ملخص تنفيذي

 

شهد العقد الماضي تراجعًا ملحوظًا في الحريات الصحافية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث باتت مهنة الصحافة من أكثر المهن خطورة خاصة في مناطق النزاع المسلح، فيما سُجل الصحافيون كأكثر الفئات استهدافًا في عدد من الدول.

وواجه الصحافيون خلال الأعوام العشرة الماضية جرائم وانتهاكات واعتداءات مختلفة، تضمنت في عشرات الحالات حوادث اغتيال واستهداف مباشر وتعذيب واعتقال وحبس ومحاكمات جائرة على خلفية عملهم، حيث كان الشيء الوحيد تقريبًا الذي اتفقت عليه أطراف النزاع والحكومات هو إسكات صوت الصحافة ومنع الصحافيين من ممارسة عملهم بحرية.

خلال العشرة أعوام الماضية، وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مئات حالات القتل للصحافيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتصدرت سوريا القائمة بأكبر عدد لصحافيين قُتلوا في المنطقة، حيث قتل فيها أكثر من 700 صحافيًا وعاملًا في المجال الإعلامي (من بينهم 9 صحافيين أجانب) بمعدل أكثر من 63 صحافيًا كل عام،

 تلاها العراق الذي شهد مقتل 61 صحافيًا بمعدل 6 صحافيين كل عام، ثم اليمن التي قُتل فيها 42 صحافيًا بمعدل أكثر من 5 صحافيين سنويًا، والأراضي الفلسطينية التي سجلت معدل قتل صحافيين اثنين كل عام.

إلى جانب ذلك، يواجه الصحافيون في دول أخرى مثل دول الخليج والمغرب العربي ومصر والأردن قيودًا ورقابة مشددة على عملهم، فبرغم تدني عدد الصحافيين القتلى أو المحتجزين في عدد منها، إلا أن ذلك لا يعكس حالة الحريات الصحافية فيها.

 فبطبيعة الحال، نتيجة للتهديدات والقوانين التي يجري تحديثها وتعديلها بشكل دوري لإحكام القبضة على قطاع الصحافة، يجد الصحافيون في المنطقة أنفسهم يمارسون رقابة ذاتية على عملهم، حتى يتجنبوا الملاحقات والمضايقات والاعتداءات التي تبقى دون مساءلة، وتُمارس -في كثير من الأحيان- بغطاء قانوني.

يستعرض هذا التقرير لمحة عامة على واقع الحريات الصحافية في 18 دولة يغطيها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ضمن مناطق عمله؛ وهي سوريا، والعراق، والأراضي الفلسطينية، ولبنان، واليمن، وليبيا، والسودان، ومصر، والمغرب، وتونس، والجزائر، والسعودية، وسلطنة عمان، والإمارات، وقطر، والبحرين، والكويت.

سوريا 

 

تعد سوريا من أخطر البلدان على سلامة وحياة الصحافيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فخلال نحو 11 عامًا من النزاع، قُتل مئات الصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي في سوريا، فيما أُصيب وأُخفي قسرًا أو اعتُقل آلاف آخرون.

التهديدات التي يتعرض لها الصحافيون بشكلٍ يومي في سوريا، والتي تتفاقم بتسارع مضطرد، يؤشر عليها مركز سوريا المتأخر في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الخاص بمنظمة "مراسلون بلا حدود"، حيث تحتل المركز 171 من أصل 180 بلدًا [1]، الأمر الذي يعني أنها تقع ضمن أسوأ 10 بلدان من حيث الحريات الصحافية في العالم. ورغم أنها ارتفعت مرتبتين على المؤشر مقارنة بعام 2021، إلا أن ذلك لا يعني أن وضع الحريات الصحافية شهد تحسنًا، ولكنه يمكن أن يعني أن بلدانًا أخرى شهدت عدد انتهاكات أكبر خلال هذه المدة، كون التهديدات والقيود المفروضة على عمل الصحافيين في سوريا لم تتراجع خلال الأعوام الماضية.

خلال 11 عامًا من النزاع في سوريا، في المدة ما بين مارس/آذار 2011 وحتى أبريل/نيسان 2022 على يد أطراف النزاع[2]، قُتل أكثر من 700 صحافيًا وعاملًا في المجال الإعلامي (من بينهم 9 صحافيين أجانب)، بمعدل أكثر من 63 صحافيًا كل عام، وهو أكبر عدد لصحافيين قُتلوا خلال العقد الماضي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. من بين هؤلاء صحافيون قُتلوا خلال تغطية الأحداث، أو في منازلهم تحت القصف، أو في السجون تحت التعذيب.

خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2022، قٌتل صحافي واحد في سوريا، فيما ما يزال يقبع نحو 30 صحافيًا وعاملًا في المجال الإعلامي في السجون السورية.

ومنذ بدء الأحداث في سوريا عام 2011، بذل النظام جهودًا حثيثة لمنع دخول الصحافيين ووسائل الإعلام الدولية إلى البلاد، كما حظر وسائل الإعلام المستقلة. دفع ذلك بالعديد من الصحافيين ووسائل الإعلام إلى العمل من خارج سوريا لضمان العمل بحرية ودون ملاحقة.

في أبريل/نيسان 2022، أدخل الرئيس السوري بشار الأسد تشريعات تهدف إلى تشديد القيود والرقابة على عمل الصحافيين والنشطاء عبر الإنترنت، حيث أصدر قانون رقم (20) لعام 2022 الخاص بـ "الجريمة المعلوماتية"، والذي يُجرّم انتقاد السلطات ويفرض عقوبات تشمل الاعتقال ودفع غرامات مالية باهظة.

وتنص المادة (27) من القانون على العقاب بـ "الاعتقال المؤقت من 7 إلى 15 سنة وغرامة من 10 إلى 15 مليون ليرة، بحق كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو صفحة إلكترونية أو نشر محتوى رقمياً على الشبكة بقصد إثارة أفعال تهدف أو تدعو إلى تغيير الدستور بطرق غير مشروعة، أو سلخ جزء من الأرض السورية عن سيادة الدولة، أو إثارة عصيان مسلح ضد السلطات القائمة بموجب الدستور أو منعها من ممارسة وظائفها المستمدة من الدستور، أو قلب أو تغيير نظام الحكم في الدولة".

كما تنص المادة (28) على أنه "يعاقب بالسجن المؤقت من 3 إلى 5 سنوات وغرامة من 5 إلى 10 ملايين ليرة، كل من قام بإحدى وسائل تقانة المعلومات بنشر أخبار كاذبة على الشبكة من شأنها النيل من هيبة الدولة أو المساس بالوحدة الوطنية".

وليس هذا القانون وحده ما يقيد العمل الصحافي وحرية التعبير في سوريا، فقانون حماية الثورة لعام 1965، وقانون الإرهاب لعام 2012 وقانون العقوبات لعام 1949، يفرضون جميعهم قيودًا مختلفة على العمل الصحافي وحرية التعبير.

العراق

 

يعد العراق أحد أكثر البلدان خطرًا على الصحافيين، إذ يتعرضون إلى استهداف دائمٍ ومنظم، ولا يكاد يخلو عام واحد من جرائم قتل لصحافيين في البلاد.

خلال الأعوام العشرة الأخيرة، وثق المرصد الأورومتوسطي مقتل 61 صحافيًا في العراق، بمعدل 6 صحافيين سنويًا، وهو ثاني أكبر عدد لصحافيين قُتلوا خلال العقد الماضي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد سوريا.

خلال عام 2022، وثق المرصد الأورومتوسطي قتل صحافية واحدة في العراق، هي " ناغيهان أكارسيل"، والتي قتلت أمام منزلها في إقليم كردستان العراق في 4 أكتوبر/تشرين أول الماضي، فيما تعرض عشرات الصحافيين لاعتداءات متكررة ومستمرة حتى تاريخ التقرير.

