جنيف - أرسل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان خطابًا عاجلًا إلى رئيس اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب "ريمي نغوي لومبو"، أعرب فيه عن قلقه العميق إزاء تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في تونس.
وقال المرصد الأورومتوسطي في الخطاب إنّ السلطات التونسية صعّدت خلال الأشهر الماضية من حملتها على الحريّات، بما يشمل القمع والعنف والاعتداء على الحقوق الأساسية للأفراد، فضلًا عن الانتهاكات الخطيرة ضد المهاجرين والأفارقة السود في البلاد.
وذكر أنّ الانتهاكات ضد المهاجرين وصلت إلى طردهم قسرًا نحو مناطق حدودية صحراوية، ما أدّى إلى تقطع السبل بمئات منهم، بمن في ذلك عشرات الأطفال والنساء.
الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى تشجيع التغيير الإيجابي في معاملة تونس للمهاجرين الأفارقة السود يمكن أن ترسي الأساس لإصلاحات مستقبلية
إيما جيمبرا، باحثة في شؤون المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة لدى المرصد الأورومتوسطي
وأكّد المرصد الأورومتوسطي في خطابه على وجوب تحرك اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بسرعة لضمان احترام الحقوق والحريات الأساسية لجميع المواطنين في القارة الأفريقية، فضلًا عن العمل عن قرب مع سفارات الدول الأفريقية المعنية لتنظيم وتنسيق عمليات إجلاء رعاياها من تونس.
وأوضح أنّ عددًا كبيرًا من المهاجرين في تونس يتعرضون للعنف والاستغلال ويعانون من ظروف معيشية غير مستقرة، ما يستدعي المشاركة النشطة للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في عملية الإجلاء من أجمل ضمان حماية هؤلاء الأشخاص.
وأشار إلى ضرورة اضطلاع اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بمسؤولياتها في التواصل مع السلطات التونسية والضغط عليها بشكل علني لاتخاذ تدابير فورية للتراجع عن ممارساتها العنصرية والمعادية للأجانب وتوفير حماية متساوية لجميع المهاجرين بغض النظر عن العرق أو الجنسية.
وقالت الباحثة في شؤون المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة لدى المرصد الأورومتوسطي "إيما جيمبرا" إنّ "الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى تشجيع التغيير الإيجابي في معاملة تونس للمهاجرين الأفارقة السود يمكن أن ترسي الأساس لإصلاحات مستقبلية".
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أهمية وجود نظام للرصد والإبلاغ المنتظمين عن التقدّم الذي تحرزه السلطات التونسية في معالجة التمييز ضد المهاجرين الأفارقة السود، على أن يتضمن هذا النظام مشاركة مستمرة من الأطراف المعنية لضمان الحصول على بيانات موثوقة ومحدّثة وتمكين اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب من تقييم الجهود التونسية بشكل فعّال.
نص الرسالة
حضرة المفوض "ريمي نغوي لومبو"
رئيس اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب
الموضوع: دعوة عاجلة لحماية المهاجرين الأفارقة السود في تونس وإجراء إصلاحات لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان
اعترافًا بالتزامكم الثابت بحماية حقوق الإنسان وإدراك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يتعرّض لها الأفارقة السود في تونس، يحثكم المرصد الأورومتوسطي على تقديم الدعم العاجل لوضع حدٍ لهذه الانتهاكات المروعة.
بعد أن تقطّعت بهم السبل، يمر المئات من الأشخاص المستضعفين - بمن فيهم النساء الحوامل والأطفال - بظروف قاسية بعد طردهم قسرًا من تونس، إذ يعانون من نقص حاد في الغذاء والماء والرعاية الطبية، فضلًا عن درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية تهدّد حياتهم.
نكتب إليكم نحن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان – منظمة غير حكومية مقرها جنيف ولها مكاتب إقليمية وممثلين في أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – بشأن طرد عشرات الأفارقة السود من تونس.
منذ بداية الأزمة في مطلع يوليو/ تموز من هذا العام، جمع المرصد الأورومتوسطي عدة شهادات لمهاجرين وطالبي لجوء تعرضوا للطرد على يد السلطات التونسية.
