كمنظمة تدافع عن حقوق الإنسان، تبقى إنجازات المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ونهجه الإبداعي في العمل غير معروفين على نطاق واسع كما يجب.
استُلهمت فكرة المنظمة منذ 11 عامًا من الظروف القمعية في الأراضي الفلسطينية، حيث أسسها ويترأسها "رامي عبده" الحاصل على درجة الدكتوراه في القانون والتمويل، والذي كان مقيمًا حينها في المملكة المتحدة.
منذ بدايات المنظمة في حماية وتعزيز حقوق الإنسان، تجاوز عملها حدود فلسطين المحتلة، حيث يمتلك الأورومتوسطي عدة مكاتب وممثلين في 17 دولة حول أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى جانب مقره الرئيس في جنيف. في هذه الفترة الوجيزة، اكتسب الأورومتوسطي سمعة قوية في الاستقلال السياسي وتفاني عامليه، والأهم من ذلك كله، النهج المميز في العمل.
يستلهم المرصد الأورومتوسطي عمله من الشباب، وينفّذ الكثير من أعماله متطوعون شبان يتعلمون الدفاع عن حقوق الإنسان من خلال العمل مع فريق أكثر خبرة من المدافعين عن حقوق الإنسان. ترك الأورومتوسطي جمع التبرعات الضخمة مفضلًا المضي قدمًا بموازنة محدودة وأفكار كبيرة مدفوعة بمخالفات الحكومات المنتشرة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
لربما تكون إحدى أكثر مناهج العمل ابتكارًا لدى المرصد الأورومتوسطي هو تمكين ضحايا الانتهاكات من التحدث وسرد قصصهم بأنفسهم إلى العالم. من الأمثلة الحديثة على ذلك شهادة جدة الطفلة الفلسطينية "فاطمة المصري" في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، حيث سردت قصة مفزعة عن موت حفيدتها البالغة من العمر 20 شهرًا اختناقًا بسبب تأخير تصريح خروجها من غزة لتلقي العلاج الطارئ دون سبب.
يستلهم المرصد الأورومتوسطي عمله من الشباب، وينفّذ الكثير من أعماله متطوعون شبان يتعلمون الدفاع عن حقوق الإنسان من خلال العمل مع فريق أكثر خبرة من المدافعين عن حقوق الإنسان
يفتخر الأورومتوسطي بالعمل مع الضحايا لاستعادة إحساسهم بقيمتهم في العديد من النضالات ضد الانتهاكات التي تعرضوا لها على أمل تجنب معاناة آخرين بشكل مماثل. وبهذا النهج المبتكر، يكمل الأورومتوسطي عمله في تمكين الضحايا عبر خلق مساحات لتدريب الشباب المدافعين عن حقوق الإنسان ليقوموا بعدة أدوار مجتمعية مع تقدمهم في السن.
مثال آخر على روح التمكين التي يمارسها الأورومتوسطي يتضمن امرأة فلسطينية تبلغ من العمر 22 عامًا، وهي "زينب القولق" التي فقدت 22 فردًا من عائلتها في غارة جوية دمرت منزلها في غزة السنة الماضية. "زينب" نفسها نجت بأعجوبة على الرغم من بقائها تحت الأنقاض لمدة 20 ساعة. شجّعها الأورومتوسطي على كتابة قصتها للعالم، وفي الوقت الذي لم يكن من السهل كتابة القصة، فقد اكتُشف أن "زينب" فنانة بالفطرة.
لم يكن باستطاعة "زينب" الرسم فحسب، بل استطاعت أيضًا تصوير مجموعة من المشاعر، خاصةً تلك المتعلقة بالعذاب والفقد الذي ترتب على مواجهتها المأساوية للموت الجماعي الذي لحق بأفراد عائلتها. في قصة نجاح درامية، أصبحت "زينب القولق" ناشطة في مجال حقوق الإنسان وأقامت معرضًا لأعمالها برعاية الأورومتوسطي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين، إلى جانب معارض أخرى في جنيف والولايات المتحدة الأمريكية، مثيرةً حماس وانتباه وسائل الإعلام المختلفة.
تترسخ الهوية الخاصة للأورومتوسطي بكون 70% من طاقم العاملين فيه من الشباب أو ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. تتخطى المنظمة ضحايا الحرب والتعذيب إلى أشكال أكثر دقةً من التعدي على كرامة الإنسان مثل صفة "اللاجئ" طويلة الأمد أو إساءة معاملة النساء.
مثال على ذلك، هو تشكيل المنظمة مبادرة في غزة تحمل اسمًا حازمًا؛ "لسنا أرقامًا"، والتي تشير إلى أن حقوق الإنسان تدور حول الحفاظ على الهوية البشرية في ظل الاضطهاد المتفشي، والذي تعتبر غزة أكثر الأمثلة وضوحًا عليه، ولكنها بكل تأكيد ليست المكان الوحيد لمثل هذه النضالات داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
من بين الموضوعات التي تناولتها تقارير المنظمة الأخيرة استهداف الصحافيين في السودان والعنصرية المقنعة والعقابية تجاه طالبي اللجوء والمهاجرين القادمين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ونزوح البشر في اليمن، بالإضافة إلى التدخل لحماية حرية وسلامة الصحافيين في مختلف البلدان ضمن نطاق اهتمام المنظمة.
لدى الأورومتوسطي شبكة من 300 كاتب يعملون على سرد قصص ضحايا الإساءة عندما لا يستطيع الضحايا أن يفعلوا ذلك بأنفسهم. يسعى مشروع الأورومتوسطي الشامل إلى نقل القضايا ذات الاهتمام في مختلف البلدان من خلال توظيف ما يسميه "رامي عبده" "خطاب الناس الحقيقي".
كون مقره الرئيس يقع في جنيف، ينشط الأورومتوسطي بشكل خاص في الإجراءات الرسمية والجلسات بمجلس حقوق الإنسان. وقد نفذ إجراءات وأدلى بشهادات حول موضوعات عدة، تشمل مراقبة الاتحاد الأوروبي لطالبي اللجوء في أوروبا وصادرات الأسلحة إلى اليمن والمخفيين قسرًا في اليمن وسوريا.
في تقديري، ينشيء الأورومتوسطي نموذجًا جديدًا ومثيرًا لربط نشاط المجتمع المدني بالجهود الفاعلة، بهدف تحسين حماية حقوق الإنسان ككل.
الأورومتوسطي منظمة شابة، لكنها واعدة بشكل لا يصدق، ولها سجل يُوجِب الإعجاب والمحاكاة.