يناير/كانون ثان- ديسمبر/ كانون أول 2021

شهد عام 2021 تصاعدًا كبيرًا في الأحداث في مدينة القدس، إذ حاولت السلطات الإسرائيلية الاستيلاء على عدد من منازل الفلسطينيين في حي الشيخ جرّاح، وكثّف المستوطنون الإسرائيليون وقوات الأمن الإسرائيلية هجماتهم على الفلسطينيين المعتصمين في الحي رفضًا لقرارات إخلائهم من بيوتهم. وفي ذات العام، صعّد المستوطنون الإسرائيليون اقتحاماتهم للمسجد الأقصى، ونظّموا عددًا من الأنشطة التهويدية في استفزاز لمشاعر المسلمين. أشعلت التوترات في حي الشيخ جراح والمسجد الأقصى في مايو/ أيّار 2021 مواجهة بين الفصائل المسلحة في قطاع غزة وإسرائيل، وشنّت إسرائيل هجومًا عسكريًا واسعًا على القطاع أسمته "حارس الأسوار" وقتلت فيه أكثر من 200 فلسطيني ودمّرت آلاف المنازل والمنشآت المدنية. وفي ذات العام، استمرت السلطات الإسرائيلية في عمليات اقتحام الأحياء الفلسطينية في القدس، وأعمال القمع والتنكيل بالسكان، كما استمرت في طرح مشاريع استيطانية جديدة في المدينة، وزادت من وتيرة عمليات هدم بيوت ومنشآت الفلسطينيين في المدينة. وفي ترسيخ لسياسة حظر الوجود الرسمي الفلسطيني في المدينة، امتنعت السلطات الإسرائيلية عن الرد على طلب فلسطيني بالسماح للفلسطينيين في القدس بالمشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية التي كانت مقررة في مايو/ أيّار، وتم تأجيل الانتخابات بسبب ذلك.

 

2879

 
 

مجموع حالات الاعتقال والاحتجاز خلال العام 2021

16

 
 

مجموع حالات القتل خلال عام 2021

18240

 
 

مجموع الوحدات الاستيطانية التي قدمت خطط لبنائها أو صادقت عليها الحكومة الإسرائيلية خلال 2021

410

 
 

مجموع عدد عمليات الهدم التي طالت المنازل السكنية والمنشآت في مدينة القدس خلال 2021

الاعتقال التعسفي

تنتهج السلطات الإسرائيلية سياسة الاعتقال على نحو شبه يومي ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية، إذ اعتقلت خلال عام 2021 ما مجموعه 2879 فلسطينيًا، وفي معظم الحالات، تكون أسباب الاعتقال تعسفية، أو تكتنز نقصًا في الإجراءات القانونية ومعايير الاعتقال والمحاكمة العادلة. وبالإضافة إلى ذلك، كثيرًا ما يرافق هذه الاعتقالات حالات دهم لمنازل الأشخاص المراد اعتقالهم، ونادراً ما يتم إظهار إذن بالتفتيش. وهو ما يخالف القواعد الإجرائية في القوانين الجزائية.

 

الاعتقالات سلاح إسرائيل لترهيب وقهر المقدسيين

تنفّذ قوات الجيش الإسرائيلي مصحوبة بوحدات المخابرات والشرطة، عمليات دهم مستمرة للأحياء والمنازل الفلسطينية في القدس الشرقية بهدف اعتقال المقدسيين، وهي عمليات تحدث غالبا في ساعات الليل أو الفجر على نحو شبه يومي.

لا تفرق حملات الاعتقال بين شاب أو امرأة أو طفل أو كهل، كما لم تفرق بين قيادي أو رمز ديني أو شخص عادي. تركزت الاعتقالات بشكل خاص في قرية العيسوية، تلتها البلدة القديمة وبلدة سلوان، إضافة إلى اعتقالات من ساحات المسجد الأقصى وعن أبوابه واعتقالات متفرقة أخرى من بلدات وأحياء القدس.

خلال عام 2021 نفذت القوات الإسرائيلية نحو 2422 عملية اقتحام ومداهمة للبلدات والأحياء المقدسية، تخللها 2879 حالة اعتقال، من بينها 750 طفلًا، و120 امرأة وفتاة. 

