جنيف – طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان منظمة الصحة العالمية بفتح تحقيق عاجل في حادثة وفاة 18 طفلًا على الأقل في إحدى مستشفيات مدينة صنعاء في اليمن، بعد حقنهم بدواء يُعتقد بأنه منتهي الصلاحية.
وقال المرصد الأورومتوسطي إنه في الوقت الذي لا يُتوقع فيه من وزارة الصحة في صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة "أنصار الله" الحوثية إجراء تحقيق شفاف ومستقل ومحاسبة المسؤولين عن حادثة توزيع جرعة فاسدة من دواء "ميثوتريكسيت" (Methotrexate) الذي يُستخدم لتثبيط المناعة لمستشفيات صنعاء، وحقن عشرات الأطفال المصابين بالسرطان في مستشفى الكويت بها، فإنه من المهم أن تُجري منظمة الصحة العالمية تحقيقًا في الحادثة.
الحادثة في جميع الأحوال تعكس استهتارًا واضحًا بحياة اليمنيين، وتبيّن عدم تحمل وزارة الصحة في حكومة الحوثيين المسؤوليات التي تقع على عاتقها كونها الجهة المسؤولة عن صحة وسلامة المرضى في مستشفيات المدينة
وشدد الأورومتوسطي على أهمية إجراء التحقيق، خاصة في ظل ادعاءات بأن وزارة الصحة والسكان في صنعاء كانت حصلت على الدواء من منظمة الصحة العالمية ومنظمات مانحة أخرى، قبل أن ينتهي تاريخ صلاحيتها ويجري توزيعها على المستشفيات.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه جهات طبية وإعلامية يمنية وفاة 18 طفلًا، فإن نحو 30 آخرين تلقوا الجرعة ذاتها يعانون من مضاعفات وما يزالون يتلقون الرعاية في أقسام العناية المركزة التابعة لعدد من مستشفيات صنعاء.
وقال "محمد الخولاني"، أحد أقرباء الطفل "إسماعيل الخولاني" (12 عامًا) الذي توفي إثر تلقيه جرعة الدواء الفاسدة: "تم إعطاء هؤلاء المرضى جرعات كيمياوية منتهية الصلاحية قد تكون مهربة أو مخزنة بشكل عشوائي لأكثر من 17 حالة أصبحوا بعد مدة قصيرة من تلقيهم الجرعة يصارعون الموت، وقد توفيت معظم الحالات المصابة ومن ضمنهم ابن خالي إسماعيل محمد الخولاني، وأما الحالات المتبقية ما زالت تصارع الموت"
وأعلنت وزارة الصحة والسكان في حكومة الحوثيين في بيانٍ لها يوم الخميس أن عشرة أطفال على الأقل من مرضى سرطان الدم توفوا نتيجة "تلوث بكتيري في عبوات" دواء "تم تهريبه إلى صيدلية خاصة، ولم تمر التشغيلة المهربة من الدواء عبر إجراءات الهيئة العليا للأدوية أو مناقصات المركز الوطني للأورام"
وقال الأورومتوسطي إنه حتى في حال كان الدواء بالفعل لم يمر على الجهات المختصة قبل استخدامه في المستشفيات، فإن الحادثة في جميع الأحوال تعكس استهتارًا واضحًا بحياة اليمنيين، وتبيّن عدم تحمل وزارة الصحة والسكان في حكومة الحوثيين المسؤوليات التي تقع على عاتقها كونها الجهة المسؤولة عن صحة وسلامة المرضى في مستشفيات المدينة، إذ لا يمكن تبرير بأي حال استخدام المستشفيات جرعة دوائية لم يجرِ فحصها والتحقق منها مسبقًا.
وعبر الأورومتوسطي عن خشيته من أن تكون هناك جرعات أخرى متوفرة من الدواء في مستشفيات المدينة ومراكزها الصحية، الأمر الذي قد يترتب عليه كارثة حقيقية تودي بحياة مئات المرضى.
وطالب المرصد الأورومتوسطي المقرر الخاص المعني بالحق في الصحة بالنظر في الحادثة والدعوة إلى فتح تحقيق دولي في مدى استفادة اليمنيين من المساعدات الطبية التي تقدمها منظمة الصحة العالمية ومنظمات دولية أخرى بشكل مجاني وفي الوقت المناسب، وفيما إذا كان يجري بالفعل تخزينها لمدد طويلة بغرض استفادة السلطات منها بشكل غير قانوني.
ويشهد اليمن منذ مارس/ آذار 2015 نزاعًا مسلحًا بين قوات الحكومة اليمنية مدعومة بالتحالف العربي بقيادة السعودية، وبين جماعة الحوثي التي تسيطر على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
وبلغت الأزمة الإنسانية في اليمن خلال السنوات الماضية مستويات غير مسبوقة من التدهور في ظل استمرار القتال الذي يعني بالضرورة تدهورًا إضافيًا في الأزمة، وتنامي الخطر الوشيك لحدوث كوارث صحية ومجاعة تهدد حياة الملايين، خصوصًا في ظل أزمة التمويل التي تعاني منها المنظمات الإغاثية العاملة في اليمن.