو إعلامهم بالجهة التي أصدرت القرار والأسباب التي دفعتها لذلك. ولا يتم إخبار الصحافيين بكيفية إزالة القرار أو الاعتراض عليه، فيلجأ كثير منهم إلى توكيل محامين للتحرك قانونيًا.

ذرائع المنع من التنقل والسفر

بعد معرفة الصحافيين بقرار منعهم من السفر أو التنقل بين المدن، وخاصةً بعد توجههم إلى المعابر بهدف الخروج من البلاد، عادةً ما يتم تسليمهم ورقة من المخابرات الإسرائيلية لطلب مقابلتهم. في كثير من الحالات، تتحول المقابلة إلى تحقيق يمتد إلى ساعات أو أيام، وينتهي إما بالسجن أو الإفراج عنهم مع إخبارهم بألا يحاولوا السفر مرة أخرى.

في العديد من الحالات، يوكل الصحافيون محامين لمحاولة معرفة سبب قرار المنع أو إزالته، وعادةً ما تبوء محاولات إسقاط القرار بالفشل. في حالات أخرى، لا يتم إبلاغ الصحافيين أو محاميهم بأسباب المنع، فيما يُبلغون في حالات أخرى بأنه يوجد سبب بالمنع لكن "الملف سري" ولا يمكن إطلاعهم عليه. ووفقًا للحالات التي وثقها الأورومتوسطي، فإنه في الغالبية العظمى من الحالات، تصدر قرارات المنع من التنقل والسفر دون وجود تهم أو عقوبات قضائية أو محاكمات سابقة.

وبحسب المعلومات التي جمعها الأورومتوسطي من عشرات الصحافيين الذين صدرت بحقهم قرارات بالمنع من التنقل والسفر، فإن أسباب القرارات تشمل التالي:

  1. تشكيل خطر على الأمن الإقليمي: يُعلم الصحافيون أو محاميهم بمنعهم من السفر بسبب تشكيلهم خطرًا على الأمن الإقليمي، أو تهديدًا على أمن إسرائيل. في هذه الحالة، غالبًا ما تصدر هذه الدعوى بعد اتخاذ الصحافيين إجراءات قانونية بتقديمهم طلبات للمحاكم الإسرائيلية لإزالة المنع من السفر، فيتم رفض طلبهم بدعوى أنهم يشكلون خطرًا على الأمن الإقليمي. في بعض الحالات، وقبل صدور تلك الدعوى، يخبر ضباط المخابرات الإسرائيلية الصحافيين شفهيًا خلال جلسات التحقيق بأنهم لا يشكلون خطرًا على أمن إسرائيل، لكنهم يتفاجؤون بصدور تلك الدعاوى بشكل رسمي من المحاكم الإسرائيلية.

قال الصحافي "ثائر فاخوري" من الخليل جنوبي الضفة الغربية للأورومتوسطي: "استدعتني المخابرات الإسرائيلية مرة أخرى عام 2019، وجلس معي حينها قائد منطقة الخليل ويدعى الضابط أديب، ومسؤول المنطقة التي أسكن بها ويدعى الضابط مفيد، واستمرت الجلسة لأكثر من ساعتين، حيث أكّدا لي أنني لا أشكّل خطرًا على أمن إسرائيل. تقدمت بعدة طلبات للمحاكم الإسرائيلية لإزالة منع السفر لكنّها جميعها كانت تقابل بالرفض. آخر رفض من المحاكم الإسرائيلية كان قبل نحو أسبوع، حيث رفضت محكمة في القدس إزالة منع السفر عني بدعوى أن سفري يشكّل خطرًا على الأمن الإقليمي".