الضرب والاعتداء الجسدي

على الرغم من أنّ القانون لا يعطي أيّ صلاحية لرجال الشرطة أو الجيش بالاعتداء بالضرب على أي شخص مهما كانت الأسباب، إذ إنّ الضرب ليس نوعاً من أنواع العقاب وفق القانون، بل يعتبر بحد ذاته جريمة مستقلة بغض النظر عن أسبابه ودوافعه، إلا أن القوات الإسرائيلية تنتهج الضرب والتنكيل أسلوبًا في تعاملها مع المقدسيين.

يعد التعذيب والضرب والتنكيل من أنماط الانتهاكات الشائعة التي تمارسها القوات الإسرائيلية بحق المقدسيين. خلال عام 2021 تعرض ما لا يقل عن (984) مقدسيًا منهم شبان وأطفال لعمليات تعذيب وضرب بالهراوات وأعقاب البنادق إضافة إلى الأيدي والأرجل أثناء عمليات الاعتقال. تمارس القوات الإسرائيلية كذلك عمليات تعذيب ممنهجة في مراكز التحقيق لمحاولة انتزاع اعترافات بالإكراه من المحتجزين، ويشمل ذلك عمليات الشبح والحرمان من النوم والضغط النفسي.

الاعتداء على فلسطينيين وصحافيين في القدس | مايو 2021

فيديو يظهر اعتداء قوات الأمن الإسرائيلية على صحافيين ومحتجين فلسطينيين في حي الشيخ جراح بمدينة القدس، حيث اعصتم فلسطينيون في مايو/ أيّار 2021 رفضًا لقرار إخلاء منازلهم.

هدم المنازل

ضمن سياسة ممنهجة لتقليص الوجود الفلسطيني في مدينة القدس، تنفذ القوات الإسرائيلية عمليات هدم لمنازل الفلسطينيين وممتلكاتهم، وترفض منحهم تراخيص لبناء منازل جديدة أو منشآت، وتسمح في المقابل ببناء وحدات استيطانية جديدة في الأحياء الإسرائيلية.

أظهرت عمليات التوثيق الميداني أنّ السلطات الإسرائيلية هدمت 312 منزلًا فلسطينيًا في القدس خلال عام 2021
 

بلدة جبل المكبر

في يوم الأربعاء 29 ديسمبر/ كانون أول 2021، هدمت الجرافات الإسرائيلية منزل الفلسطيني حسين بشير في بلدة جبل المكبر بداعي البناء المخالف وعدم وجود تراخيص، وقد حاول سابقًا استصدار ترخيص لكنّ السلطات الإسرائيلية رفضت ذلك.

حي الشيخ جراح

هدمت الجرافات الإسرائيلية في يوم الثلاثاء 9 فبراير/ شباط 2021 منزل الفلسطينية آمنة يوسف في حي الشيخ جراح دون وجود قرار مسبق بهدم المنزل. وقبل أسبوعين من عملية الهدم، هاجموا مستوطنون إسرائيليون المنزل وهدموا سوره الخارجي.

بلدة سلوان

في يوم الثلاثاء 29 يونيو/ حزيران 2021 هدمت الجرافات الإسرائيلية محلاً تجارياً في حي البستان ببلدة سلوان في القدس الشرقية يعود للفلسطيني نضال الرجبي، بداعي عدم وجود تراخيص بناء، وقد حاول استصدار ترخيص سابقًا لكن مساعيه قوبلت بالرفض.

جرافة إسرائيلية تهدم منزلًا لعائلة عليان في بلدة العيساوية بالقدس بحجة عدم الترخيص| فبراير 2021

الإبعاد عن المسجد الأقصى

تصدر أجهزة الأمن الإسرائيلية أوامر إبعاد عن المسجد الأقصى بحق المقدسيين من خلال خمس طرق أساسية:

 

الاستيطان والأسرلة

يُوظف الاحتلال الإسرائيلي أذرعه الحكومية والأمنية والقضائية لفرض تغيير ديموغرافي في مدينة القدس المحتلة، ويطلق يد المستوطنين وجمعياتهم الاستيطانية للسيطرة على أكبر عدد ممكن من الممتلكات الفلسطينية في مدينة القدس، وأسرلة المدينة (بمعنى إعطاءها الطابع الإسرائيلي) وتفريغها من مواطنيها الفلسطينيين. وإنّ من أخطر الإجراءات التي يُمارسها الاحتلال في أسرلة مدينة القدس، هو توظيف الجهاز القضائي الإسرائيلي في تقرير الاستيطان والأسرلة، وإلباسه الثوب القانوني والقضائي، والتلاعب في القوانين والأحكام، والتمييز العنصري بين الفلسطينين والجميعات الاستيطانية في القضايا التي تتعلق بظروف متشابهة