ومنذ اندلاع احتجاجات أكتوبر/تشرين أول 2019 في العاصمة بغداد ومحافظات أخرى، تصاعد استهداف الصحافيين بشكل كبير، ولا سيما أولئك الذي نشطوا في تغطية الاحتجاجات وعملوا على إبراز أصوات المنتقدين والمعارضين للسلطات.

وتفرض السلطات الحاكمة والأحزاب السياسية قيودًا مشددة على العمل الصحافي في البلاد، وتُعرض الصحافيين إلى تهديدات واعتداءات مختلفة تشمل الاغتيال والخطف ومصادرة وتدمير المعدات والمنع من التغطية وإغلاق المقرات الإعلامية والتهديد بالقتل والملاحقة والإبعاد عن العمل وغيرها.

 وتتنافى الانتهاكات التي تتعرض لها المؤسسات الصحافية والإعلامية في العراق والتهديدات التي يتلقّاها العاملون فيها مع القوانين والتشريعات الوطنية والدولية ذات العلاقة، ومع قواعد حرية الرأي والتعبير، وتندرج في إطار ترهيب العمل الصحافي الذي أصبح سمة بارزة في العراق.

وحتى اليوم، ما يزال نحو 5 صحافيين يقبعون خلف السجون على خلفية عملهم في العراق، ويُعرضون على محاكمات جائرة تتضمن مخالفات لمعايير المحاكمة العادلة.

ولا يستطيع القانون حماية الصحافيين من التهديدات والاعتداءات التي يتعرضون لها في العراق، حيث غالبًا ما تترك جرائم قتل الصحافيين دون محاسبة.

 ورغم تعاقب حكومتين وتعدد لجان التحقيق منذ اندلاع الاحتجاجات التي قُتل وجُرح خلالها وبعدها عشرات الصحافيين، إلّا أنّ العدالة ما تزال بعيدة المنال، إذ لم يخضع أيُّ من المتورطين في جرائم القتل أو الاعتداء على الصحافيين للمساءلة.

اليمن

 

يُسجل اليمن كواحد من أسوأ البلدان فيما يتعلق بانتهاك حقوق الصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي. فمنذ بدء الحرب الأهلية، يبقى الصحافيون ضمن الفئات الأكثر عرضة للخطر، بما في ذلك الاغتيال والقتل المباشر والاستهداف والاعتقال والحبس والإخفاء القسري والتعذيب والاعتداء بكافة أشكاله من جهات عدة، بما في ذلك الحكومة اليمنية وميليشيات جماعة الحوثي والمجلس الانتقالي الجنوبي والميليشيات المسلحة الأخرى.[3] 

ومنذ بدء الحرب في اليمن عام 2014، سجل الأورومتوسطي مقتل 42 صحافيًا يمنيًا على الأقل، بمعدل أكثر من 5 صحافيين كل عام، في حوادث مختلفة أبرزها الاغتيال والاستهداف خلال النزاع المسلح.

وشهد عام 2022 انتهاكات جسيمة عدّة واجهها الصحافيون في اليمن، حيث قُتل ثلاثة صحافيين، فيما يبقى نحو 6 آخرين في السجون.

ويبقى الاغتيال أحد أكثر أشكال الانتهاك التي يتعرض لها الصحافيون في اليمن خطرًا، حيث تكررت حوادث اغتيال ضد صحافيين بشكلٍ مخيف خلال السنوات الأخيرة، كان آخرها في يونيو/حزيران 2022، حين قُتل مراسل التلفزيون الياباني  (NKH)"صابر الحيدري" بعبوة ناسفة انفجرت بسيارته، سبقه قتل المصور الصحافي "فواز الوافي" في سيارته في مارس/آذار 2022، واغتيال الصحافية "رشا الحرازي" في نوفمبر/تشرين ثانٍ 2021، واغتيال مصور وكالة "فرانس برس"، "نبيل القعيطي" على يد مجهولين مسلحين أطلقوا النار عليه في يونيو/حزيران 2020.

إلى جانب ذلك، يتعرض الصحافيون في اليمن لملاحقات ومحاكمات جائرة بشكل روتيني على خلفية عملهم. فحتى اليوم، يواجه أربعة صحافيين يمنيين؛ "أكرم الوليدي" و"عبد الخالق عمران"، و"حارث حميد"، و"توفيق المنصوري" أحكامًا بالإعدام أصدرتها السلطات الحوثية بحقهم وما تزال ترفض إسقاطه رغم المطالبات الدولية الواسعة بذلك.

الأراضي الفلسطينية

 

يواجه الصحافيون في الأراضي الفلسطينية قيودًا وتهديدات متعددة خلال عملهم، ومن جهات مختلفة؛ ففي الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، يواجه الصحافيون تهديدات محدقة باستهداف القوات الإسرائيلية المباشر بالرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع والاعتقالات التعسفية والاحتجاز والمنع من التغطية الأحداث وتدمير ومصادرة المعدات خلال الاحتجاجات والمواجهات. علاوة على ذلك، يواجه الصحافيون نوعًا آخر من القيود التي تهدف بشكل أساسي لمنعهم من ممارسة عملهم بحرية، والتي تتمثل بالابتزاز والمنع من السفر، حيث تمنع إسرائيل عشرات الصحافيين الفلسطينيين من السفر والتنقل بحرية بشكل غير قانوني وغير مبرر، في سياسة يبدو وأنها تُمارس بشكل عقابي على خلفية عملهم الصحافي أو تعبيرهم عن آرائهم.

وبحسب توثيق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان لحالات قتل الصحافيين الفلسطينيين منذ عام 2000، فإن صحافيين فلسطينيين اثنين يُقتلا بمعدل كل عام تقريبًا.

شهد عام 2022 انتهاكات جسيمة واجهها الصحافيون في الأراضي الفلسطينية، وتحديدًا في الضفة الغربية المحتلة، حيث وثق المرصد الأورومتوسطي مقتل صحافيتان فلسطينيتان، هما؛"شيرين أبو عاقلة" مراسلة قناة الجزيرة، و"غفران وراسنة" المذيعة في قناة "دريم" المحلية، بينما اعتقلت وحاكمت واستجوبت عشرات الصحافيين، فيما يبقى نحو 18 صحافيًا في السجون الإسرائيلية.

وثق تقرير مفصل أصدره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أواخر عام 2021 بعنوان "معاقبة الصحافيين: قيود إسرائيل على حرية التنقل والحركة"[4]، حالات قام فيها جهاز المخابرات الإسرائيلي وجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) بابتزاز ومساومة صحافيين فلسطينيين على حقهم في حرية التنقل والحركة، حيث قال عدد من الصحافيين الذين أجرى الأورومتوسطي مقابلات معهم إن الضباط الإسرائيليين قالوا لهم إنه يمكن أن يُزال عنهم قرار المنع من السفر في حالة واحدة فقط؛ وهي التعاون معهم في تقديم معلومات أمنية عن الفلسطينيين أو العمل لصالح إسرائيل. في حالات أخرى، وعد الضباط الإسرائيليون الصحافيين بمنحهم الحق في التنقل والسفر إذا ما تخلوا عن عملهم الصحافي أو توقفوا عن العمل لصالح جهات إعلامية وصحافية معينةوبحسب الإفادات، فإنه في حال رفضهم العروض، يتعرض الصحافيون للاعتداءات الجسدية والنفسية، من خلال الضرب والاحتجاز والاقتحامات المنزلية والتهديد بالملاحقة المتواصلة. إلى جانب ذلك، يواجه الصحافيون في الضفة الغربية قيودًا تفرضها السلطة الفلسطينية على عملهم، حيث يتعرضون في حالات عديدة للملاحقات والاعتقالات والاعتداءات على خلفية عملهم.

أما في قطاع غزة، فيتعرض الصحافيون في حالات عديدة للاستهداف المباشر وغير المباشر خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية وأثناء تغطية الاحتجاجات في المناطق القريبة من السياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، كما يواجهون قيودًا ومضايقات تمارسها حكومة حركة حماس التي تدير قطاع غزة، حيث يجري استدعاء واحتجاز صحافيين على خلفية عملهم في حالات عدة.

ليبيا

 

منذ اندلاع الاضطرابات في ليبيا عام 2011، تصاعدت حدة استهداف الصحافيين ووسائل الإعلام المستقلة، وخصوصًا في أوقات النزاع المسلّح الذي تجدد مرات عدة خلال السنوات العشر الأخيرة، ما تسبب بخلق بيئة طاردة وغير آمنة للعمل الصحافي. وتجلّت مظاهر ذلك في أشكال الاعتداء المختلفة التي تعرّض لها الصحافيون ووسائل الإعلام في ليبيا، والتي شملت القتل والإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب، إلى جانب إغلاق مكاتب صحافية ومهاجمة أخرى، وتقييد ومراقبة العمل الصحافي من خلال أوامر وقرارات رسمية.

خلال الأعوام العشرة الأخيرة، منذ عام 2012، وثّق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مقتل نحو 20 صحافيًا في ليبيا، بمعدل صحافيين اثنين كل عام، إلى جانب مئات الحالات التي تعرّض فيها صحافيون آخرون للاحتجاز أو التهديد أو التعذيب.

خلال عام 2022، لم يُقتل أي صحافي ليبي، لكن صحافيًا واحدًا على الأقل ما يزال يقبع في السجون الليبية[5]. وبشكل عام، رغم تحسن وضع الحريات الصحافية في ليبيا خلال عام 2022، إلا أن الصحافيين ما يزالون يواجهون انتهاكات مختلفة، كما يمارسون الرقابة الذاتية خشية التعرض للملاحقة أو الاختطاف.

في 15 سبتمبر/أيلول 2022، أصدرت الحكومة الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة القرار رقم (811) لسنة 2022 بشأن اعتماد الشروط والضوابط الخاصة بمزاولة النشاط الإعلامي. فرض القرار قيودًا كبيرة وغير مبررة على حرية ممارسة النشاط الإعلامي، شملت الحصول على موافقة أمنية لاستصدار الترخيص، وفي بعض الحالات تحتاج وسيلة الإعلام إلى موافقة أمنية إضافية من جهاز المخابرات، كما حدد القرار رسومًا مالية باهظة لتجديد الترخيص بشكل سنوي، إضافة إلى عدد من التعقيدات الإدارية التي يمكن أن تُستخدم لعرقلة منح التصاريح لوسائل الإعلام لأسباب قد تكون تعسفية.

وبسبب تعقّد الأزمة السياسية واستمرار الخلافات الداخلية، وغياب التوافق حول المسار الدستوري، لم يتم إقرار مشروع الدستور الذي يكفل حرية الصحافة والإعلام، وينصّ على إنشاء مجلس أعلى للإعلام والصحافة، ويُلزم الدولة بحماية حرية واستقلالية الصحافة والإعلام. وبذلك، يعمل الصحافيون في ليبيا دون حماية قانونية تقريبًا، ودائمًا ما يكونون عرضة للاستهداف التعسفي من السلطات الحاكمة سواء شرقي أو غربي البلاد، دون وجود مظلة تحميهم وتدفع باتجاه محاسبة الجناة ومنع إفلاتهم من العقاب.

مصر

 

يواجه الصحافيون ووسائل الإعلام المستقلة في مصر أزمة حرجة منذ أحداث يونيو/حزيران 2013، وما أعقبها من ممارسات تعسفية استهدف بشكل رئيس الحقوق المتعلقة بحرية التعبير عن الرأي والصحافة والنشر،

 إذ أحكمت السلطات منذ ذلك الوقت قبضتها الأمنية على قطاع الإعلام، وأغلقت القنوات التلفزيونية والإذاعات والمواقع الإلكترونية المعارضة، واعتقلت عددًا كبيرًا من الصحافيين ورحّلت آخرين، وتفرّدت في السيطرة على قطاع الإعلام في البلاد.

يعد الحظر الفعلي للصحافة المستقلة في مصر سياسة مشتركة بين أجهزة الدولة المختلفة، إذ تجري الممارسات الأمنية التعسفية ضد وسائل الإعلام بدعم قانوني وتشريعي من خلال مجموعة من الأوامر والتشريعات التي تجرّم سلوكيات مرتبطة بحرية الصحافة تحت دواعٍ فضفاضة وعامة،

 منها قانون "تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" رقم 180 لسنة 2018، والذي شرعن للسلطات مراقبة ووقف الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية إذا ما ساهمت في "نشر أخبار كاذبة" أو "ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية"، وفَرَض عقوبات بالسجن والغرامة المالية في حال "الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر أو الإضرار بالأمن القومي للبلاد أو مركزها الاقتصادي".

خلال العقد الأخير، منذ عام 2012، وثق الأورومتوسطي مقتل 8 صحافيين في مصر، ستة منهم قُتلوا خلال عام 2013.

وخلال السنوات التسع الماضية، احتجزت قوات الأمن المصرية أكثر من 100 صحافي تعسفيًا على خلفية عملهم المشروع، فيما ما يزال نحو 10 منهم داخل السجون.

 وعلى غرار أجهزة الدولة الأخرى، تعمل المنظومة القضائية في مصر بشكل فاعل ضمن منظومة اضطهاد الصحافيين، وتنسب لهم تهمًا مزيفة لتبرير احتجازهم لمدد طويلة، من أبرزها الانتماء لجماعات وتنظيمات إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، والمساس بالأمن القومي.

لا تقتصر الرقابة التي تفرضها السلطات على وسائل الإعلام على الشأن السياسي فقط، بل تمتد لتشمل جميع الموضوعات التي قد لا تروق للسلطة، أو تمس في سمعتها أو المرتبطين بها ولو حتى على نحو غير مباشر.

في سبتمبر/أيلول 2022، حققت نيابة استئناف القاهرة مع 4 صحافيات يعملن في موقع "مدى مصر" الإلكتروني، على خلفية مشاركتهن في إعداد تقرير حول شبهات فساد مالي في أحد الأحزاب المرتبطة بالسلطة، وتم اتهامهن "بنشر أخبار كاذبة من شأنها تكدير السلم العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة والإزعاج باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وسب وقذف نواب حزب "مستقبل وطن" في البرلمان".

خلال السنوات الماضية، حجبت السلطات المصرية أكثر من 500 موقع إلكتروني إخباري وحقوقي في إطار استراتيجيتها للسيطرة على قطاع الإعلام وإلغاء الصحافة المستقلة، ولا تعترف السلطات في أغلب الحالات بعمليات الحجب أو أسبابها.

بسبب الاستهداف الممنهج والمستمر للصحافيين، وعدم توفر بيئة آمنة لممارسة مهنة الصحافة بشكل مستقل، فرّ خلال السنوات الماضية عشرات الصحافيين المصريين من بلادهم خشية الاضطهاد، وفضّلوا استكمال نشاطهم من الخارج تجنّبًا للوقوع في الاحتجاز التعسفي أو التعرّض لأي شكل من أشكال الاعتداء.

 لبنان 

 

بشكل عام، تتمتع وسائل الإعلام في لبنان بهامش من الحرية في تناول مختلف القضايا السياسية والاجتماعية، وانتقاد ومعارضة السلطات، لكنّ غالبيتها يتبع بشكل مباشر أو غير مباشر للأحزاب والتيارات السياسية، التي تسيطر على توجهاتها وسياساتها والأساليب التي تعمل من خلالها على تغطية الأحداث، سواء تلك المتعلقة بالشؤون الداخلية أو الخارجية.

خلال الأعوام الأخيرة، شهدت الحريات الصحافية في لبنان تراجعًا ملحوظًا، حيث يُرتّب القانون الجنائي اللبناني جزاءات تشمل السجن والغرامات على سلوكيات مرتبطة بحرية الرأي والتعبير والنشر، ويحتوي على مصطلحات فضفاضة مثل التشهير ونشر أخبار كاذبة وغيرها من التوصيفات العامة التي قد تستخدم على نحو غير مبرر لتقييد حرية الصحافيين أو وسائل الإعلام، وينعكس ذلك واقعًا في عشرات الاستدعاءات التي توجهها الجهات الأمنية اللبنانية للصحافيين على خلفية انتقادهم لمسؤولين سياسيين واقتصاديين، إذ يمثل الصحافيون بشكل منتظم أمام الجهات الأمنية بسبب تلك الشكاوى التي عادة ما تستند إلى تلك النصوص القانونية الفضفاضة.

وخلال العقد الأخير، منذ عام 2012، وثق الأورومتوسطي مقتل ثلاثة صحافيين في لبنان، إلى جانب عشرات الانتهاكات الأخرى التي شملت التوقيف والمنع من دخول البلاد والتهديد والتضييق والاعتداءات.

ومنذ الاحتجاجات التي شهدها لبنان عام 2019 بسبب الانهيار الاقتصادي، تصاعدت حدة الانتهاكات ضد الصحافيين، فخلال العامين الذين تليا الاحتجاجات (2020 – 2021) قُتل صحافيان اثنان لأول مرة منذ عام 2012؛ حيث أطلق مسلحون النار على المصور الصحافي "جوزيف بجاني" أمام منزله في ديسمبر/كانون أول 2020، فيما وُجد الصحافي "لقمان سليم" مقتولًا رميًا بالرصاص في سيارته بعد أقل من شهرين على حادثة قتل "بجاني"، في فبراير/شباط 2021.

إلى جانب ذلك، استجوبت الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية 20 صحافيًا على خلفية انتقاد السلطات عبر وسائل التواصل الاجتماعي (في المدة بين أكتوبر/تشرين اول 2019 – يونيو/حزيران 2020).[6] في عام 2021، تلقى الصحافي "سليمان الخالدي" الذي يعمل لصالح لوكالة رويترز قرارًا "سياديًا" بمنعه من دخول لبنان، فيما يبدو على خلفية عمله.

السودان

 

يعاني الصحافيون ووسائل الإعلام في السودان من سطوة أمنية صارمة تمثلت في فرض قيود على حرية التعبير، وتحكم كامل بوصل وقطع خدمات الإنترنت، إضافة إلى فرض إجراءات عقابية ضد وسائل الإعلام التي نشطت في تغطية الاحتجاجات الشعبية، وما رافقها من انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان عقب الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين أول 2021.

خلال عام 2022، وثّق فريق المرصد الأورومتوسطي اتخاذ سلطة الأمر الواقع مجموعة إجراءات بدت انتقامية بحق عدد من وسائل الإعلام المحلية والدولية التي نشطت في تغطية أحداث الانقلاب العسكري، بالإضافة إلى إغلاق مجموعة من الإذاعات وتقييد عمل أخرى على خلفية نشاطها في متابعة الاحتجاجات الشعبية.

ففي 13 يناير/كانون ثانٍ 2022، داهمت قوة أمنية مكتب قناة "التلفزيون العربي" في الخرطوم أثناء تغطية القناة للتظاهرات الرافضة للانقلاب العسكري في السودان، فيما يبدو للتأثير على عمل فريق القناة الذي كان ينشط في تغطية الاحتجاجات الشعبية. بعدها بأيام، قررت وزارة الإعلام في 18 يناير/كانون ثان إغلاق مكتب "الجزيرة مباشر" وسحب ترخيص المراسل الصحافي "محمد عمر" و"المصور بدوي بشير" وفقاً لما أسمته وزارة الإعلام السودانية بالنقل غير المهني للشأن السوداني.

وفي حين ضمن الدستور السوداني حرية التعبير والصحافة، إلا أنّ التطبيق العملي على أرض الواقع كان مختلفًا، فقد أعاقت كثير من القوانين المحلية حرية التعبير والصحافة، بما فيها قوانين الطوارئ ومواد من قانون العقوبات، والتي تستخدمها سلطات الأمر الواقع منذ الانقلاب العسكري لفرض رقابة على المحتوى، وترهيب الصحافيين والنشطاء، إذ اعتبرت بموجب تلك القوانين والإجراءات تغطية الأحداث التي تلت الانقلاب ونقل انتهاكات حقوق الانسان بحق المحتجين والمتظاهرين خطوط حمراء تتطلب المحاسبة.

على سبيل المثال، نصت المادة (50) من القانون الجنائي لسنة 1991 على أن "من يرتكب أي فعل بقصد تقويض النظام الدستوري للبلاد أو بقصد تعريض استقلالها أو وحدتها للخطر، يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد أو السجن لمدة أقل مع جواز مصادرة جميع أمواله."، فيما نصت المادة (51) على أنه "يعد مرتكبًا جريمة إثارة الحرب ضد الدولة ويعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد أو السجن لمدة أقل مع جواز مصادرة جميع أمواله من: (أ‌) يثير الحرب ضد الدولة عسكرياً بجمع الأفراد أو تدريبهم أو جمع السلاح أو العتاد أو يشرع في ذلك أو يحرض الجاني على ذلك أو يؤيده بأي وجه".

تونس

 

بعد نجاح احتجاجات 2011 وما أعقبها من تحوّل ديمقراطي في مؤسسات الحكم، شهدت تونس نقلة كبيرة في التنوع والتعدد الإعلامي، وتوسّعًا في هامش الحرية التي تتمتع بها وسائل الإعلام والصحافة المستقلة. لكنّ مع فرض الرئيس "قيس سعيّد" الإجراءات الاستثنائية في يوليو/تموز 2021 وسيطرته على جميع مؤسسات الحكم، بدأ هامش الحرية بالتقلص على نحو كبير، وعاد الصحافيون مرة أخرى للعمل تحت تهديد الملاحقات القضائية، والقبضة الأمنية التي فرضها الوضع الجديد.

في هذا الإطار، حرص الرئيس "قيس سعيّد" على إصدار جملة من المراسيم والأوامر انطلاقًا من مبررات فضفاضة وعامة، إذ استحدث قواعد قانونية تضع معايير للنشر، وتمنع الوزراء من الظهور على الإعلام، في محاولة على ما يبدو لفرض رقابة غير شرعية على وسائل الإعلام، وإخضاعها لوصاية مقنّعة من الجهات التنفيذية.

من خلال الأمر رقم 117/ 2021[7]، أضفى "سعيد" شرعية على الإجراءات التقييدية ضد الصحافة، إذ حدد الأمر في الفصل الخامس من بابه الثاني "تنظيم الإعلام والصحافة والنشر" كأحد المهام التشريعية للأوامر الرئاسية الاستثنائية، وهو ما فتح الباب على مصراعيه لتقييد حرية الصحافة وتجريم تداول المعلومات، وتكرر ذلك من خلال مراسيم وأوامر أخرى صدرت عن الرئاسة التونسية والحكومة بعد ذلك، مثل المنشور عدد 14 لسنة 2022 المتعلق بمقاومة المضاربة غير المشروعة[8]، والمنشور عدد 19 المتعلق بقواعد العمل الاتصالي للحكومة، واللذان تضمنا قيودًا كبيرة على حرية النشر وتداول المعلومات.

وتبعًا لتلك الأوامر، فرضت الجهات التنفيذية قيودًا على وسائل الإعلام حدّت من حريّتها، وتعرّض صحافيون إلى انتهاكات شملت الاعتداء والاحتجاز والمحاكمة أمام محاكم عسكرية.

في 16 أغسطس/آب 2022، قضت الدائرة الجناحية لدى المحكمة العسكرية الدائمة بتونس بحبس الصحافي "صالح عطية" لمدة ثلاثة شهور بتهم "المسّ من كرامة الجيش الوطنيّ وسمعته والقيام بما من شأنه أن يُضعف في الجيش روح النّظام العسكريّ والطّاعة للرّؤساء، و"نسبة أمور غير قانونيّة لموظّف عموميّ دون الإدلاء بما يُثبت صحّة ذلك"، و"الإساءة للغير عبر الشّبكة العموميّة للاتّصالات".

ومنذ إعلان الإجراءات الاستثنائية وحتى أكتوبر/ تشرين أول 2022، وثقّ المرصد الأورومتوسطي انتهاكات عدة ضد الصحافيين في تونس، شملت إغلاق مقرّات قنوات فضائية ومنعها من العمل، وإقالة المدير العام لمؤسسة التلفزة التونسية "محمد الأسعد الداهش" من منصبه، واحتجاز الموفدة الخاصة لصحيفة نيويورك تايمز "فيفيان يي" عدة ساعات أثناء تغطيتها الأحداث في أحد أحياء العاصمة تونس. كما تعرض عدد من الصحافيين إلى الاعتداء وتكسير معداتهم من قبل متظاهرين موالين للسلطة أثناء تغطيتهم لوقفة احتجاجية نظمها نواب من البرلمان للاعتراض على تجميد عمله.

ومنذ يوليو/ تموز وحتى أكتوبر/ تشرين أول 2022، وثّق المرصد الأورومتوسطي اعتقال الأجهزة الأمنية التونسية أكثر من 15 صحافيًا، حوكم اثنان منهم على الأقل أمام القضاء العسكري، إلى جانب تعرّض عشرات آخرين للاعتداء المباشر أو التهديد أو التشويه على يد أشخاص أو مواقع إلكترونية مقرّبة من السلطة.

المغرب

 

شهدت الحريات الصحافية في المغرب تراجعًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، حيث يواجه الصحافيون ملاحقات وعقوبات على نحو وحجم غير مسبوقين.

وتواصل السلطات المغربية منذ سنوات فرض قيودٍ صارمة على حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير، وذلك من خلال الاستهداف المستمر للمؤسسات الصحافية المعارضة ومضايقة الصحافيين بسبب عملهم أو تعبيرهم عن آرائهم، عبر تعريضهم للعنف واحتجازهم تعسفيًا وعرضهم أمام محاكماتٍ جائرة، تهدف في النهاية إلى تقويض الحق في حرية التعبير عن الرأي وممارسة العمل الصحافي كونها تخالف سياسات الدولة أو تنتقدها.

وأدى غياب الضمانات الدستورية والقانونية الكافية لحماية الحق الأساسي في حرية التعبير والعمل الصحافي إلى تفاقم الانتهاكات والتجاوزات التي تتسم بها سياسة الدولة تجاه هذه الحريات، ويتجسد ذلك من خلال استمرار السلطات المغربية في اللجوء إلى القانون الجنائي عوضًا عن قانون الصحافة والنشر لمتابعة الصحافيين والنشطاء في التعبير عن آرائهم وتجريمها، بما في ذلك ما يتم نشره على منصات التواصل الاجتماعي.

اعتقلـت السـلطات المغربيـة فـي السـنوات الأخيرة عـدة صحافييـن مسـتقلين، وحاكمتهـم وسـجنتهم بتهـم مشكوك فيها، وذلـك علـى خلفيـة آراء ناقـدة ومعارضـة للدولة، عبر عنهـا هؤلاء الصحافيون فــي ســياق عملهــم الصحافي، وكان بعضهـا يتناول قضايا الفسـاد داخل الدولة، أو الممارسات القمعيـة للسـلطات تجـاه توثيـق الاحتجاجات داخـل الدولة، حيـث كان مـن بيـن التهـم ممارسـة الجنـس خـارج نطـاق الـزواج، والعمالـة، والتحـرش، وغيرهـا مـن التهـم. وخلال الأعوام الماضيـة، كان -وفيمـا يبـدو- اتهـام الصحفييـن بالتهـم الأخلاقية أسـلوبًا معتمـدًا لـدى الســلطات المغربيــة بهــدف ضــرب مصداقيــة وســمعة الصحافييــن المعارضيــن والحــد مــن إمكانيــة دعمهم والتضامن معهم.

خلال عام 2022، وثق الأورومتوسطي اعتقال او استمرار حبس 10 صحافيين في المغرب على الأقل، كان من بينهم "توفيق بو عشرين"، و"عمر الراضي"، و"سليمان الريسوني" بعد محاكمتهم في إطار معايير محاكمة غير متوافقة مع التشريعات المحلية والدولية، وتصل عقوبة بعضهم إلى السجن مدة 15 سنة مثل الصحتفي "توفيق بو عشرين" مؤسس صحيفة "أخبار اليوم" والذي اعتقل في شباط/ فبراير 2018، وأيّدت محكمة النقض العليا في سبتمبر/ أيلول 2021 حبسه لمدة 15 عامًا على خلفية تهم تبدو زائفة كالاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر، وبعد محاكمة شابتها تجاوزات قانونية كبيرة.

وما يعكس نية السلطات في الاستمرار بنهجها في ملاحقة وقمع حرية العمل الصحافي هو غياب التحقيقات فيما يتعلق بالمعلومات التي نشرتها منظمات حقوقية ودولية حول ما أقدمت عليه السلطات من مراقبة لمحتويات شبكة الإنترنت، واستهداف الناشطين والصحافيين من خلال البرنامج التجسسي "بيغاسوس" (Pegasus) التابع لشركة "إن إس أو" (NSO) الإسرائيلية، وذلك عبر اعتراض الاتصالات والتجسس عليها وانتهاك الحق في الخصوصية.

الجزائر

 

خلال العقد الماضي، شهد الجزائر حادثة قتل واحدة للصحافي "تومي أمين" بقنبلة زرعتها مجموعة إرهابية شرقي الجزائر في يوليو/تموز 2013، كما توفي الصحافي الجزائري-البريطاني "محمد تامالت" في ديسمبر/كانون أول 2016، بعد إضراب عن الطعام بدأه بسبب احتجازه في السجون الجزائرية وقضائه حكمًا بالسجن لمدة عامين (قضى منها خمسة أشهر) بسبب "الإساءة" إلى الرئيس الجزائري عبر الإنترنت.

لكن بشكل عام، عدد حوادث قتل أو اغتيال الصحافيين في الجزائر -رغم تدنيه خلال العقدين الماضيين مقارنة بما سبقهما- لا يعكس حالة الحريات الصحافية في البلاد، حيث يواجه الصحافيون أشكالًا أخرى من الانتهاكات تتضمن الملاحقة والاعتقال والحبس وتوجيه التهم الفضفاضة والمحاكمات الجائرة على خلفية عملهم الصحافي.

على سبيل المثال، حُكم في أكتوبر/تشرين أول 2022 على الصحافي "بلقاسم حوام" بالسجن لمدة عام، منها شهران نافذان، وغرامة قدرها 100 ألف دينار جزائري (نحو 700 يورو)، بسبب مقال له يناقش موضوع تصدير التمور الجزائرية إلى فرنسا في صحيفة "الشروق"، حيث اتُّهم بـ "نشر وترويج أخبار كاذبة". وبعد حبس الصحاف "حوام"، أوقفت المطبعة العامة طباعة الصحيفة التي يعمل بها "الشروق"، تحت ذريعة ديون لم تسددها الصحيفة خلال بضعة أسابيع.

وخلال العقد الماضي، منذ عام 2012، وثق الأورومتوسطي نحو 25 حالة حبس لصحافيين داخل السجون الجزائرية، فيما يستمر العشرات بالتعرض للاعتقالات والاحتجازات المؤقتة والتهديد بالاعتقال على خلفية عملهم.

ويواجه الصحافيون في الجزائر كذلك قيودًا تتعلق بعملهم لصالح وكالات إعلامية وصحافية أجنبية، حيث يحتاجون للحصول على اعتمادات تُجدد كل عام من السلطات الجزائرية، وفي كثير من الأحيان، يطول انتظار الصحافيين لتجديد اعتماداتهم، الأمر الذي يحول دون تغطيتهم للأحداث ويعرقل عملهم لأسابيع أو أشهر.