أفاد العديد من المهاجرين بأن قوات الأمن التونسية أوقفتهم وصادرت جوازات سفرهم ووثائقهم الرسمية وأجبرتهم على إحراقها، ثم نقلتهم إلى نقطة قريبة من الحدود الليبية قضوا فيها ليلة كاملة في ظروف إنسانية غاية في السوء، قبل أن تجبرهم على مغادرة الأراضي التونسية.
أبلغ المهاجرون عن تعرّضهم لاعتداءات عنيفة على يد قوات حرس الحدود التونسي، شملت تكديس أعداد كبيرة منهم في مساحات صغيرة لساعات طويلة، وإطلاق الكلاب البوليسية عليهم، والضرب بالأيدي والقضبان الحديدية، وإطلاق النار على مسافات قريبة جدا منهم لترهيبهم، إلى جانب الإهانات اللفظية والنفسية، ما أدّى إلى إصابة عدد منهم بكسور وجروح مختلفة.
ينبغي على اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة هذه الأزمة الإنسانية العاجلة وضمان احترام الحقوق والحريات الأساسية لجميع الأفراد في القارة الأفريقية وذلك من خلال:
إجلاء المهاجرين الأفارقة إلى بر الأمان: يدعو الأورومتوسطي اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إلى العمل عن قرب مع جميع البلدان الأفريقية المعنية وحثّ سفاراتها على تنسيق الجهود لإجلاء رعاياها إلى بر الأمان.
المشاركة البنّاءة مع السلطات التونسية: ينبغي على اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إجراء حوارات فاعلة مع السلطات التونسية والتأكيد على التزامها الجاد بدعم المعايير الدولية لحقوق الإنسان ومتطلبات الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
في الوقت نفسه، ينبغي على اللجنة حثّ تونس على اتخاذ خطوات فورية لوضع حد لسياساتها وممارساتها العنصرية والمعادية للأجانب وضمان حماية متساوية لجميع المهاجرين بغض النظر عن اللون أو الجنسية، إذ إنّ الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى تشجيع التغيير الإيجابي في معاملة تونس للمهاجرين الأفارقة السود يمكن أن ترسي الأساس لإصلاحات مستقبلية.
الرصد والإبلاغ المنتظمين: من الضروري إنشاء نظام للرصد والإبلاغ المنتظمين عن التقدّم الذي تحرزه تونس في مكافحة التمييز ضد المهاجرين الأفارقة السود، وأن يتضمن هذا النظام فرصًا للتعاون مع الأطراف المعنية لضمان جمع بيانات دقيقة ومحدّثة وتمكين اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب من تقييم جهود تونس ومساءلة حكومتها.
وباعتبار الضرورة الملحّة لهذه القضية، يدعو المرصد الأورومتوسطي اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إلى منح الأولوية لقضية المهاجرين الأفارقة السود في تونس وإطلاع المنظمة على آخر المستجدات بشأن الجهود المبذولة لمعالجتها، حيث سيساعد التواصل بشفافية بشأن أي تقدّم يحرز على حشد المزيد من الدعم والموارد لمصلحة القضية.
ونظرًا لأهمية المسألة، يطلب المرصد الأورومتوسطي عقد اجتماع معكم لمناقشة هذه التطورات المقلقة ومشاركة رؤية المنظمة ونتائج أبحاثها، فضلًا عن استكشاف الاستراتيجيات المحتملة لحماية حقوق وكرامة المهاجرين الأفارقة في تونس.
نرجو منكم تحديد الموعد والوقت المناسبين للاجتماع - علمًا بتقدير المنظمة لانشغالكم الكبير والقضايا الملحّة التي تتناولونها يوميًا. نحن منفتحون إزاء إجراء الاجتماع بأي تنسيق يناسبكم إما عبر الفيديو أو بأي وسيلةٍ أخرى تفضلونها.
شكرًا لاهتمامكم بهذه القضية العاجلة،
إيما جيمبرا، باحثة في شؤون المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة لدى المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان