جنيف - أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه إزاء قرار رئيس مجلس السيادة في السودان الفريق أول ركن "عبد الفتاح البرهان" تجميد نشاط النقابات والاتحادات المهنية والاتحاد العام لأصحاب العمل والسيطرة على أرصدتها وحساباتها المالية، داعيًا إلى اللجوء للحلول الديمقراطية من أجل تجديد شرعية تلك الكيانات.

وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي الثلاثاء، إنّ القرار يمثّل تعديًا واضحًا على قرار المحكمة العليا مطلع نوفمبر/ تشرين ثانٍ الجاري بإلغاء القرار رقم (3) الصادر من لجنة التفكيك الخاص بحل الاتحاد والتنظيمات النقابية في كانون ديسمبر/ كانون أول 2019، إذ لا يجوز إبطال الأحكام القضائية بأوامر تنفيذية صدرت دون اتباع للإجراءات القانونية الواجبة.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي على ضرورة أن تتخذ النقابات والاتحادات المهنية والعمالية التي انتهت ولاياتها جميع التدابير اللازمة من أجل تجديد شرعياتها من خلال الانتخابات، وضمان ممارسة أعضاء تلك الكيانات لحقّهم في اختيار ممثليهم بحرية من خلال عملية ديمقراطية سليمة وشفافة.

   لا يمكن تبرير التعدي على الأحكام القضائية أو السيطرة على كيانات منتخبة بحجة التخلص من المؤسسات المرتبطة بنظام الرئيس المعزول "عمر البشير"، إذ قد تستخدم هذه الذريعة على نطاق واسع لقمع وتقييد الحريّات   

وانتقد المرصد الأورومتوسطي قرارًا آخر للبرهان بتشكيل لجنة حكومية لتكوين لجان تسيير للنقابات والاتحادات المهنية واتحاد أصحاب العمل، محذرًا من خطورة فرض الوصاية على الكيانات النقابية المنتخبة من قواعدها وإدارتها على نحو يتماشى مع توجهات السلطات، ويناقض الأهداف التي من المفترض أن تعمل النقابات المهنية والعمالية من أجل تحقيقها.

وبيّن أنّه لا يمكن تبرير التعدي على الأحكام القضائية أو السيطرة على كيانات منتخبة بحجة التخلص من المؤسسات المرتبطة بنظام الرئيس المعزول "عمر البشير"، إذ قد تستخدم هذه الذريعة على نطاق واسع لقمع وتقييد الحريّات ومصادرة حقوق الأفراد والكيانات، ولا سيما الحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في تكوين الجمعيات.

ولفت إلى أنّ أي معالجات لآثار النظام السابق لا ينبغي أن تكون على حساب الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية للأفراد والكيانات، بل يجب أن تأتي في إطار ضوابط تحترم تلك الحقوق وتضمن عدم إهدارها على نحو تعسفي وغير مبرر.

وفي 10 ديسمبر/ كانون أول 2019، أصدر "البرهان" قرارًا بتشكيل لجنة إزالة التمكين لـ"إنهاء سيطرة رموز نظام الرئيس المعزول عمر البشير على مفاصل الدولة، ومحاربة الفساد، واسترداد الأموال المنهوبة"، والتي بدورها قررت حل التنظيمات النقابية، ولكن المحكمة العليا ألغت القرار مطلع نوفمبر/ تشرين ثان الجاري بعد 3 سنوات من الإجراءات القضائية.

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّه تبعًا لسلوك السلطات السودانية منذ سيطرة الجيش على السلطة في 25 أكتوبر/ تشرين أول 2021، يكون من المشروع الاعتقاد أنّ السيطرة على الكيانات المهنية والنقابية لا تهدف بالمقام الأول إلى تمهيد الطريق لإعادة بناء تلك المؤسسات على نحو ديمقراطي، بل قد تهدف إلى القضاء على نشاطاتها أو تجييرها لخدمة مصالح وسياسات السلطة العسكرية.

وأشار إلى أنّ السلطات تورّطت في ارتكاب انتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان، شملت قتل نحو 120 متظاهرًا حتى الآن، بالإضافة إلى اعتقال عشرات السياسيين المعارضين، وإغلاق مقرات عدد من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، وإعفاء عدد كبير من المسؤولين من مناصبهم على نحو غير قانوني.

ونبّه إلى أنّ الكيانات النقابية لا ينبغي أن تكون كبش فداء تقدمه السلطات السودانية ضمن المفاوضات الجارية مع ممثلين عن القوى المدنية للتوافق على العودة إلى المسار الديمقراطي، إذ إنّ تجاهل القرارات القضائية وتجميد نشاط الكيانات النقابية المنتخبة من قواعدها لا يجب أن يُنظر إليه على أنّه خطوة للتخلص من آثار النظام السابق، بل قد يمهد لخطوات أخرى غير قانونية في اتجاهات مغايرة.

ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات السودانية إلى التراجع عن قرار تجميد نشاط النقابات والاتحادات المهنية والاتحاد العام لأصحاب العمل والسيطرة عليها، واحترام استقلالية وخصوصية العمل النقابي، إلى جانب الالتزام بالقرارات القضائية ذات العلاقة.

وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطات السودانية وممثلي القوى المدنية في السودان بالتوافق على معالجة آثار النظام السابق على نحو يضمن احترام حقوق الأفراد والكيانات، وعدم إقرار أي إجراء يتعارض مع حقوقهم المكفولة في القوانين المحلية والدولية ذات العلاقة، والتقيّد بمبادئ حقوق الإنسان في كل الإجراءات التي تهدف إلى استعادة المسار المدني وإرساء أسس العدالة والديمقراطية.