تجريف المقبرة اليوسفية

في 10 أكتوبر/ تشرين أول 2021، جرّفت آليات إسرائيلية أجزاء من المقبرة اليوسفية الملاصقة للمسجد الأقصى من الجهة الشرقية تمهيدًا لتنفيذ مخططات ما يعرف بـ"سلطة الطبيعة" بتحويل المقبرة الإسلامية إلى حديقة عامة للمستوطنين الإسرائيليين، بما يخدم محو الهوية الدينية للمكان.

الاستيلاء على قطعة أرض كبيرة

في 31 أكتوبر/ تشرين أول 2021، أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا قرارًا يقضي بالاستيلاء على قطعة أرض في حي الشيخ جراح مساحتها 4,700 م2، وتعود مليكتها لأربع عائلات فلسطينية وهي، عبيدات، وعودة، وجار الله، ومنصور، بهدف تحويلها إلى حديقة عامة تابعة لبلدية القدس الإسرائيلية. 

تقييد الحريات ومحاربة الوجود الفلسطيني الرسمي

محافظ القدس عدنان غيث خلال إحدى جلسات المحاكمة

استمرت السلطات الإسرائيلية خلال عام 2021 في ملاحقة عمل محافظ القدس، ووزيرها، وأي مؤسسة تمارس أي نشاط لصالح السلطة الفلسطينية في القدس. وخلال العام، تسلّم محافظ القدس عدة قرارات عسكرية ضمن ملاحقات متواصلة له، واستدعي للتحقيق واعتقل عدة مرات. وفي نوفمبر/ تشرين ثان، جدّد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي قرار الإقامة الجبرية المفروض على محافظ القدس منذ عام 2018 أربعة أشهر أخرى، ويشمل القرار حظر تنقله إلى مدن الضفة الغربية وحظر التواصل مع السلطة الفلسطينية.

تسعى السلطات الإسرائيلية إلى قمع أي مظاهر فلسطينية في القدس، وتحارب وجودها بشكل حاسم، إذ تعمل على منع إقامة أية فعالية أو أي دور شعبي أو سيادي للمؤسسات الفلسطينية في مدينة القدس، بما في ذلك ما يتبع منها للسلطة الفلسطينية، سعياً منه لأسرلة المدينة بشكل تام.

إغلاق مقر جمعية تطوع للأمل- نوفمبر 2020

عرقلة إجراء انتخابات فلسطينية في القدس 

طوال الأشهر الأولى من عام 2021، امتنعت السلطات الإسرائيلية عن الرد على طلب فلسطيني بالسماح بتصويت وترشح الفلسطينيين في القدس للانتخابات التشريعية والرئيسية التي كانت من المقرر أن تُجرى في مايو/ أيّار 2021 في جميع الأراضي الفلسطينية. وبسبب عدم رد الجانب الإسرائيلي سواء بالسلب أو الإيجاب على الطلب الفلسطيني، قرر الرئيس الفلسطيني تأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية إلى حين سماح إسرائيل بإجرائها في القدس.

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان يوصي بما يلي

  • على السلطات الإسرائيلية التوقف الفوري عن انتهاكاتها الجسمية بحق الفلسطينيين في مدينة القدس، وخصوصا فيما يتعلق بمنع الفعاليات والتضييق في رخص البناء وهدم البيوت والاعتداء على الحريات العامة بالاعتقال التعسفي والضرب والإيذاء.
     
  • وقف الاستيطان في القدس المحتلة بشكل فوري، والاعتراف بها والتعامل معها كأرض محتلة، ووقف كل عمليات أسرلة المدنية المباشرة وغير المباشرة.
     
  • ينبغي على السلطة الفلسطينية العمل مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن لتقديم شكوى رسمية للمجلس للنظر في الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين من سكان القدس، والممارسات الإسرائيلية الممنهجة ضدهم.
     
  • ينبغي على المجتمع الدولي، ودول الاتحاد الأوروبي على نحو خاص، لعب دور فعّال لحماية المقدسيين وممتلكاتهم من التغوّل والسيطرة الإسرائيلية، وممارسة ضغط حقيقي وجدي على إسرائيل لمنحهم  حقوقهم ووقف الانتهاكات بحقهم.