طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، والذي يتخذ من جنيف مقراً رئيساً له، السلطات التونسية بالإفراج الفوري عن الناشط والمدون التونسي، ياسين العياري (33 عاماً)، والذي أصدرت المحكمة العسكرية التونسية بحقه حكماً بالسجن الفعلي لمدة عام؛ بتهمة المس بهيبة الجيش الوطني والمؤسسة العسكرية، وذلك على خلفية نشره أربع مقالات عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ومدونته الخاصة، انتقد فيها على وجه الخصوص وزير الدفاع الوطني التونسي.
وكان المدون العياري قد أوقف في 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي (2014)، لدى عودته إلى تونس قادماً من باريس، دون وجود برقية تفتيش لدى أمن المطار، وذلك عقب الحكم الذي كان صدر بحقه غيابياً في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، والقاضي بسجنه ثلاث سنوات مع النفاذ العاجل، بسبب اتهامه بالمسّ بكرامة الجيش وسمعته ومعنوياته، بما من شأنه أن "يضعف روح النظام العسكري لدى أفراد الجيش، والطاعة للرؤساء أو الاحترام الواجب لهم"، وفق ما ذكرته الدائرة الجناحية بالمحكمة العسكرية الابتدائية.
فيما قالت عائلة العياري، إن ابنها حوكم بأمر من وزير الدفاع مباشرة، مبينة أن محاكمة ابنها ياسين ظالمة وغير عادلة، وتأتي في إطار تصفية حسابات شخصية، وتهدف إلى ضرب حرية الرأي والمساس من الحق في التعبير والنفاذ إلى المعلومة، على حد قول عائلته.
بينما قال سمير بن عمر، أحد أعضاء لجنة الدفاع عن العياري، أنه قام بزيارة الناشط العياري في سجنه، وعبّر له العياري خلالها عن خشيته من اتباع ادارة السجن تجاهه سياسة الموت البطيء، خاصة بعد اصابته بعدة أمراض، تتطلب تلقيه عدد من الأدوية، والتي تماطل إدارة السجن في إدخالها اليه، وترفضها في أحيان أخرى.
المرصد الأورومتوسطي راجع المقالات والأقوال التي حوكم "العياري على أساسها، ووجد أن محاكته أمام محكمة عسكرية والحكم عليه بالسجن استند بشكل رئيس إلى الفصل (91) من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية (1957)، وهذه المادة تتعارض مع الفصل (31) من الدستور التونسي الجديد، التي تنص على ضمان حرية التعبير بشكل مطلق ودون تقييد، كما أنها تتناقض مع التزامات الحكومة التونسية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي نصت المادة 19 منه على حق كل إنسان "في اعتناق آراء دون مضايقة"؛ و "حرية التعبير". عدا عن أن محاكمة المدون العياري أمام محكمة عسكرية فيما هو شخص مدني، يخالف ضمانات المحاكمة العادلة.
ودعا الأورومتوسطي في نهاية بيانه، السلطات التونسية إلى ضرورة احترام الحق في الرأي والتعبير، وإيجاد بيئة ديمقراطية تحترم جميع الآراء والتوجهات السياسية، داعياً مجلس نواب الشعب التونسي إلى تعديل القانون وحصر اختصاص المحاكم العسكريّة في الجرائم العسكريّة المرتكبة من قبل عسكريّين، وتقويم التعارض القائم بين القانون والدستور فيما يتعلق بضمان حق المواطنين في التعبير عن آرائهم، والإفراج عن المواطن "العياري"، أو إعادة محاكمته أمام محكمة مدنية تتوفر فيها ضمانات المحاكمة العادلة.