جنيف- انتقد المرصد الأورومتوسطي بشدة اتخاذ سويسرا تدابير عدائية ومتحيزة لتحليل البيانات الخاصة بالهواتف الذكية لطالبي اللجوء بزعم محاولة الوصول إلى أدلة أكثر موثوقية من ادعاءات الأشخاص حول حياتهم ومخاوفهم، مؤكدًا أنّ تلك التدابير تنتهك على نحو صارح حق طالبي اللجوء في الخصوصية.

وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم الثلاثاء أنّه على الرغم من تأكيد أعلى محكمة إدارية في ألمانيا أنّ تفتيش هواتف طالبي اللجوء غير قانوني وغير متناسب، بدأ المجلس الفيدرالي السويسري قبل أيام قليلة مشاورات من أجل تنفيذ قرار أقرّه البرلمان عام 2021، وسمح بموجبه لأمانة الدولة لشؤون الهجرة (SEM) بتحليل بيانات الهواتف الذكية أو أجهزة الكمبيوتر أو الأجهزة الخاصة بطالبي اللجوء "عندما يتعذر تحديد هويتهم أو جنسيتهم أو خط سير الرحلة بوسائل أخرى".  

   طالبو اللجوء لن يكونوا في وضع يسمح لهم بحرية وطواعية رفض التعرض لهذه العملية التعسفية وحماية بياناتهم الرقمية وحياتهم الخاصة   

 

وستستمر مدة التشاور التي بدأت في 10 مارس/ آذار حتى 19 يونيو/ حزيران، وستُحدد خلالها البيانات الشخصية التي يمكن لأمانة الدولة لشؤون الهجرة تحليلها، كما ستُعين الإدارات المختصة وتُنظم عمل الآلية، لا سيما بشأن التخزين المؤقت للبيانات الشخصية.

وتقول أمانة الدولة لشؤون الهجرة إنّها ستبلغ طالبي اللجوء على نحو دقيق بتحليل البيانات حتى يكونوا "على دراية من بداية إجراءات اللجوء بحقيقة أن أجهزة البيانات الإلكترونية الخاصة بهم قد تخضع للتحليل"، ويدركوا "عواقب رفض السماح بتحليل أجهزة البيانات الإلكترونية الخاصة بهم".

وأشار الأورومتوسطي إلى أن طالبي اللجوء لن يكونوا في وضع يسمح لهم بحرية وطواعية رفض التعرض لهذه العملية التعسفية، وحماية بياناتهم الرقمية وحياتهم الخاصة أمام هذا الضغط من سلطات الهجرة.

ونبّه إلى أنّ وجود معلومات على هواتف طالبي اللجوء تتعلق بكيفية تجنب شرطة الحدود، أو اتصالات سابقة مع مهربي البشر لتنسيق رحلة هجرتهم، سيمكّن السلطات السويسرية من استخدام هذا النوع من المعلومات ضد أصحاب الهواتف، والتأثير على طلبات اللجوء الخاصة بهم على الرغم من حاجتهم الحقيقية للحماية الدولية.

وأوضح أنه في حال ارتباط خصوصية بيانات طالبي اللجوء ارتباطًا مباشرًا بعواقب تهدد حياتهم وحياة عائلاتهم في الوطن، أو في حال خشيتهم من التعرض للاعتقال أو الترحيل، قد يقرر طالبو اللجوء التوقف عن استخدام هواتفهم الذكية والتخلي عن أداة ذات دور مهم في حياتهم وصحتهم النفسية.

وبيّن أن السبب الحقيقي وراء هذا القرار يكمن على ما يبدو في رغبة الدولة برفض طلبات اللجوء التي زادت في عام 2022، وليس لاهتمامها بمعرفة المزيد من المعلومات حول الوضع الشامل لطالبي اللجوء لضمان سلامتهم وسلامة المواطنين السويسريين.

وتلقت سويسرا حوالي 24,511 طلب لجوء في عام 2022، بما لا يشمل اللاجئين من أوكرانيا والذين يبلغ عددهم حاليًا حوالي 69 ألف شخص منحتهم السلطات السويسرية وضع الحماية من فئة "اس" (S) في غضون أيام قليلة لم تبدِ فيها أي شكوك حول صدق طلباتهم.

وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ السلطات السويسرية تطلب من ضحايا الزلزال المدمر في سوريا وتركيا وجود وثائق سفر سارية المفعول، بينما تسمح للأوكرانيين بدخول سويسرا بدون جواز سفر بيومتري أو تأشيرة.

وعلى الرغم من أنّ لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب السويسري دعت الشهر الماضي مسؤولي الهجرة إلى إزالة جميع الحواجز الروتينية، إلا أنّ السلطات ما تزال تشترط على جميع طالبي اللجوء من ضحايا الزلزال حمل وثائق هوية.

وقالت الباحثة في شؤون الهجرة واللجوء في المرصد الأورومتوسطي "ميكيلا بولييزي" إن "التقييمات الإلزامية لبيانات الهاتف انتهاك واضح لحق طالبي اللجوء في الخصوصية، إذ تحوي الهواتف المحمولة معلومات شخصية مفصلة ودقيقة قد لا يرغب الشخص في مشاركتها مع سلطات الدولة ولا ينبغي إجباره على ذلك".

وأضافت أنّ "الافتراض بأن استخراج البيانات من الأجهزة الشخصية يؤدي إلى أدلة أكثر موثوقية من ادعاءات الأشخاص بشأن حياتهم ومخاوفهم يمثل مشكلة كبيرة، خاصةً أن هذه العملية التطفلية والمتحيزة لم تُطلب من جميع طالبي اللجوء بنفس الطريقة".

ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات السويسرية إلى عدم تنفيذ الفحص الإلزامي للهواتف المحمولة لطالبي اللجوء وأجهزتهم الشخصية، والالتزام الكامل بالقانون الوطني والدولي فيما يتعلق بالحق في الخصوصية وتقرير المصير الرقمي والسرية وسلامة المعلومات.

وحث المرصد الأورومتوسطي السلطات على التأكد من أن أي معالجة للبيانات الشخصية لطالبي اللجوء تحترم كرامتهم الإنسانية وسلامتهم وحقوقهم الأساسية بشكل كامل، لا سيما الحق في احترام الحياة الخاصة والحياة العائلية والحق في حماية البيانات الشخصية بموجب المادة (7) والمادة (8) من ميثاق الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية.