جنيف- أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه العميق إزاء إصدار محكمة قطرية أحكامًا جائرة بالسجن المؤبد على معارضين على خلفية مشاركتهم في احتجاجات سلمية طالبت بإلغاء قانون مجلس الشورى في أغسطس/ آب 2021.

وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي الخميس إنّ محكمة الجنايات القطرية عقدت في 10 مايو/ أيّار الجاري جلسة سرّية أصدرت فيها أحكامًا بالسجن المؤبد على المحاميين الشقيقين "هزاع بن علي أبو شريدة المري"، و"راشد بن علي أبو شريدة المري"، على خلفية تهم تتعلق بممارستهما لحقوقهما المشروعة في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي.

وكان الأمن القطري اعتقل الشقيقين "المرّي" في 10 و11 أغسطس/آب 2021، بسبب مشاركتهما في الاحتجاجات التي شهدتها الدوحة في ذلك الوقت، إذ نظّم حينها المئات من قبيلة "آل مرّة" احتجاجات سلمية تواصلت لأيام، لمطالبة السلطات القطرية بإلغاء قانون انتخابات مجلس الشورى، ومنحهم حقوقهم كاملة بما في ذلك الترشح والانتخاب، أسوة بباقي القطريين.

وأصدرت المحكمة كذلك حكمًا غيابيًا بالسجن المؤبد على الشاعر القطري "محمد بن راشد بن الذيب العجمي"، وحكمًا غيابيًا آخر على "محمد حمد محمد المري" بالسجن 15 عامًا، على خلفية نشاطهما على مواقع التواصل الاجتماعي في دعم الاحتجاجات المذكورة، وكلاهما يقيمان في دولة الإمارات العربية المتحدة. 

وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ الأحكام القاسية تمثل خطوة إلى الوراء في طريق الانفتاح الديمقراطي، وتعطي إشارات مقلقة حول مستقبل الحرّيات في البلاد، إذ إنّ مصادرة حريّة الأشخاص وتجريم ممارستهم لحقوقهم المشروعة يتعارض بشكل واضح مع الدستور القطري الذي كفل حرية الرأي والتعبير والنشر، ويتناقض مع التوجهات العلنية للسلطات فيما يتعلق بالإصلاح الديمقراطي ومناخ الحريات.

   الأحكام القاسية تمثل خطوة إلى الوراء في طريق الانفتاح الديمقراطي، وتعطي إشارات مقلقة حول مستقبل الحرّيات في البلاد   

وأدانت المحكمة النشطاء الأربعة بمجموعة من التهم شملت "اللجوء إلى التهديد وإلى وسائل أخرى غير مشروعة، لحمل الأمير على أداء عمل من اختصاصه قانونًا"، و"نشر إشاعات وأخبار كاذبة ومغرضة في الداخل والخارج بقصد الإضرار بالمصالح الوطنية وإثارة الرأي العام والمساس بالنظام الاجتماعي للدولة"، و"تنظيم اجتماع عام دون ترخيص"، وغيرها من التهم التي تبدو فضفاضة وغير عادلة.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى خشيته من أن تكون المحاكمة قد افتقرت لأدنى شروط العدالة، إذ جرت سرًا دون تفاصيل علنية مسبقة، ولم يتم التحقق مما إذا كان المتهمون أو ممثلوهم قد مُنحوا حقوقهم القانونية في الدفاع عن أنفسهم، أو سمحت لهم السلطات بالاستفادة من جميع الإجراءات القانونية الواجبة في مثل هذه الحالات.

ونبّه إلى عدم جواز استخدام السلطات القطرية القضاء لمعاقبة المعارضين والمنتقدين، إذ ينبغي أن يحافظ على خصوصيته كجهة مستقلة ومحايدة، وأن يفصل في المنازعات على اختلافها وفقًا لمعايير العدالة، دون تطويع أو تجيير مواد الدستور والقوانين الأخرى لإصدار أحكام قد تكون مسيّسة.

وكان المرصد الأورومتوسطي وثّق في أغسطس/ آب 2021 إحالة السلطات القطرية 7 مواطنين بينهم المحامي "هزاع المرّي" إلى النيابة العامة على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات السلمية على قانون انتخابات مجلس الشورى، وطالبت السلطات حينها بالإفراج عنهم.

ولفت إلى أنّ انضمام قطر للعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية عام 2018، يحتّم عليها الوفاء بالتزاماتها بموجب العهد الدولي، ولا سيما المادة (19) التي أكّدت على حق كل إنسان في حرية الرأي والتعبير، والمادة (21) التي نصّت على أنّ "يكون الحق في التجمع السلمي معترفًا به. ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية".

ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات القطرية إلى إلغاء الأحكام الجائرة بحق النشطاء الأربعة، وتوفير شروط وضمانات المحاكمة العادلة لهم، واحترام حق الأفراد في التعبير عن آرائهم بحرّية وعقد التجمعّات السلمية دون ملاحقة أو تجريم.