كذلك، عانت الصحف الجزائرية والعاملون فيها من نوع آخر من العراقيل التي حالت دون عملهم وأدت في عشرات الحالات إلى إغلاق وإيقاف عمل الصحف وتسريح عشرات الصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي، حيث شهدت الصحف تراجعًا للدعم المالي الذي تقدمه الدولة عن طريق الإشهار الحكومي، بسبب احتكار سوق الإعلانات من قبل سلطات الدولة، في حين أن إعلانات القطاع الخاص تذهب للصحف الأكثر مبيعًا في البلاد، الأمر الذي أدى إلى اختفاء عشرات الجرائد خلال السنوات الخمس الماضية.

إلى جانب ذلك، تفرض السلطات عقوبات وتمارس ضغوط غير معلنة على الصحف التي تنتقد سياساتها أو تصدر تقارير لا تتوافق وتوجهات الحكومة، ويشمل ذلك تجميد الحسابات المالية ومقاطعة الوكالة الوطنية للنشر والإعلان للصحف والملاحقات المتعلقة بالديون والضرائب المفروضة عليها.

خلال عام 2022 -على سبيل المثال-، أغلقت صحيفة "ليبرتي" اليومية الجزائرية الناطقة باللغة الفرنسية أبوابها بعد قرار مالكها رجل الأعمال "يسعد ربراب" بإيقافها في أبريل/نيسان الماضي. جاء القرار بعد نحو شهرين من مهاجمة وزير الاتصال الجزائري "محمد بوسليماني" صحيفتي "ليبرتي" و "الوطن" دون تسميتهما.

السعودية

 

يواجه الصحافيون في المملكة العربية السعودية رقابة صارمة ومشددة على عملهم، حيث لا يمكن لأي صحافي إصدار تقارير صحافية أو إعلامية أو التعبير عن رأيه على نحو ينتقد سياسات الحكومة دون التعرض للملاحقة والقمع. ولا يقتصر الأمر على الصحافيين المتواجدين داخل المملكة، حيث تطال الملاحقات والتضييقات والتهديدات الصحافيين السعوديين الذين يعيشون ويعملون خارج المملكة كذلك.

أما فيما يتعلق بوسائل الإعلام، بما في ذلك القنوات الفضائية والصحف المطبوعة، فجميعها تتبع للدولة بشكل كامل، ولا توجد أية جهات إعلامية مستقلة تعمل داخل المملكة، فحتى تلك التي لا تمتلكها السلطات بشكل مباشر تعمل وفقًا للرؤية والسياسات والضوابط التي تضعها مؤسسات الحكومة، وتخضع للرقابة المباشرة واليومية من وزارة الإعلام.

خلال العشرة أعوام الأخيرة، منذ عام 2012، وثق المرصد الأورومتوسطي مقتل صحافي سعودي واحد، وهو "جمال خاشقجي"، الذي قُتل داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018. وحتى اليوم، لم يُحاسب المسؤولون عن قتل "خاشقجي" رغم المحاكمات التي جرت في كل من تركيا والسعودية، وترك قاتلوه ليفلتوا من العقاب أو الإدانة بشكل كامل.

ورغم كون حادثة قتل "خاشقجي" الوحيدة التي وُثقت خلال الأعوام الأخيرة، إلا أن ذلك لا يعكس حجم الانتهاكات التي تُمارس ضد الصحافيين داخل وخارج السعودية، ولا يعني احترام السلطات السعودية للحريات الصحافية. فخلال الأعوام الماضية، اعتُقل واحتُجز وحوكم عشرات الصحافيين على خلفيات تتعلق بعملهم، فيما ما يزال يقبع اليوم في السجون السعودية 25 صحافيًا على الأقل من جنسيات سعودية وغير سعودية.

على سبيل المثال لا الحصر، يواجه الصحافي اليمني "علي أبو لحوم" حكمًا بالسجن 15 عامًا في السعودية على خلفية نشره تغريدات على حسابه الشخصي عبر موقع تويتر اعتبرت السلطات أنها تتضمن أفكارًا تحث على الكفر بالدين الإسلامي، كما يُحتجز الصحافي اليمني "مروان المريسي" منذ عام 2018 دون تهمة واضحة، وما يزال الصحافي السعودي "تركي الجاسر" محتجزًا منذ عام 2018، وبقي مخفيًا قسريًا في السجون السعودية حتى عام 2020 حين سُمح له بالاتصال بأشخاص مقربين له من داخل السجن. يواجه "الجاسر" اتهامات تتعلق بـ "أمن الدولة"، على خلفية حساب مجهول الهوية كان يديره على موقع تويتر.

وتسمح القوانين السعودية بسجن أو تعليق عمل الصحافيين الذين يوجهون أية انتقادات قد يُعتبر أنها تمس بالدين الإسلامي أو الدولة أو الملك، حيث ينعكس نهج السلطات في التعامل مع الحريات الصحافية في الإطار القانوني الناظم للعمل الصحافي، والذي يتضمن عددًا كبيرًا من القيود والنصوص الفضفاضة التي تستخدمها السلطات عادةً في ملاحقة الصحافيين. وتستخدم السلطات نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية ونظام جرائم الإرهاب وتمويله وغيرها من السياسات والمحددات التي تفرضها الدولة ومؤسساتها على الصحافيين والوكالات الإعلامية.

الإمارات

 

خلال العقد الأخير، برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كإحدى أكثر الدول في المنطقة قمعًا لحرية الرأي والتعبير، وتقييدًا لحرية وسائل الإعلام، إذ لا تستطيع وسائل الإعلام المستقلة العمل بحرية على الأراضي الإماراتية، ولا يُسمح على الإطلاق للصحافيين أو وسائل الإعلام بانتقاد أو معارضة السلطات، ومن يُخالف ذلك يتعرّض إلى عقوبات تشمل السجن والترحيل والمنع من دخول البلاد.

تملك الدولة معظم وسائل الإعلام في الإمارات إما بشكل مباشر، أو من خلال مجموعات إعلامية خاصة تدين لها بالولاء التام. وعلى الرغم من أنّ الدستور الإماراتي يكفل حرية التعبير عن الرأي والنشر، إلا أنّ السلطات أصدرت قوانين عدّة -مثل قانون الجرائم الإلكترونية- لتقييد حرية الصحافة، وتجريم انتقاد العائلة الحاكمة، ومراقبة محتوى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والإلكترونية لضمان السيطرة الكاملة على الرواية الإعلامية، وقمع ووأد أي ظهور لوجهة نظر معارضة أو منتقدة.

يواجه الصحافيون في الإمارات ملاحقات إذا ما حاولوا نشر مواد لا تتفق والتوجهات العامة للدولة، وقد يتعرّضون للاحتجاز التعسفي، ويتهمون بالتشهير أو إهانة الدولة أو نشر معلومات كاذبة. على سبيل المثال، في ديسمبر/ كانون أول 2015، اعتقلت الإمارات الصحافي الأردني "تيسير النجّار" بتهمة الإساءة إلى رموز الدول من خلال منشورات إلكترونية، وأفرجت عنه بعد نحو ثلاث سنوات، وقد أُصيب بأمراض عدة خلال مدة احتجازه، وتوفي بعد عامين من الإفراج عنه.

وفي أبريل/ نيسان 2018 احتجز الأمن الإماراتي الصحافي الأمريكي العراقي "زيد بن يامين" في مطار دبي بعد مكوثه في البلاد عدة أيام وصادرت هاتفه الشخصي، ونقلته للتحقيق في أبو ظبي، وتم إبلاغه أنّه محتجز على خلفية إهانة رئيس الدولة، وزعموا أنّ القضية صدر فيها حكم غيابي بحبسه سنتين، وعندما رفض هذا الادعاء وأكّد أنّه لم يُبلغ بذلك من قبل، بدأ المحققون بالحديث معه حول الأزمة الخليجية والعلاقة مع قطر وطلبوا منه عدم العمل في قطر، ومن ثم أطلقوا سراحه.

