جنيف - دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات البحرينية إلى الإفراج عن نشطاء المعارضة المحتجزين لديها على خلفيات تتعلق بالتعبير عن الرأي والتجمع السلمي، معتبرا أن سجل حقوق الإنسان في البحرين وإنْ شهد تقدما في المدة الماضية، إلا إن السلطات في البحرين ما تلبث إلا وتعود أدراجها وتمارس التضييق على المعارضة ورموزها بصورة تعسفية.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن البحرين ما زالت تمارس انتهاكات على صعيد حرية التجمع السلمي، حيث تم تسجيل (21) حالة منذ تموز (يوليو) الماضي، جرى فيها قمع تظاهرات في أنحاء مختلفة من البلاد باستخدام السلاح الانشطاري (الشوزن) والغاز المسيل للدموع. إضافة إلى (86) حالة اعتقال تعسفي، بما في ذلك (17) قاصراً، إلى جانب ممارسة التعذيب، والإخلال بضمانات المحاكمة العادلة، ومنع صدور صحيفة "الوسط" البحرينية للمرة الثانية، بحجة "نشر وبث ما يثير الفرقة بالمجتمع ويؤثر على علاقات مملكة البحرين بالدول الأخرى"، ثم معاودة السماح باستئناف نشاطها بعد يومين "بعد أن تم اتخاذ الإجراءات في هذا الشأن وتأكيد الصحيفة على التزامها بالعمل وفق قانون البلاد".

 

    البحرين ما زالت تمارس انتهاكات على صعيد حرية التجمع السلمي، حيث تم تسجيل (21) حالة منذ تموز (يوليو) الماضي، جرى فيها قمع تظاهرات في أنحاء مختلفة من البلاد باستخدام السلاح الانشطاري (الشوزن) والغاز المسيل للدموع   

ودعا الأورومتوسطي، وهو منظمة حقوقية دولية مقرها جنيف، السلطات البحرينية إلى سرعة الإفراج عن معتقلي الرأي ورموز المعارضة الذين تحتجزهم بشكل تعسفي. موضحاً أن "ماجد ميلاد"، وهو عضو بارز في "جمعية الوفاق الوطني الإسلامية" المعارضة، والرئيس المنتخب السابق لمجلس بلدية العاصمة "المنامة"، ينتظر جلسة محاكمة في ال27 من هذا الشهر، أي بعد 5 أيام، وهو ما يشكل فرصة للمحكمة لمراجعة موقفها والإفراج عنه.

وقال المرصد إن "ميلاد" اعتقل في الأول من تموز (يوليو) الماضي، بعد أن ألقى كلمة في تجمع للمعارضة دعاها فيها للاستمرار في "الاحتجاج السلمي"، فيما وجهت له النيابة العامة اتهامات بالدعوة إلى احتجاجات غير مشروعة، والتحريض على "خرق أحكام القانون لا سيما بشأن تنظيم المسيرات وعدم الالتزام بالضوابط القانونية المقررة" و"التحريض على كراهية النظام". وفي حال تم تثبيت هذا الاتهامات على "ميلاد"، قد يواجه حكماً بالسجن لمدة عامين.

وفي نفس السياق، يتعرض الناشط السياسي "إبراهيم الشريف"، وهو الأمين العام "لجمعية العمل الوطني الديمقراطي - وعد" للاعتقال التعسفي، منذ 11 تموز (يوليو) الماضي، على خلفية كلمة ألقاها بمناسبة إحياء ذكرى مقتل الطفل حسام حداد (16 عاماً) برصاص قوات الشرطة في البحرين،  وتحدث فيها عن ضرورة التغيير في البحرين، وانتقد أداء الحكومة، وطالب بإجراء إصلاح سياسي، وأكّد على نبذ المعارضة للعنف. فيما ادعت وزارة الداخلية البحرينية أن "الشريف" قام "بالتحريض على تغيير نظام الدولة بالقوة" و"كراهية النظام"، وقالت النيابة العامة إن "الشريف" متهم بارتكابه "لجريمة الترويج لتغيير النظام السياسي في البلاد باستخدام وسائل غير مشروعة والتحريض علانية على كراهية نظام الحكم وازدرائه"، وهي التهم التي قد يواجه "الشريف" حكماً بالسجن قد يصل إلى 10 سنوات في حال ثبوتها عليه.

وبين المرصد الأورومتوسطي أن "الشريف" كان واحداً من مجموعة من رموز المعارضة في البحرين، تم اعتقالهم في العام 2011، وأدينوا من قبل محكمة عسكرية بتهمة "قيادة احتجاجات واسعة مناوئة للحكومة"، و "محاولة تغيير الدستور والنظام الملكي بالقوة"، واعتبرت المحكمة حينها أن "القوة" لا تنطوي بالضرورة على "استخدام الأسلحة؛ بل يمكن ممارسة القوة عن طريق القيام بأفعال أخرى مثل تنظيم وقيادة المظاهرات الشعبية كأداة للضغط على الحكومة". وحُكم على "الشريف" بالسجن لمدة 5 سنوات.

وأضاف الأورومتوسطي أنه وقبل 9 أشهر من إتمامه هذا الحكم، جرى إخلاء سبيله في 19 حزيران (يونيو) 2015 بعفو ملكي. غير أن السلطات ما لبثت أن أعادت اعتقاله بعد مضي أقل من شهر واحد على الإفراج عنه. ويخضع "الشريف" حاليا للمحاكمة، حيث حددت له الجلسة القادمة في 12 من الشهر القادم (نوفمبر)، فيما اشتكى من تعرضه لظروف قاسية أثناء التحقيق معه، بما في ذلك وضعه في زنزانة قاسية البرودة.

وفي وقت سابق، حكمت المحكمة الجنائية الكبرى في البحرين، على "علي سليمان"، الأمين العام ل"جمعية الوفاق الوطني الإسلامية" المعارضة، بالسجن (4) سنوات، بتهمة "التحريض على الكراهية"، و"التحريض العلني على عدم الانقياد للقانون"، و"توجيه إهانة لوزير الداخلية". وكانت الشرطة البحرينية قد ألقت القبض على "سليمان" يوم (29) كانون الأول (ديسمبر) 2014، بعد إعادة انتخابه لمنصب الأمين العام ل"جمعية الوفاق الوطني الإسلامية" وإلقائه خطابا طالب فيه بالإصلاح السياسي.

ولفت المرصد إلى أن المحكمة رفضت السماح لمحامي الدفاع عن "سليمان" بتقديم أدلة لتبرئة موكله، تتضمن تسجيلات للخطب التي نسبت إليه الاتهامات سنداً إليها، فيما اعتمدت المحكمة في إدانتها لسليمان على شهادة تقدم بها ضابط بوزارة الداخلية البحرينية، ادعى فيها أن سلمان قال "إن الشعب  يستبطن قوة أكبر وأكبر، وكل ما عليك هو أن تستنهض هذه القوة. أنا أتكلم عن قوة عسكرية". فيما يظهر من خلال تسجيل بُثَّ للخطبة على الإنترنت أن "سليمان" قال "أنا لا أتكلم عن قوة عسكرية".

وقال المرصد الأورومتوسطي إن "سليمان" ينتظر حاليا تتمة جلسات محكمة الاستئناف لقضيته، فيما رفضت المحكمة قبول "أدلة براءة"، قدمها محاميه في الجلسات السابقة، وادعى "سليمان" أن النيابة العامة والشرطة لا تعطيه الفرصة للتواصل الفعال مع هيئة الدفاع عنه.

ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات البحرينية إلى اتخاذ خطوات أكثر جدية والتزاما تجاه حقوق الإنسان على أراضيها، والإفراج الفوري عن المعتقلين بصورة تعسفية، لا سيما "الشريف" و"سليمان" و"ميلاد"، ورفع يدها عن المظاهرات السلمية، والسماح للمقررين الخاصين المعنيين بالتعذيب والاختفاء القسري بزيارة السجون في البحرين والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان فيها.