  1. التحريض عبر وسائل الإعلام: يواجه الكثير من الصحافيين العاملين في الأراضي الفلسطينية تهمًا تتعلق بـ "التحريض على العنف"، حيث ترتبط تلك التهم بتغطية الصحافيين للأحداث الجارية أو توثيق الانتهاكات الإسرائيلية. وتزداد نسبة توجيه تلك التهمة للصحافي إذا ما نشر تقريرًا أو صورة أو مقطعًا مصورًا لاقى رواجًا وتفاعلًا كبيرين عبر الإعلام ومواقع التواصل الإعلامي. ويمكن أن تتجاوز عواقب تلك التهمة المنع من التنقل والسفر إلى الاعتقال والسجن لمدة تتراوح من أشهر وحتى خمسة أعوام. على سبيل المثال، تم الحكم على الصحافي "ليث جعارنة" -إلى جانب المنع من السفر والتنقل- بالحبس ثلاث مرات؛ في 23 نوفمبر 2017 حُكم عليه بالسجن لمدة شهرين، وفي 25 نوفمبر 2018 حُكم عليه بالسجن لمدة 10 أشهر، وفي 13 ديسمبر 2020 حُكم عليه بالسجن لمدة 8 أشهر، وكان ضمن التهم التي وُجهت إليه "التحريض عبر وسائل الإعلام."
  2. التواصل/الانتماء لجهات محظورة: يواجه الصحافيون تهمة التواصل أو الانتماء أو تقديم خدمات لجهات محظورة أو معادية في حال عملهم مع وسائل إعلامية تنتمي لتنظيمات سياسية أو تعبر عن آراء سياسية داعمة لتنظيمات تُصنف معادية لإسرائيل. على سبيل المثال صدر بحق الصحافي "مصعب خميس قفيشة" (27 عامًا) من الخليل جنوبي الضفة الغربية قرارًا بالمنع من التنقل والسفر عام 2012 لأسباب تتعلق بعمله كمراسل لصالح "تلفزيون وطن" المقرب من جماعة الإخوان المسلمين في مصر.
  3. ملف سري: يُحرم الصحافيون في هذه الحالة من حقهم في معرفة الأسباب التي دفعت إصدار قرار بالمنع من السفر ضدهم، ويكتفي الضباط الإسرائيليون بإخبارهم بأن سبب منعهم من السفر هو "ملف سري" لا يُمكن إطلاعهم أو محاميهم عليه.

واجهت الصحافية "مجدولين رضا حسونة" (32 عامًا) من نابلس شمالي الضفة الغربية قرارًا بالمنع من السفر في أغسطس 2019، لأسباب لا تعرفها. قالت "مجدولين" لفريق الأورومتوسطي: " لا أعلم سبب منع السفر، ذهبت لمقابلة المخابرات الإسرائيلية للاستفسار عن سبب المنع ولكنهم لم يفصحوا عن أي معلومات واكتفوا بالقول إنّ السبب هو ملف سري، تقدمت بثلاثة طلبات لإزالة منع السفر ولكنهم قوبلوا جميعًا بالرفض. نتقدم في البداية بطلب للارتباط الإسرائيلي، ونتلقى الرد بعد 8 أسابيع، وبعد ذلك نتوجه إلى المحكمة حيث يقدم المحامي الخاص بنا التفاصيل التي تظهر عدم قانونية المنع من السفر، ويحضر المحاكمة ممثلون عن جهاز الشاباك الإسرائيلي، حيث يقدمون للقاضي ملفًا سريًا لا يمكن لأحد الاطلاع عليه سوى القاضي الذي يكون متحيزًا للجانب الإسرائيلي، وعلى أساس هذا الملف المجهول يتم منعنا من السفر."

وتستخدم المخابرات الإسرائيلية تبرير "الملف السري" كذلك عند توجه الصحافيين إلى المحاكم لإزالة قرار المنع، بما في ذلك الحالات التي تُوجه إليها تهم واضحة مثل تشكيل خطر على الأمن الإقليمي، حيث تقدم المخابرات تلك الملفات للمحكمة حصرًا، وعند مطالبة محامين الصحافيين بالاطلاع على الملفات يُرفض طلبهم.

وقال الصحافي "ثائر فاخوري" للأورومتوسطي: "كان هناك ممطالة في ملفي حول إزالة منع السفر، حيث أنني توجهت إلى إحدى المؤسسات التي تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان وتقدمت لهم بطلب لرفع قضية على الجانب الإسرائيلية لإزالة منع السفر عني. هذه المؤسسة تملك اتفاقية مع السلطات الإسرائيلية تقضي بأن ترد السلطات على أي ملف تقدمه هذه المؤسسة خلال ثمانية أسابيع، لكن لم يتم الرد على ملفي إلا بعد أربعة شهور وكان الرد بالرفض. قدمت المؤسسة التماسًا إلى المحكمة وتم تقديم ملفات ضدي من المخابرات الإسرائيلية والادعاء العام، وقالوا إن الملفات التي تمنعني من السفر هي ملفات سرية ولا يريدون الكشف عنها. وحاول المحامي مرارًا مطالبة المخابرات بالكشف عنها، لكنها رفضت واكتفت بالقول إنني ناشط في الأراضي الفلسطينية وهذا مخالف للقانون الإسرائيلي. وعندما صدر قرار الرفض كانت المخابرات الإسرائيلية قدمت تهمة أن سفري إلى الخارج يؤدي إلى الخطر على الأمن الإقليمي."