في حزيران/ يونيو 2022، أشارت تقارير إلى إغلاق صحيفة الرؤية الإماراتية الإلكترونية (مملوكة للدولة) وتسريح 60 صحافيًا وموظفًا على خلفية نشر الصحيفة تقريرًا حول تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على السكان من ذوي الدخل المنخفض في الإمارات.

البحرين

 

قبل الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي شهدتها البحرين عام 2011، كانت وسائل الإعلام تتمتع بهامش ضيّق من الحرية في تغطية الشؤون الداخلية الاقتصادية والاجتماعية، لكن عقب الاحتجاجات وحملة القمع والتنكيل الواسعة التي ارتكبتها السلطات ضد أصحاب الرأي، تقلّص هذا الهامش إلى الصفر تقريبًا، إذ باتت السلطات تسيطر بشكل مطلق على جميع وسائل الإعلام بشكل مباشر أو عبر شخصيات وشركات مقربة منها، بما في ذلك القنوات التلفزيونية والإذاعات والصحف المطبوعة والمواقع الإلكترونية.

منذ ذلك الوقت، يواجه الصحافيون المستقلون أو الذين يتبنون آراء معارضة للسلطات أشكالًا مختلفة من الانتهاكات شملت الاحتجاز التعسفي والترحيل والإبعاد وإسقاط الجنسية والملاحقة القضائية والأمنية.

تتبع السلطات البحرينية سياسة منظّمة لتغييب الصحافيين المعارضين من خلال إدانتهم بتهم زائفة في محاولة لتبرير احتجازهم وتقييد حرياتهم، إذ تحتجز حاليًا نحو 10 صحافيين على خلفية تهم فضفاضة وعامة وغير مرتبطة بعملهم الصحافي، لكنّ التحقيق معهم كان يركّز على السبب الحقيقي لاحتجازهم وهو نشاطهم الصحافي. على سبيل المثال، اعتقلت السلطات الأمنية المصور الصحافي "محمد قمبر" في يونيو/حزيران 2018، بسبب نشاطه في تصوير الاحتجاجات المناوئة للسلطات عام 2011 وما بعده، ولكنّه أُدين بتهم مثل "إشاعة الفوضى" و"الانضمام إلى تنظيم إرهابي"، ووصل مجموع أحكام السجن التي صدرت بحقه إلى نحو 100 عام.

في حزيران/ يونيو 2017، أصدرت السلطات البحرينية قرارًا بتعليق إصدار جريدة "الوسط" إلى أجل غير مسمى، وهي آخر وسائل الإعلام المستقلة التي كانت تعمل في المملكة، وأرجعت القرار إلى نشر الجريدة "ما يثير الفرقة بالمجتمع ويؤثر على علاقات مملكة البحرين بالدول الأخرى"، وعلى إثر ذلك فقد نحو 160 صحافيًا وعاملًا في المجال الإعلامي وظائفهم، وأُغلق آخر منبر صحافي مستقل في البلاد. وعلى نحو مشابه لسلوكها في مختلف أشكال الاعتداء على حرية الرأي والتعبير، خالفت السلطات في قرار إغلاق الجريدة القوانين المحلية ذات العلاقة، إذ تنص المادة (28) من قانون الصحافة البحريني لعام 2002 على عدم جواز إغلاق أو وقف أي صحيفة إلا بأمر قضائي، وهو ما لم يحدث في حالة جريدة "الوسط".

قبل أكثر من 10 سنوات، أنشأت الحكومة البحرينية "الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني" ضمن إدارات وزارة الداخلية، بزعم مكافحة جرائم القرصنة الإلكترونية واستغلال الأطفال في المواد الإباحية وبرامج القرصنة والاحتيال عبر الإنترنت، لكنّها استخدمتها على نحو كبير في تقييد حرية الرأي والتعبير والصحافة، إذا تعرّض عشرات الصحافيين والناشطين إلى ملاحقات قضائية بسبب تعبيرهم عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعضهم سُجن لسنوات عقابًا على ذلك.

وبفعل القيود المركّبة على حرية العمل الصحافي، والاضطهاد الذي يتعرّض له الصحافيون في البحرين، أصبح العمل الصحافي المستقل في المملكة مهمة أشبه بالمستحيلة، وبات الصحافيون يمارسون رقابة ذاتية على أنفسهم حتى يتجنبوا الملاحقة والسجن.

سلطنة عمان 

 

تسيطر السلطات في سلطنة عمان على معظم وسائل الإعلام إما بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال تحديد غير معلن لسياساتها، لضمان عدم انتقاد الأفراد والمؤسسات الإعلامية للسلطات، أو مناقشة قضايا قد لا تتفق مع السياسات الداخلية والخارجية للسلطنة.

تركّز تغطية وسائل الإعلام المحليّة على إبراز الإنجازات الحكومية وتصدير صورة إيجابية عن الأوضاع في البلاد، وتعتمد في مصادرها على البيانات والمعلومات الحكومية، ونادرًا ما تكون تغطيتها مستقلة أو مخالفة لوجهة النظر الحكومية.

تشترط السلطات على وسائل الإعلام والصحافيين الحصول على تصريح من وزارة الإعلام حتى يتمكنوا من مزاولة مهنة الصحافة، ويواجه الصحافيون قيودًا عدة تحد من قدرتهم على تناول الأحداث من منظور مستقل أو ناقد، إذ يحظر عليهم بموجب قانون المطبوعات والنشر "نشر ما شأنه النيل من شخص جلالة السلطان أو أفراد الأسرة المالكة تلميحًا أو تصريحًا بالكلمة أو بالصورة، ولا يجوز التحريض ضد نظام الحكم في السلطنة أو الإساءة إليه أو الإضرار بالنظام العام". وعلى غرار ذلك، يحظر القانون نشر المحتوى الذي قد يمس بالأخلاق العامة أو سلامة الدولة وأجهزة الأمنية والعسكرية، أو قد يضر بالعملة المحلية، وجميع تلك المحددات فضفاضة وقد تستخدم على نحو تعسفي لإسكات الأصوات المنتقدة.  وبالمثل، يرتّب قانون العقوبات (الجزاء) عقوبات تعسفية على الصحافيين وأصحاب الرأي تنتهك بشكل صارخ الحق المكفول دستوريًا في حرية النشر والتعبير عن الرأي، إذ تتضمن المواد (97[9]، 102[10]، 108[11]) من القانون عقوبات بالسجن تصل إلى 10 سنوات لقاء ممارسة نشاطات مرتبطة بشكل مباشر بالعمل الصحافي، وما قد يتضمنه من انتقاد لسياسة السلطات الداخلية أو الخارجية.

في مايو/ أيّار 2022، أحال القضاء العماني الصحافي "مختار الهنائي" إلى القضاء بسبب نشره تغريدة –حذفها بعد وقت قصير من نشرها- على حسابه الشخصي في "تويتر" حول قضية فساد مالي وإداري في إحدى الوزارات العمانية. وعلى إثر القضية، صدر بحق "الهنائي" منع من السفر، وواجه تهمًا بموجب المادة 249 من قانون الجزاء، التي تجرم إفشاء معلومات عن قضايا حظرت المحكمة نشر معلومات بشأنها، قبل أن تحكم المحكمة ببراءته.

الكويت

 

يعمل الصحافيون ووسائل الإعلام في الكويت ضمن سقف حرية أعلى من باقي الدول في منطقة الخليج العربي، ويُمكن ملاحظة التنوّع في توجهات وسائل الإعلام، وقدرتها على تناول قضايا شائكة مثل الفساد، لكنّها لا تستطيع توجيه انتقادات مباشرة إلى أمير البلاد أو أفراد الأسرة الحاكمة، وتحرص بشكل كبير على دعم السياسات الداخلية والخارجية للسلطات لتجنّب الملاحقة الأمنية والقضائية.

