جنيف - أعرب المرصد الأورومتوسطي عن قلقه إزاء استمرار سلطات إقليم كردستان العراق بانتهاج ممارسات تعسّفية وتمييزية ضد معتقلي الرأي ومحاميهم، سواء لدى توقيفهم أو في محاكماتهم أو خلال احتجازهم.

وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم الأربعاء إنّ سلطات الإقليم تتجاهل على ما يبدو جميع الدعوات لوقف انتهاك حقوق الأفراد، وتحسين حالة حقوق الإنسان في الإقليم، وتمضي قدمًا في الممارسات التمييزية وغير القانونية ضدهم، مثل استخدام العنف عند توقيفهم، وإلصاق تهم كيدية لهم عبر ما يعرف بالمخبر السري، وإرغامهم على الاعتراف بتهم لم يقترفوها، وتأخير مثولهم أمام المحاكم لمدد طويلة.

وفي إفادتها لفريق المرصد الأورومتوسطي عبر عضو فريق الدفاع عنها "بشدار حسن"، قالت الناشطة "بيريفان أيوب" (32 عامًا)، وهي أم لـ5 أطفال، وأُفرج عنها في شهر مايو/أيار الماضي بعد اعتقال دام نحو 19 شهرًا على خلفية مشاركتها بتظاهرة سلمية في أكتوبر/ تشرين أول 2020: "مكثت 15 يومًا في السجن الانفرادي، ومُنعت من رؤية أطفالي الخمسة طيلة مدة سجني، ولم أُعرض على القاضي إلا بعد سنة و6 أشهر من اعتقالي".

وأضافت "تعرّضت لمشاكل صحية واجتماعية كبيرة بسبب الاعتقال، حيث انفصل عني زوجي، وتدهورت صحتي بشكل خطير نتيجة إضرابي عن الطعام 7 مرات احتجاجًا على عدم عرضي على المحكمة".

   توقيف الناشطين على ذمة التحقيق بمدة تتجاوز الحد المسموح به قانونًا وتأخير عرضهم على المحكمة يعد خرقًا واضحًا لقانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي   

عمر العجلوني، باحث قانوني لدى الأورومتوسطي

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ التجاوزات لا تقتصر على الناشطين فقط، وإنما تمتد لتشمل المحامين الذين يدافعون عنهم، إذ لوحظ مواجهتهم لإجراءات غير ضرورية خلال تقدمهم للدفاع عن الناشطين ومعتقلي الرأي، في مسعى على ما يبدو لعرقلة عملية الدفاع والتأثير عليها.

أخبر المحامي "بشدار حسن" فريق المرصد الأورومتوسطي: "لا نتمكن من أخذ وكالة من الناشطين أثناء التحقيق أسوة ببقية المتهمين، ولا نستطيع أخذ الوكالة إلا في يوم المحاكمة. كما نُحرم من زيارة الناشطين المعتقلين والاطلاع على الأوراق الخاصة بقضاياهم، ما يعيق عملنا بشكل كبير".

وأضاف "نُعامل بطريقة سيئة من قوات الأمن (الأسايش) أثناء متابعتنا لقضايا الناشطين والصحافيين المعتقلين بشكل خاص، وهذا أدى إلى نفور المحامين من الدفاع عنهم. تقدّمنا بعدة شكاوى للهيئة العامة لحقوق الإنسان ضد سلوكيات الأمن في تقويض معايير المحاكمة العادلة، إلا أنّ تلك الشكاوى ظلت دون إجابة".

وتشمل الممارسات التعسفية ضد معتقلي الرأي انتزاع اعترافات منهم بطرق غير قانونية، إذ وثّق المرصد الأورومتوسطي احتجاز الصحافي "شيروان شيرواني" لشهرين في السجن الانفرادي، وانتزاع اعترافات منه بالإكراه، وإرغامه على فتح هاتفه وحاسوبه الشخصي ونسخ كل الملفات الموجودة فيهما.

وأكّد محامي الصحافي "شيرواني" أنّ الاعترافات المكتوبة في ملف القضية تحوي أمورًا لم يذكرها المعتقل في اعترافه الذي انتُزع بالإكراه، فضلاً عن أنه يواجه ضغوطًا نفسية كبيرة بسبب وفاة والده أثناء وجوده في السجن، حيث يقضي حكمًا بالحبس 6 سنوات بتهمة "تهديد الأمن القومي".

وقال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي "عمر العجلوني" إن هناك خللًا بالغًا يصيب ضمانات المحاكمة العادلة في إقليم كردستان حينما يتعلق الأمر بمعتقلي الرأي، ويؤشر ذلك على تعسّف في استعمال السلطة ومعاقبة مضاعفة للناشطين.
وأكّد "العجلوني" أنّ ضمانات المحاكمة العادلة هي حق لكل المتهمين بغض النظر عن طبيعة التهم الموجهة إليهم، إذ تنص المادة (11) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنّ "كلُّ شخص متَّهم بجريمة يُعتبَر بريئًا إلى أن يثبت ارتكابُه لها قانونًا في محاكمة علنية تكون قد وُفِّرت له فيها جميعُ الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه".

وأضاف أنّ توقيف الناشطين على ذمة التحقيق بمدة تتجاوز الحد المسموح به قانونًا وتأخير عرضهم على المحكمة يعد خرقًا واضحًا لقانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي، حيث نصّت المادة 109/ج منه على أنّه " لا يجوز أن يزيد مجموع مدد التوقيف على ربع الحد الأقصى للعقوبة ولا يزيد بأية حال على ستة أشهر وإذا اقتضى الحال تمديد التوقيف أكثر من ستة أشهر فعلى الحاكم عرض الأمر على محكمة الجزاء الكبرى لتأذن له بتمديد التوقيف مدة مناسبة على أن لا تتجاوز ربع الحد الأقصى للعقوبة أو تقر إطلاق سراحه بكفالة أو بدونها..".

ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان سلطات إقليم كردستان العراق إلى الالتزام بمعايير حقوق الإنسان فيما يخص التوقيف والاعتقال، والكف عن سياسة الاعتقال التعسفي وإلصاق التهم بالناشطين وأصحاب الرأي من خلال استخدام أسلوب المخبر السري، مشدّدًا على ضرورة الإفراج عن جميع معتقلي الرأي في الإقليم والتوقف عن معاقبة الأفراد بسبب ممارستهم لحقوقهم المشروعة.