واطلع الأورومتوسطي على قرار محكمة القدس المركزية المتعلق بمنع "ثائر" من السفر، حيث ورد فيه عن القاضي قوله: "من خلال اطلاعي على الملفات السرية التي قدمها جهاز الأمن العام الشاباك، قررت منعه من السفر لأسباب تتعلق بنشاطه وخطره على الأمن الإقليمي كما  أوردتها الملفات السرية والتي لا نستطيع الكشف عنها"

  1. سبب مجهول/غير واضح: في هذه الحالة، لا يتم إعلام الصحافيين حتى بوجود "ملف سري" أو تهم موجهة إليهم وتتسبب بمنعهم من السفر والتنقل. على سبيل المثال، وثق المرصد الأورومتوسطي حالة الصحافي "راضي أحمد كرامة" (32 عامًا) من الخليل جنوبي الضفة الغربية، حيث خضع للتحقيق الذي لم تُوجه خلاله أية تهم أو تفسيرات لقرار منعه من السفر الذي صدر في يناير 2020. وحتى اليوم، لا يعرف "راضي" السبب الذي يحول بينه وبين قدرته على السفر خارج البلاد.

وقالت الصحافية "سجود ربحي عاصي" (28 عامًا) من رام الله وسط الضفة الغربية: "منذ شهر علمت بمنع السفر فقط ولم أتمكن من معرفة تفاصيل إضافية. لا توجد أي محاكمات سابقة أو عقوبات قضائية. قمت بالفحص من أجل السفر لغرض العمل وتفاجأت بقرار المنع. أتيحت لي فرص للعمل والدراسة العليا في الخارج ولم أتمكن من إتمام ذلك بسبب منع السفر"

في بعض الحالات، حين يستفسر الصحافيون عن أسباب منعهم من السفر، يتم توجيههم إلى جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) أو إلى مديرية التنسيق والارتباط الفلسطينية لتقديم تفسيرات لهم.

ويُوجه للصحافيين أحيانًا أكثر من تهمة، قد يصل بعضها إلى ثلاثة أو أربعة تهم تتعلق جميعها بعملهم الصحافي. وفي الغالبية العظمى من الحالات، يصعب على الصحافيين اللجوء إلى القانون لإزالة المنع، بما في ذلك المحاكم الإسرائيلية التي تدعم قرارات المنع.

مساومة الصحافيين على الحق في التنقل

في بعض الحالات التي تتبع إصدار قرار المنع من التنقل والسفر ضد الصحافيين الفلسطينيين، يواجه الصحافيون نوعين آخرين من الانتهاكات مرتبطين بقرار المنع، يشمل النوع الأول التهديد بالملاحقة الدائمة والاعتقال والاستهداف واستمرار قرار المنع من السفر في حال عدم توقفهم عن أنشطة صحافية يقومون بها. أما النوع الآخر فيتعلق بالمساومة على حق الصحافي في حرية التنقل والسفر، بحيث يتم إعلامه أنه يمكن للسلطات الإسرائيلية التراجع عن قرار المنع وإسقاطه في حالة تعاونه الأمني معها، أو تزويدها بمعلومات تتعلق بالتنظيمات الفلسطينية أو أعضائها أو معلومات أخرى تتعلق بجماعات وأفراد فلسطينيين.

وتتم مساومة الصحافي إما بشكل مباشر من خلال إخباره بأن قرار المنع لن يزال إلا إذا تعهد بالتعاون وتقديم معلومات للضباط وجهاز المخابرات الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك)، وإما بطرق غير مباشرة، من خلال عرض ضابط التحقيق الإسرائيلي على الصحافي عروض عمل مغرية في مهن مختلفة.

