نعدُّ الجيل القادم من المدافعين عن حقوق الإنسان
على مدار عقود، ومنذ ظهور فكرة نشاط حقوق الإنسان للمرة الأولى، خاضت منظمات حقوق الإنسان معارك ضارية لإحداث تأثير حقيقي ووضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان حول العالم.
اليوم، وبعد مرور نحو ثمانين عامًا، نجحت هذه الجهود والعديد من المشاريع والبرامج في تعزيز حالة حقوق الإنسان في عدة مجتمعات، لكن الغالبية العظمى من تلك المجتمعات ما تزال مهددةً بالسقوط في هاوية وضعها السابق حال تلاشي الأثر المؤقت الذي تتركه أغلب مشاريع الدعم والإغاثة.
السبب الرئيس في كون معظم المشاريع والبرامج لا تترك أثرًا طويل الأمد هو حقيقة أنها تركز بشكل أساسي على الدعم عوضًا عن الفئة المستهدفة، الأمر الذي يجعلها تفتقر إلى الاستدامة، وتُبقي الفئات المستهدفة متلقيةً للدعم بدلًا من مشارك رئيس في عملية دعم حقوقها وحقوق مجتمعاتها.
هذا التركيز على تصميم وإطلاق مشاريع الدعم المؤقت لا يقلل من فاعلية وتأثير عمليات الإغاثة الأولية فحسب، ولكن قد تترتب عليه عواقب عكسية على الفئات المستهدفة كذلك، عبر إبقائهم عاجزين وبحاجةٍ إلى دعم مستمر. جزء من الحل يتمثل في تحديد المجموعات المستهدفة بدقة واختيار الفئات الأكثر تأثرًا وتأثيرًا على مجتمعاتها خلال وبعد انتهاء الدعم.
في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يُشكل الشباب ممن تقل أعمارهم عن 30 عامًا نحو 55%، أي أكثر من نصف مجموع السكان. مع ذلك، فإنهم يبقون أكثر الفئات تضررًا بالنزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية، ويواجهون تحديات متزايدة ومركّبة على مستوى المشاركات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. على سبيل المثال، يُقدّر معدل البطالة بين الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 26%، حسب البنك الدولي، وهو ما يتجاوز معدلات البطالة في أي منطقة أخرى في العالم
حول المشروع
في الوقت الذي تمتلك فيه فئة الشباب القدرة على لعب دور رئيس في دعم المجتمعات وإيجاد حلول للأزمات الإنسانية، يواجه الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديات هائلة فيما يتعلق بالمشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وعادةً ما يعتمد الدعم المقدم لهم على مشاريع مؤقتة غير مستدامة. لذلك، فإن إحدى أهم استراتيجيات وفلسفات عمل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تتمثل في تمكين الضحايا من تمكين أنفسهم ومجتمعاتهم، وتحويل فئاته المستهدفة من متلقين للدعم إلى مدافعين فاعلين عن حقوق الإنسان.
من هذا المبدأ، يطلق المرصد الأورومتوسطي برنامج زمالة الشباب لأجل الحقوق، والذي يستهدف الشبان والشابات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويهدف إلى تعزيز قدراتهم في الدفاع عن حقوق الإنسان في مجتمعاتهم، وتمكينهم من الانخراط في العمل الحقوقي، وخلق فرص عمل لهم من خلال ربطهم بمنظمات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية والمحلية. يمتد برنامج الزمالة على مدار أربعة أشهر، تبدأ في شهر فبراير/شباط وتنتهي بنهاية شهر مايو/أيار 2023.
على مدار 16 أسبوعًا، يقدم البرنامج تدريبًا مكثفًا حول القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وآليات الدفاع عن حقوق الإنسان، وأهم المهارات اللازمة للعمل في منظمات حقوق الإنسان— بما في ذلك البحث والتوثيق والضغط والمناصرة، كما يقدم فترة تدريب عملي ينخرط خلاله المنتسبون في العمل لدى منظمات حقوقية دولية وإقليمية ومحلية شريكة، لتطبيق المهارات التي اكتسبوها بشكل عملي وتحت إشراف مدربين متخصصين وخبراء قانونيين.
يدرب برنامج الزمالة المشاركين على مهارات البحث الميداني وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان وكتابة وإعداد التقارير الحقوقية، وتصميم وإطلاق حملات الضغط والمناصرة واستخدام وسائل الإعلام للدفاع عن ورفع الوعي في مجال حقوق الإنسان.
ويتلقى الأعضاء تدريبًا مكثفًا خلال محاضرات وورش عمل بشكل وجاهي، أو عن بعد للأشخاص المقيمين خارج لبنان. ويدعم الأعضاء مشرفون شخصيون يتابعون عمل كل عضو بشكل فردي، لإعدادهم للشهرين المقبلين – وهي المدة التي يربطهم فيها البرنامج بمنظمات حقوق الإنسان لتلقي التدريب العملي. وينتقل الأعضاء خلال فترة التدريب بين أقسام مختلفة في المنظمات، اعتمادًا على خلفياتهم الأكاديمية وخبراتهم واهتماماتهم الشخصية. في نهاية فترة التدريب، يتوجب على كل عضو إعداد تقرير يتناول موضوعًا يتعلق بقضية حقوق إنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. في نهاية البرنامج، ينضم المتدرب إلى مجتمع الأورومتوسطي الذي يضم أكثر من ألف عضو حول العالم. يشجع المجتمع التواصل المستمر بين الأعضاء ويوفر لهم الدعم اللازم حسب الحاجة من خلال تقديم توصيات وظيفية وتشجيعهم على مواصلة عملهم الحقوقي والإنساني، بالإضافة إلى ترشيح بعض المتدربين لوظائف داخل المنظمة أو لدى المنظمات الشريكة.