وبينما يكفل الدستور الكويتي الحق في الصحافة والطباعة والنشر، تقيّد بعض القوانين ممارسة هذه الحقوق بموجب مصطلحات عامة وفضفاضة قد تستخدم بشكل تعسفي لإسكات المنتقدين، ولا سيما المادة (21) من قانون رقم (3) لسنة 2006 في شأن المطبوعات والنشر، والتي حظرت نشر كل ما من شأنه "خدش الآداب العامة أو التحريض على مخالفة النظام العام"، و"التأثير على قيمة العملة الوطنية"، و"الإضرار بالعلاقات بين الكويت وغيرها من الدول العربية أو الصديقة".

وبموجب تلك القوانين، يعمد المسؤولون إلى تقديم شكاوى ودعاوى قضائية ضد الصحافيين أو المنتقدين لإسكاتهم ومصادرة حقهم المشروع في الكتابة والنشر. على سبيل المثال، احتجزت السلطات عام 2015 وزير الإعلام الأسبق "سعد بن طفلة العجمي" أثناء مغادرته مطار الكويت على خلفية مقال نشره في جريدة إلكترونية كان يملكها حول "سوء استغلال أموال الدولة"، حيث انتقد فيه وزير التجارة والصناعة حينها " أنس صالح"، وهو الذي تقدّم بالدعوى ضد "العجمي".

وفي العام ذاته، سحبت وزارة التجارة والصناعة الكويتية الرخصة التجارية لشركة "مجموعة الكويت الإعلامية" التي كانت تملك قنوات وصحيفة "الوطن" المعروفة بانتقادها للحكومة الكويتية، وعزت الأسباب للتعثّر المالي للمجموعة، لكنّ مشغلي الصحيفة والقنوات التلفزيونية قالوا إنّ الأسباب سياسة بحتة.

ورغم أنّ بعض الصحافيين ووسائل الإعلام في الكويت يتمتعون بقدر مقبول من الاستقلالية والحريّة، إلّا أنّ القيود القانونية تحد من قدرتهم على تناول جميع القضايا العامة ولا سيما المتعلقة بالشأن السياسي.

قطر

 

لا يترك نظام الرقابة في قطر مساحة واسعة للصحافيين ووسائل الإعلام للعمل بحرية، حيث تصدّر غالبية المؤسسات الإعلامية الموقف القطري فيما يتعلق بالشؤون الداخلية والخارجية للبلاد.

أما وسائل الإعلام الإلكترونية، ففي حال نشرها محتوى مخالف لمواقف السلطات القطرية، فإنه عادةً ما تتم ملاحقتها وحجبها أو حظرها وفقًا لقانون الجرائم الإلكتروني لعام 2014، والذي حدثته السلطات القطرية في عام 2020، ويفرض قيودًا على عمل الصحافيين، بما في ذلك تجريم نشر "الأخبار المزيفة" عبر الإنترنت.

ورغم أن الحريات الصحافية في قطر شهدت تحسنًا خلال الأعوام الأخيرة، حيث احتلت عام 2022 المركز 119 ضمن التصنيف العالمي للحريات الصحافية الخاص بمنظمة مراسلون بلا حدود، بعد أن كانت تحتل المركز 128 خلال عام 2021، إلا أن الصحافيين، بمن في ذلك الأجانب منهم، يواجهون تضييقات عدة على عملهم، خاصة إذا ما حاولوا تغطية أو نشر معلومات تتعلق بانتهاكات لحقوق الإنسان في البلاد، بما في ذلك أوضاع العمال المهاجرين والمناطق التي يعيشون فيها.

ففي نوفمبر/تشرين ثانٍ 2021، اعتقلت قوات الأمن القطرية صحافيين نرويجيين اثنين هما "هالفور إيكلاند" و"لقمان غرباني" واحتجزتهما لمدة 36 ساعة على خلفية محاولتهما تغطية أوضاع العمال المهاجرين في البلاد، حيث واجها تهمة التعدي على الممتلكات الخاصة والتصوير دون تصريح، بينما حذفت قوات الأمن لقطات قاما بتصويرها.

الأردن

 

تتحكم السلطات الأردنية بغالبية وسائل الإعلام في المملكة من خلال عدة طرق مالية وإدارية وترهيبية؛ حيث تفرض غرامات باهظة على الصحافيين والصحف والوكالات التي تنشر معلومات أو آراء مخالفة لتوجه وسياسات المملكة، وتقطع عنها الحصص المخصصة للصحافة في البلاد، كما تتدخل في تعيين رؤساء تحرير الصحف والجهات الإعلامية، وتفرض رسومًا مرتفعة على الوكالات الإعلامية، بما في ذلك من أجل البث وتغطية الأحداث. إلى جانب ذلك، يتعرض الصحافيون للاعتقال والاحتجاز والتوقيف والمحاكمات على خلفية عملهم.

لأجل ذلك، تميل معظم الجهات الإعلامية والصحافية إلى جانب الصحافيين في البلاد إلى فرض رقابة ذاتية على عملهم لتجنب التعرض للمضايقات والملاحقات القضائية بموجب قانون الإرهاب وقانون المطبوعات وقانون الجرائم الإلكترونية.

وخلال شهر واحد، في مارس/آذار 2022، حاكمت السلطات الأردنية 6 صحافيين على خلفية عملهم؛ بمن في ذلك "أحمد الزعبي" و"تغريد الرشق" و"داوود كتاب"، إلى جانب ثلاثة صحافيين استقصائيين من جنسيات مختلفة فضلوا عدم الكشف عن اسمهم لمنظمة مراسلون بلا حدود.[12]

في عام 2022 أيضًا، أقر مجلس النواب -في أبريل/نيسان- تعديلات على مشروع القانون المعدل لقانون العقوبات، تضمنت تغليظ عقوبات من يخالف المادة (225) من قانون العقوبات والمتعلقة بما يحظر نشره من تحقيقات أو محاكمات تمنع المحكمة نشرها، بالحبس لمدة ثلاثة أشهر بدلًا من دفع غرامة بنحو 5 – 15 دينارًا أردنيًا (7 – 21 يورو). كما غُلظت عقوبة إهانة الشعور أو المعتقد الديني لتشمل الحبس لمدة لا تقل عن 4 أشهر ولا تزيد على سنتين، إلى جانب غرامة لا تزيد على 500 دينار أردني (713 يورو)

وخلال الأعوام العشرة الأخيرة، حجبت السلطات الأردنية عشرات المواقع الإلكترونية، بما في ذلك الصحافية منها، بموجب قانون الجرائم الإلكترونية لعام (2015).

لتحميل التقرير كاملًا، اضغط هنا

 


[7] https://bit.ly/3DRgpRJ

[8] https://bit.ly/3zwqYGY

[9] يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد عن 7 سنوات كل من ارتكب علانية أو بالنشر طعنا في حقوق السلطان وسلطته أو أعابه في ذاته.

 

[10] يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد عن 3 سنوات كل من ارتكب علانية طعنا في حق رئيس دولة أجنبية في أثناء وجوده في إقليم الدولة، أو ممثل دولة أجنبية معتمد لدى الدولة أو عاب أيا منهما في ذاته.

 

[11] يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (3) ثلاث سنوات، ولا تزيد على (10) عشر سنوات كل من روج لما يثير النعرات أو الفتن الدينية أو المذهبية، أو أثار ما من شأنه الشعور بالكراهية أو البغضاء أو الفرقة بين سكان البلاد، أو حرض على ذلك. ويعاقب بذات العقوبة كل من عقد اجتماعا أو ندوة أو مؤتمرا له علاقة بالأغراض المبينة في الفقرة السابقة، أو شارك في أي منها مع علمه بذلك. ويعتبر ظرفا مشددا إذا وقعت الجريمة في إحدى دور العبادة، أو المنشآت الرسمية، أو في المجالس والأماكن العامة، أو من موظف عام أثناء أو بمناسبة تأدية عمله، أو من شخص ذي صفة دينية أو مكلف بها.