ووفقًا للمعلومات التي جمعها المرصد الأورومتوسطي من صحافيين قالوا إنهم تعرضوا للمساومة والابتزاز من أجل رفع قرار المنع من السفر عنهم، فإنه في أغلب الحالات التي يرفض فيها الصحافيون التعاون أو العمل مع المخابرات الإسرائيلية في جمع معلومات أمنية، تلجأ السلطات الإسرائيلية إلى استخدام أساليب أخرى ضدهم؛ تشمل العنف الجسدي والنفسي، بما في ذلك الاعتقال والضرب والحبس واقتحامات المنازل المتكررة والتهديد بالملاحقة.

في مقابلة أجراها الأورومتوسطي مع الصحافي "راضي أحمد كرامة" (32 عامًا) من الخليل جنوبي الضفة الغربية، بعد إبلاغه بالمنع من السفر لدى وصوله جسر "اللنبي" على الحدود الأردنية مع الضفة الغربية في يناير 2020، قال: تم تسليمي ورقة من مكتب المخابرات لمقابلة جهاز المخابرات بعد يومين. ذهبت في الموعد المحدد لمركز توقيف عتصيون لحضور المقابلة، وهناك قابلني محقق إسرائيلي اسمه مفيد، وعرّف عن نفسه أنه هو الذي أصدر قرار منعي من السفر. تحدثنا في تفاصيل المنع، وقدّم لي مقترحات عدة تتمحور جميعها حول العمل مع الأمن الإسرائيلي مقابل إزالة المنع، وعرض عليّ راتبًا شهريًا يقدر بـ 3 آلاف دولار مقابل العمل معه، لكنّي رفضت ذلك بشكل قاطع. بعد عام كامل، أرسل الضابط الإسرائيلي صورة تصريح عمل باسمي وصورتي للعمل داخل إسرائيل، وطلب مني استلام التصريح بمدينة تل أبيب. رفضت الفكرة وقلت له إذا كنت تريد أن تساعدني عليك إزالة المنع الأمني عني وأنا سأتدبر أموري بنفسي، فوجّه شخصًا آخر لمحادثتي عبر واتساب، وعرض عليّ هذا الشخص توفير عمل لي في مهن مختلفة مقابل تزويد الشاباك ببعض المعلومات ولكنّي رفضت ذلك. في أكتوبر 2021، عاود الضابط "مفيد" محادثتي عبر واتساب وسألني فيما إذا ما زلت أرغب في السفر إلى الخارج أو استصدار تصريح دخول إلى أراضي 48 مقابل العمل مع الأمن الإسرائيلي، فرفضت مجددًا. في اليوم التالي للمحادثة، تفاجأت باقتحام قوة كبيرة من الجيش الإسرائيلي منزلي، حيث تم اعتقالي واقتيادي إلى مستوطنة كريات أربع بالخليل، في ليلة كانت الأسوأ في حياتي، حيث البرد وقلة النوم وغرفة الانتظار التي لا يوجد فيها إلا أسرة حديدية دون فراش. صباح اليوم التالي، تم اقتيادي لتحقيق عتصيون، وقابلني هناك الضابط مفيد عبر الهاتف الساعة الثالثة عصرًا. كان يصرخ كثيرًا، وأوصل لي رسالة مفادها أن إزالة المنع من السفر مرتبط بالعمل معه، وتم الإفراج عني دون أن يقدم لي أي نوع طعام أو شراب على مدار 16 ساعة من الاحتجاز."

وأضاف "راضي" أنه سأل ضابط المخابرات لماذ ا تم اختياره تحديدًا لعرض العمل مع إسرائيل عليه، فأجابه الضابط حسب قوله: "أنت تعمل في منطقة حيوية من الخليل، ووجودك معنا يعزز قدرات الشاباك الإسرائيلي كونك صحافي وتتخالط مع الكثير من الناس، والمعلومات التي تعطينا إياها ستعزز السلام بين الجانبين وستوقف إراقة الدماء ووجود ضحايا جدد"

ولم يقتصر الضباط الإسرائيليون على تهديد "راضي" وحده، بل تم تهديد زوجته التي كانت متواجدة معه كذلك، حيث قال له الضابط: قل لعائلتك إنهم إن كانوا يريدون أن يسافروا في المرات القادمة، فعليك أن تغير نهجك"