يمتد برنامج الزمالة على مدار أربعة أشهر منقسمة على مرحلتين:
المرحلة الأولى: وتمتد على مدار ثمانية أسابيع، يتخللها تدريبات نظرية ومحاضرات مكثفة حول مواضيع مختلفة متعلقة بالقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي والآليات الإجرائية للدفاع عن حقوق الإنسان والخطوات العمليَّة لتحقيق ذلك.
المرحلة الثانية: وتمتد على مدار ثمانية أسابيع، وينخرط خلالها المنتسبون بالعمل الحقوقي من خلال تلقي تدريب عملي في إحدى المنظمات الشريكة للمرصد الأورومتوسطي، حيث يشرف على عمل كل متدرب مشرف خاص يوجه ويقدم الدعم له طوال فترة تدريبه. في نهاية هذه المرحلة، يُتوقع من كل متدرب أن ينجز تقريرًا حول قضية تتعلق بحالة أو بانتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة.
مع نهاية البرنامج سوف يتمكن المشاركون من:
- اكتساب المهارات اللازمة لتعزيز ممارسة والدفاع عن حقوق الإنسان في مجتمعاتهم.
- امتلاك الخبرات اللازمة للعمل في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك البحث والتوثيق والضغط والمناصرة، وتعزيز فرص حصولهم على وظائف في منظمات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية والمحلية.
- إنجاز تقرير يتعلق بقضية بحالة أو بانتهاكات حقوق الإنسان، يُنشر على موقع المنظمات الشريكة وعلى موقع المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
- الانضمام إلى مجتمع الأورومتوسطي المكوّن من أكثر من 1,000 عضو حول العالم.
الانضمام لبرنامج الزمالة
يستقبل برنامج الزمالة في كل دفعة 20 منتسبًا من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يتوجب على المتقدمين للانتساب أن يكونوا:
- في المرحلة العمرية بين 20 و29 عامًا.
- طلاب جامعيين في السنة النهائية أو حاصلين على شهادة بكالوريوس أو ماجستير في الحقوق أو القانون الدولي أو حقوق الإنسان أو العلوم السياسية أو العلاقات الدولية أو اللغة الإنجليزية أو الإعلام، أو أي تخصص آخر ذي علاقة.
- عاطلين عن العمل خلال مدة البرنامج.
- مواطنين في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويعيشون داخل المنطقة أو خارجها.
- متمكنين من اللغتين العربية والإنجليزية قراءةً ومحادثةً وكتابة.
- قادرين على استخدام التكنولوجيا بكافة أدواتها، بما في ذلك الحاسوب والإنترنت.
- يمتلكون خلفية مقبولة حول حقوق الإنسان والقانون الدولي.
- قادرين على الالتزام بحضور جميع المحاضرات والاجتماعات والتدريبات على مدى شهرين (شخصيًا في لبنان وعبر الإنترنت للمقيمين خارج لبنان).
- قادرين على الالتزام بفترة التدريب لمدة شهرين آخرين لدى إحدى المنظمات الشريكة للأورومتوسطي، والقيام بجميع المهام والنشاطات الموكلة إليهم.
تقارير المنتسبين
بعد إتمام مدة التدريب النظري على القانون الدولي الإنساني وتوثيق الانتهاكات وصياغة التقارير الحقوقية، يبدأ المنتسبون في برنامج الزمالة المرحلة الثانية من التدريب، والتي تتضمن تدريبًا عمليًّا في إحدى المنظمات الحقوقية الدولية أو الإقليمية أو المحلية. خلال مدة شهرين، يعمل المنتسبون مع مشرفيهم على توثيق الانتهاكات في بلدان إقامتهم، ليختتموا مشاركتهم في برنامج الزمالة بإنتاج تقارير حقوقية تعالج قضايا مختلفة. يوجه كل منتسب خلال فترة إعداد التقرير مشرف خاص توكله المنظمة التي يتلقى فيها المنتسب تدريبه العملي، ولا يشرف المرصد الأورومتوسطي -في غالبية الحالات- على إعداد تلك التقارير أو مراجعة أو تدقيق المعلومات الواردة فيها.
تقارير الدفعة الأولى – 2023:
- الحق في العمل للأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان – سلمى السمان، مع مؤسسة سكاي للأبحاث والاستشارات
- حماية الصحافيين والصحافيات في العالم العربي – حنين العواودة وأمل طعم الله، مع مؤسسة مهارات - لبنان
- الاستعراض الدوري الشامل - اليمن – نوار الحاج ومحمد الأرناؤوط، مع لجنة دعم الصحفيين (JSC)
- تأثير الأزمة الاقتصادية والمالية على حقوق الإنسان في لبنان – باسكال خضير، مع منصة "درج" الإعلامية