جنيف- قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ المقترح الحكومي الدنماركي بفرض حظر على ارتداء الحجاب وأغطية الرأس في المدارس الابتدائية خطير، وقد يغذّي التحريض ويأتي بنتائج عكسية.
وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي أنّ المقترح الحكومي مبني بالكامل على وجهات النظر والأفكار الخاطئة والمتحاملة تجاه الأشخاص ذوي الأصول الإسلامية في الدنمارك، على نحو من شأنه تأجيج التمييز العنصري وكراهية الأجانب والتعصب ضد فئة مستضعفة أصلًا.
ويوم الخميس الماضي، قدّمت لجنة "نضال المرأة المنسية"-التي شكّلتها الحكومة الاشتراكية الديمقراطية العام الماضي- تسع توصيات تتعلق بالفتيات اللاتي ينحدرن من الأقليات العرقية في الدنمارك.
وأوصت اللجنة في إطار عملها لضمان "تمتع النساء من الأقليات العرقية بنفس الحقوق والحريات التي تتمتع بها النساء الدنماركيات" بتشديد الرقابة على المدارس الإسلامية المستقلة، وحظر ارتداء الحجاب في المدارس العامة والخاصة والابتدائية المجانية في جميع أنحاء البلاد.
نشهد توجهًا خطيرًا متناميًا في الدنمارك وجميع أنحاء أوروبا في هذا الإطار، فكلما اقتربت الانتخابات أصبحت الأقليات العرقية والمسلمة بمثابة كيس ملاكمة
نور علوان، مسؤولة الإعلام في المرصد الأورومتوسطي
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ تشكيل اللجنة لم يراع مختلف العرقيات في البلاد، إذ لم تشمل في عضويتها أي امرأة محجبة، واستندت في توصياتها إلى فرضية متحيزة مفادها أنّ الفتيات المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب في الدنمارك يُجبرن على فعل ذلك بسبب أسرهن والرقابة المجتمعية.
وبيّن أنّه بالإضافة إلى أنّ هذا الاستنتاج لا أساس له من الصحة، فإنّه يرسّخ الوصمة الاجتماعية الخطيرة ضد الأقلية المسلمة المستهدفة بشدة في الدنمارك، كما يغذّي نظرة الكراهية تجاه الرموز الدينية الإسلامية مثل الحجاب، بصفته أداة لقمع المرأة وإخضاعها.
وأكّد أنّ مثل هذا المقترح من شأنه أن يزيد من التحيّز والتعصب وكراهية الأجانب، خصوصًا في ظل السياسات العدائية المتزايدة تجاه الأقليات العرقية والإثنية والمسلمة في الدنمارك، والتي كان من أبرزها قوانين الغيتو المشينة.
ونبّه إلى العواقب الوخيمة للمقترح الحكومي فيما يتعلق بشرعنة وتعزيز فكرة الربط بين الحجاب والاضطهاد، بالإضافة إلى تأثيره الكبير على المسلمات المحجبات في سوق العمل أو التعليم العالي.
وأوضح أنّ الحظر في حد ذاته غير فعّال ويشكل ضررًا كبيرًا على التحصيل العلمي والاندماج الاجتماعي للفتيات المسلمات اللاتي قد يشعرن بالتمييز والاستهداف بسبب أسلوب حياتهن. فعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أجرتها جامعة "ستانفورد" عام 2020 أن حظر الحجاب في المدارس العامة في فرنسا أعاق قدرة الفتيات المسلمات على إكمال دراستهن.
وقالت مسؤولة الإعلام في المرصد الأورومتوسطي "نور علوان" إنّ "مقترح اللجنة الدنماركية متناقض للغاية، إذ يدعو ببساطة إلى استبدال السيطرة المجتمعية المزعومة على الفتيات المسلمات بالسيطرة الحكومية الشاملة. من غير المنطقي الادعّاء بتحرير فتيات المدارس من خلال إجبارهن على عدم ارتداء ملابس أو رموز معينة، وخلق وصمة اجتماعية حول هذه الرموز".
وأضافت "نشهد توجهًا خطيرًا متناميًا في الدنمارك وجميع أنحاء أوروبا في هذا الإطار، فكلما اقتربت الانتخابات أصبحت الأقليات العرقية والمسلمة بمثابة كيس ملاكمة أو كبش فداء أو فريسة سهلة للجماعات السياسية لكسب التأييد الشعبي، كما أنّ لوم ]الحكومة الدنماركية[ للأقليات الدينية أو العرقية على استبعادها لهم وحرمانهم من حقوقهم في المجتمع هو نقيض العمل من أجل إدماجهم".
ولفت الأورومتوسطي إلى أنّه مع قرب إجراء الانتخابات العامة في الدنمارك، فإنّ توقيت مقترح اللجنة الحكومية التي يرأسها عمدة الحزب الاشتراكي الديمقراطي من الحزب الحاكم، يشير إلى اتباع سياسة النفعية الانتخابية وتحقيق المكاسب الشعبوية على حساب الأقليات الضعيفة.
ودعا المرصد الأورومتوسطي الحكومة الدنماركية إلى الامتناع عن اتباع التوصيات التمييزية الصادرة عن اللجنة، والتحقيق في المعطيات التي توصلت اللجنة من خلالها إلى افتراضاتها الخاطئة.
وجدّد المرصد الأورومتوسطي مطالبته للسلطات الدنماركية بالعمل على رعاية وتشجيع مناخ ترحيبي وإيجابي للأقليات الدينية والعرقية، بدلًا من اتباع سياسات الحرمان والتقييد والسيطرة التي تضر بالاندماج وتزيد من الإقصاء الاجتماعي.