في حالات أخرى، يساوم الضباط الإسرائيليون الصحافيين الفلسطينيين على ترك عملهم الصحافي بشكل كامل أو التخلي عن العمل مع جهات إعلامية وصحافية معينة مقابل السماح لهم بالتنقل وإزالة قرار المنع من السفر. وفي حين أنه -في بعض الحالات- لا تُوجه للصحافيين تهمًا محددة خلال التحقيق، لكن الضباط الإسرائيليون يعدونهم بأنهم سيعملون مباشرة على إزالة المنع بمجرد تعهدهم بالتوقف عن نشاطهم الصحافي أو العمل لصالح جهة إعلامية معينة.، وبحسب الحالات التي وثقها الأورومتوسطي، فإنه وفي هذه الحالة، بعد رفض الصحافيين عرض الضباط الإسرائيليين خلال جلسة التحقيق معهم، تُوجه إليهم تهم مختلفة؛ منها تشكيل خطر على الأمن الإقليمي والعمل مع جهات معادية وغيرها.

قال الصحافي "ثائر فاخوري"، من الخليل جنوبي الضفة الغربية، للأورومتوسطي: " استدعتني المخابرات الإسرائيلية مرة أخرى عام 2019، وجلس معي قائد منطقة الخليل ويدعى الضابط أديب، ومسؤول المنطقة التي أسكن بها ويدعى الضابط مفيد، واستمرت الجلسة لأكثر من ساعتين، حيث أكّدا لي أنني لا أشكّل خطرًا على أمن إسرائيل، ولكنهما قالا إنّ هناك بعض الأمور التي يجب أن أتخلى عنها، مثل عملي في قناة القدس الفضائية ووسائل إعلام أخرى، وقالوا لي: إذا أردت السفر فيجب عليك تقديم تنازلات لدولة إسرائيل. رفضت ذلك، وعندها قال لي الضابطان: عندما يكون لديك استعداد للتعاون معنا ستتمكن من السفر، غير ذلك لا تحاول".

كذلك، قال الصحافي "محمد أنور منى" (39 عامًا) من نابلس في الضفة الغربية للأورومتوسطي إنه مُنع من السفر بتاريخ 10 أكتوبر 2009، فيما استمر الصحافي بمحاولات إزالة المنع. خلال محاولته، أخبره جهاز الشاباك أن سبب منعه من السفر "أمني"، وقبل شهر من تاريخ التقرير، قال له ضابط المخابرات إن السلطات الإسرائيلية يمكن أن تتراجع عن قرارها بمنعه من السفر "إذا لم يعمل مشاكل".

في مدينة القدس، واجه الصحافيون الفلسطينيون خلال عام 2021 نوعًا آخر من المساومة، حيث عرض الضباط الإسرائيليون على عدد منهم استبدال عضويتهم في نقابة الصحافيين الفلسطينيين بعضوية اتحاد الصحافيين الإسرائيليين للسماح لهم بالتنقل بحرية والعمل دون تضييقات وقيود في مدينة القدس.

أثر حرمان الصحافيين من الحق في التنقل على حقوقهم الأخرى

كون حرية التنقل تعد حقًا أساسيًا ومرتبطًا بقدرة الأفراد على ممارسة جملة من الحقوق الأخرى المشروطة بوجوده، تترتب على قرارات السلطات الإسرائيلية حرمان الصحافيين الفلسطينيين من حقهم في حرية التنقل والسفر عدة انتهاكات أخرى تتجاوز التأثير على حياتهم المهنية وحدها. حيث تؤثر القيود على ممارستهم لعدة حقوق اجتماعية وثقافية واقتصادية، ويشمل ذلك:

  • الحق في العمل: إلى جانب عرقلة عملهم داخل وخارج الأراضي الفلسطينية، ومنعهم من الوصول إلى المناطق والمدن المختلفة لممارسة عملهم، تضيق تلك القرارات خيارات وسبل الكسب المادي وتقوض الحق في كسب لقمة العيش وتحرم الصحافيين من الحق في العمل في حالات معينة، حيث تفضل بعض الجهات الإعلامية والصحافية العمل مع أفراد يتمتعون بالحق في حرية التنقل لتسهيل وإنجاز عملها بدلًا من آخرين ممنوعون من التنقل والسفر.
  • الحق في الصحة: يدفع الصحافيون ثمنًا باهظًا يترتب عليه سلامتهم البدنية والنفسية من خلال الحرمان من الرعاية الصحية المناسبة في حال حاجتهم لها. ففي الحالات، التي تستدعي أنواعًا من العلاج غير متوفرة في الأراضي الفلسطينية، يجد الصحافيون أنفسهم محاصرين وغير قادرين على الحصول عليها، حيث يُمنعون من السفر أو الانتقال إلى مدن ومناطق أخرى لتلقي الرعاية الصحية اللازمة.
  • الحق في التعليم: يُحرم الصحافيون من السفر والانتقال إلى دول أو مدن أخرى لاستكمال تعليمهم حتى وإن حصلوا على فرص أو منح دراسية بالخارج. ويُضطر أولئك الممنوعون من السفر إلى التخلي عن تلك الفرص بسبب الحظر المفروض عليهم.
  • الحق في التعبير عن الرأي: عند مساومة الصحافيين على التوقف عن نشاطهم الصحافي أو الحديث حول قضايا معينة مقابل التوقف عن ملاحقتهم ومنعهم من السفر، تُجبر السلطات الإسرائيلية هؤلاء الأفراد على التخلي عن حقهم في حرية التعبير عن الرأي مقابل السماح لهم بالتمتع بحقوقهم الأخرى بشكل مشروط.
  • الحق في تأسيس أسرة: يُحرم الصحافيون الفلسطينيون الممنوعون من السفر من حقهم في تأسيس أسرة ويُحرمون من لم الشمل مع عائلاتهم في مناطق أخرى. وكان آخر تلك الحالات حالة الصحافية "مجدولين حسونة" من نابلس في الضفة الغربية، والتي تُمنع من الدخول إلى إسرائيل حيث يقطن زوجها الفلسطيني أو السفر خارج البلاد للعيش وتأسيس أسرة. قالت "مجدولين" للأورومتوسطي: مشكلتي بها تفاصيل خاصة، فحياتي تعقدت بشكل كبير جراء منع السفر. أنا متزوجة من شاب من داخل أراضي 48 ولا أستطيع أن أذهب إلى بيتي هناك وهو لا يستطيع أيضًا أن يأتي إلى الضفة الغربية لأنه يفقد الحقوق التي تمنحها له الوثيقة الإسرائيلية في حال عاش في الضفة الغربية".

التوصيات

بناءً على البيانات والحالات التي وثقها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يتبين أن السلطات الإسرائيلية تفرض قيودًا غير قانونية وغير مبررة على الصحافيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية، وتعاقبهم على عملهم الصحافي بما يتعارض مع مسؤولياتها. وبموجب التزامات إسرائيل كسلطة قائمة بالاحتلال، فإنه يترتب عليها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني ما يلي:

  1. الالتزام بمنح الصحافيين الفلسطينيين الحق في حرية الحركة والتنقل من وإلى الأراضي الفلسطينية وداخل المدن دون عرقلة أو قيود. وفي حال وجود حالات استثنائية تستدعي فرض قيود أمنية محددة، فيجب دراستها بشكل فردي والتعامل معها في ضوء أحكام القانون الدولي.
  2. التحقيق في الحالات المذكورة في هذا التقرير، والتي قام فيها ضباط إسرائيليون بتهديد وابتزاز ومساومة صحافيين فلسطينيين على حقهم في السفر مقابل العمل مع أجهزة الأمن العام والمخابرات الإسرائيلية لتقديم معلومات أمنية، وضمان عدم تكرار تلك الحوادث.
  3. إزالة قرارات المنع من السفر التي صدرت ضد صحافيين فلسطينيين على خلفية عملهم الصحافي أو ممارستهم لحقهم في حرية التعبير عن الرأي، والتوقف عن ملاحقة واعتقال وتهديد الصحافيين والتحقيق معهم بشكل عشوائي على المعابر والحواجز العسكرية بسبب نشاطهم الصحافي.

التقرير كاملًا باللغة العربية
التقرير كاملًا باللغة الإنجليزية